في يوم الاسير الفلسطيني الاسرى الفلسطينيين في القلب ام في الميزان

بقلم: أكرم أبو عمرو


يعز علينا مرور هذه المناسبة مناسبة يوم الأسير الفلسطيني ، دون كتابة كلمة بحق الأسرى ، على الرغم من كتابتنا العديدة ما بين تقارير وأوراق عمل ألقيت في مؤتمرات حول الأسرى ومقالات والجميع منشور ، يأتي هذا اليوم وما زال هناك آلاف الأسرى قابعين في غياهب السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، أناس آمنوا بالله ربا ، وبفلسطين وطنا وقضية ، وقفوا بكل كبرياء وقوة وإرادة صلبة ليقولوا للمحتل لا لن تمروا ، فكان نصيبهم ما هم فيه الآن من الأسر ، وهذا هو حال المناضلين المجاهدين في كل مكان فإما نصرا مؤزرا ، أو شهادة عند مليك مقتدر ، أو اسر لا ينقص من كرامة بل يزيدها عزة وشموخا ، هؤلاء منهم من وقع تحت الأسر أثناء المعارك مع العدو ، ومنهم من اختطف من بين زوجته وأطفاله ومن بين والديه وإخوانه ، هؤلاء هم الشهداء الأحياء ، نعم شهداء أحياء ، فمنهم الآن من يصارع الموت بإضرابه عن الطعام ، وبنضاله حنى داخل المعتقلات ، وآخرون مرضى يعانون من الإهمال الطبي ، وآخرون يتعرضون إلى عقاب على صمودهم ونضالهم .
في كل مراحل التاريخ ، لم نسمع عن اسري لدى الجهات المعادية ، لم يفرج عنهم بعد انتهاء الحروب ، إلا الأسرى الفلسطينيين ، فقد انتهت الحروب بيننا وبين إسرائيل ، بتوقيع الاتفاقيات والهدن المتكررة ، وتحول مصطلح الحرب عندنا إلى مصطلح انتهاكات واعتداءات فقط ، فقط تقوم مراكز حقوق الإنسان بإحصائها ورصدها لأغراض إعلامية فقط ، ومع ذلك لم يفرج عن الأسرى ، على مر التاريخ لم نسمع عن أحكام بالسجن تصل إلى عدد من المؤبدات في حالة الأسرى الفلسطينيين ، فكثير منهم حكم عليه بالسجن يصل عشرات السنين بل عند العض مئات السنين ، يعني المراد أن يستشهد الأسير داخل السجون ، كل هذا يجري تحت مرأى ومسمع أصحاب القانون الدولي والإنساني ، وأصحاب اتفاقية جنيف الرابعة ، والذين لم نسمع منهم سوى عبارة انتهاك لهذه القوانين .
لهذا فالأسير الفلسطيني أصبح له موقعا في القلب الفلسطيني ، فليس غريبا تواصل حملات التأييد الشعبي للأسرى من مسيرات واعتصامات واضرابات تضامنية ، ومناشدات وكتابات إلى آخرة ، ولكن هل هذا يكفي ، كل هذه الفعاليات باتت لا تجد إلا أذانا صماء وعيون مغمضة ، وأفواه مكممة .
أن الأسرى في حاجة إلى جهد أكبر فلسطينيا ، وخاصة أنهم أصبحوا من صلب قضيتنا ، فالأسرى هم عنوان وحدتنا ،عنوان اتفاقنا ، عنوان نضالنا من اجل الحرية ، وهم على الرغم من تواجدهم قسريا داخل السجون والمعتقلات إلا أنهم ليسوا بعيدين هن همومنا ، وصراعنا مع المحتل .
الأسرى في قلوبنا نعم ، ولكن لا يكفيهم ما يقوم به شعبنا من تأييد ودعم ومناصرة من خلال الفعاليات المختلفة والشعارات المتعددة ، لان قضية الأسرى ليست قضية إنسانية فحسب ، بل هي قضية وطنية تماما كقضية نهب الأراضي والاستيطان، وأعمال القتل والتشريد بين أبناء شعبنا ، إن وجود الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية وما يتعرضون له من أدوات قمع، هو في حد ذاته جريمة بل جريمة حرب تقترفها قوات الاحتلال بحق أبنائنا ، فلا بد من تطوير أساليب دعمنا ومناصرتنا للأسرى ياجراءات عملية بعيدة عن الشعارات والبيانات التي استمرأها أعدائنا وأصبحوا لا يلقون لها بالا .
يأتي يوم الأسير وقد حقق شعبنا انجازا وطنيا ربما هو الانجاز الأهم عبر تاريخ نضاله الطويل إلا وهو الحصول على اعتراف أممي باعتبار فلسطين عضوا مراقبا في الأمم المتحدة ، وهذا الانجاز يتيح لفلسطين كدوله الانضمام إلى العديد من المؤسسات الدولية ذات العلاقة ، كما يتيح لفلسطين ملاحقة مجرمي الحرب للإسرائيليين من خلال المحكمة الجنائية الدولية ، تستطيع دولة فلسطين حمل ملف الأسرى الفلسطينيين إلى هذه المحافل ، مطالبة إسرائيل بسرعة الإفراج عنهم ، بل وتعويضهم عما لحق بهم من إضرار مادية وجسمية ومعنوية ، هذا ما يريده الأسرى الفلسطينيين ، فلا نتركهم تحت رحمة السجان الإسرائيلي ، إن التوجه الفلسطيني إلى محكمة الجنايات سوف يكشف الوجه القبيح لإسرائيل وسياستها ، وبالتأكيد فإن كافة القوانين ذات العلاقة هي في صالح فلسطين ، وتعلم إسرائيل ومن وراء إسرائيل بذلك ، فليس غريبا أن نجد أن من أول المطالب الأمريكية الأخيرة من الفلسطينيين عدم التوجه إلى المحاكم الجنائية الدولية من أجل حماية إسرائيل من وطأة العقوبات التي ستلحق بها دوليا إذا ما وصل ملف الأسرى إلى هناك ، في مقابل بعض الإغراءات المادية
نعم إن الأسرى في القلوب ، لكن ضعوهم في الميزان ستجدونهم أثقل كثيرا من التعاطف والتأييد عبر المسيرات والاعتصامات وغيرها ، فإن كان من يشاركون في هذه الاعتصامات والمسيرات والإضرابات لا حول لهم ولا قوة ، فعلى جميع القوى والفصائل ، والسلطة الوطنية الفلسطينية التي ربما تنسى أنها أصبحت دولة الدور الأكبر .في يوم الأسير نأمل من يتحرك ملف الأسرى بسرعة نحو محكمة الجنايات الدولية بعيدا عن الرغبة الأمريكية والإسرائيلية ، لفضح إسرائيل على الأقل ، هذا اقل ما يمكن عمله تجاه الأسرى ، ولا يسعنا هنا إلا أن نتوجه لأسرانا بكل تحية وإعزاز وإكبار ، وعزائنا هو إنكم إذا كنتم اسري داخل معتقلات في غرف مظلمة، فالوطن كله أسير ، أسير الاحتلال ، أسير الصراعات ، أسير الانقسام ، كان الله في عونكم وعوننا .

بقلم أكرم أبو عمرو
غزة – فلسطين

17/4/2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت