عملية نهاريا البطولية ، عملية الشهيد القائد جمال عبد الناصر تاريخ يتجدد كل عام في ذكرى استشهاد اثنين من ابطالها، لأن ما قدموه نموذج نضالي لا يمكن أن تمحوه السنين والأيام، واليوم هم يعيشون في قلب وضمير كل المناضلين وهم كانوا شعلة النضال حيث اناروا بدمائهم ارض فلسطين ،ابطال عملية نهاريا البطولية، تلك العملية الفدائية الجريئة، التي قام بها الابطال ، المحررين احمد الابرص وسمير القنطار ، واسنشهد فيها عبد المجيد اصلان ماجد ومهنا سليم المؤيد حيث اكدوا على اهمية توحيد الشباب العربي وانتمائه لقضية فلسطين.
ذات ليلة ربيعية شديدة السواد فالقمر يتجنبه عشاق السلاح العابرون نحو الوطن فكان 22 نيسان من العام 1979 ، وقف الشهيدان القائدان ابو العباس وسعيد اليوسف على الشاطئ ليودعوا ابطال العملية بعد ان ودعهم الشهيد القائد طلعت يعقوب وهبط القارب في البحر حاملا ابطال عملية نهاريا البطولية ، عملية الشهيد القائد الخالد جمال عبد الناصر ، حيث تمكن ابطال المجموعة من الوصول الى الشاطىء الفلسطيني المحتل، ليخوضوا معركة شرسة مع قوات العدو ، على الساحل الفلسطيني في "نهاريا" حيث هزت كيان الغزاة، لم تكن "مغامرة" ولا ردة فعل آنية، بل كانت حلقة في سلسلة متكاملة من المواجهات المسلحة مع العدو في أكثر من مكان، مارستها جبهة التحرير الفلسطينية، داخل الوطن المحتل، وعبر الحدود التي رسماها "سايكس و بيكو" ، وتمكن ابطال المجموعة من احتجاز عدداً من الرهائن، وطالب ابطال المجموعة بإطلاق سراح الاسرى في سجون العدو، لكن العدو الصهيوني، لم يبال بأسراه، فشن هجوماً كبيراً على هؤلاء الابطال، ومعهم الرهائن، حيث استطاع ابطال المجموعة أن يكبدوا العدو خسائر فادحة، قبل أن تصعد أرواح اثنين من ابطال المجموعة إلى السماء لتنيروا درب الحرية والاستقلال والعودة .
في ذكرى عملية نهاريا ، لا بد من القول، ان الانجازات الكبيرة التي حققها الشعب الفلسطيني على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والدبلوماسية لم تكن لتتحقق لولا العطاء اللامحدود الذي قدمه شهداء الثورة الفلسطينية. وفي كل مرحلة كان الشهداء هم ابطال المرحلة ورجالها وعناوينها وانوارها الساطعة. فشجرة الثورة والصمود والمقاومة كانت تسقيها على الدوام دماء الشهداء، فضلا عن عرق المقاتلين والمناضلين الثوريين. وبتضحياتهم الجسام بقيت فلسطين شعبا وقضية حاضرة بقوة في كل الميادين والمحافل، ولم يستطع العدو االصهيوني رغم كل مؤامراته وعدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني أن يحجب شمس المقاومة او يكسر ارادة هذا الشعب العظيم، وما زالت راية فلسطين خفاقة بإنتظار اشراقة شمس الحرية واستعادة الحقوق الوطنية.
نستذكر اليوم شهداء عملية نهاريا وشهداء فلسطين وفي مقدمتهم فارس فلسطين الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ابو العباس ، هذا القائد الذي قضى غيلة في احد أقبية سجون الاحتلال الأمريكي في العراق بسبب انتمائه الوطني ، ومواقفه الوطنية والقومية العروبية الصلبة ، وتمسكه بثوابت وحقوق شعبه الوطنية ، وتبنيه لنهج الكفاح والمقاومة ضد المحتلين الغزاة في فلسطين ، أو في أي مكان في الوطن العربي والعالم ، ورفاق دربه القادة طلعت يعقوب وابو احمد حلب وسعيد اليوسف وابو العز وابو العمرين وحفظي قاسم وجهاد حمو وبرهان الايوبي وكل شهداء جبهة التحرير الفلسطينية من قادة ومناضلين وشهداء الثورة الفلسطينية وفي مقدمتهم رمز فلسطين الرئيس ياسر عرفات والقادة جورج حبش وابو علي مصطفى وامير الشهداء ابو جهاد الوزير وسمير غوشه والشيخ احمد ياسين وفتحي الشقاقي وعبد الرحيم احمد ومانديلا فلسطين عمر القاسم وكل شهداء الشعب الفلسطيني حيث تركوا وراءهم إرثاً عظيماً ومسيرة مشرفة نفتخر بها، كما تركوا وراءهم اجيال من المناضلين الأشداء الذين حملوا الامانة ولا زالوا يواصلون طريق المقاومة والنضال، من أجل فلسطين، ومن اجل الحقوق الوطنية. وذكراهم الخالدة تحمل رسالة لشعبهم ولكل القوى والفصائل الوطنية بالتعجيل في انهاء الانقسام وإنجاز المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية وفاءً للأهداف التي ضحى من أجلها الشهداء.
ونحن اليوم نؤكد ان مسيرة الشهداء ومسيرة الشهيد القائد ابو العباس وكل القادة والمناضلين ستبقى مسيرة العطاء في عقول الذين ساهموا في هذه التجربة الكفاحية الطويلة للثورة الفلسطينية ، الوفاء لذلك يستدعي العودة منا الى استخلاص التجارب والدروس والعبر الوطنية ، بما يخدم نضالنا الوطني في الوقت الراهن.
إن نضالنا الوطني يجب ان يأتي في صلب الخط السياسي ، ولكن للاسف ما يجري اليوم هو نبذ المقاومة والانقلاب على البرنامج الوطني في ظل الانقسام الفلسطيني ، فليس امام الجميع الا رسم استراتيجية وطنية ، تستند الى وحدة وطنية فلسطينية حقيقية ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك بالثوابت الفلسطينية وبكافة اشكال المقاومة ، هذا هو الطريق الذي سيعيد ضخ الدماء من جديد في عروق نضالنا وهذه هي النصيحة الوحيدة ، وخاصة أن جميع الأحرار من أبناء شعبنا تواقين لها ولن يكونوا إلا إلى جانبها ومعه.
ان فلسطين بهذه العمليات البطولية التي اكد فيها المناضلين الفلسطينيون والعرب والاحرار من اصقاع العالم ، اكدت على اهمية العمق العربي للثورة الفلسطينية، وكان هذا ينعكس إيجابا على معنويات المقاتل الفلسطيني، عندما يرى ان الشعوب العربية ومناضليها مستعدون للتضحية في سبيل فلسطين.
فمن هذا الموقع وفي ذكرى عملية نهاريا البطولية نتوجه بالتحية لأولئك المناضلين الذين اندفعوا لحماية فلسطين بقصد حماية حقهم في أرضهم والتأكيد على الهوية العربية لهذه الأرض التي قاتل فيها حتى الاستشهاد مناضلون واحرار من كافة بقاع الارض العربية والعالم.
ختاما : ان فلسطين كانت ولا تزال القضية المركزية للامة العربية ، فمعنى ذلك ان التحدي سيظل مفتوحاً ينتقل من جيل الى جيل حتى تتحرر ارض فلسطين لتكون عنوان مستقبل الامة العربية.
كاتب سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت