اشرأبت أعناق المتابعين للإحداث المتجددة في مصر أم الدنيا ,بتنا لا نعرف النوم ونحن نتابع آخر المستجدات على الساحة المصرية , ليس خوفا على النصر فالنصر آت بإذن الله , ولكن خوفا على إراقة الدماء الزكية الطاهرة , وخوفا على نتائج الانقلاب العسكري الذي أدى الى رشق رحيق الثورة من مظانها , والعودة الى ما قبل الثورة , والسؤال الذي يطرح نفسه دائما ,لماذا كلما حقق الاسلاميون نجاحا قابله العلمانيون والليبراليون بالانقلابات وهذا ما حصل فعلا في الجزائر وفلسطين وتركيا وها هو يتكرر الان في مصر ؟
والإجابة لا تتعدى الكلمتين حرب بين الحق والباطل .
عندما ننظر الى الوضع السياسي والاقتصادي في زمن ما بعد الثورة نجد أن هناك تغيرات عظيمة , وأريد أن اقف على خطوة هامة تقدم به الرئيس المصري وهي السعي الحثيث للانضمام الى مجموعة دول البريكس , وهذه المجموعة تتكون من خمس دول هي البرازيل, الصين , روسيا , جنوب افريقيا , الهند , وتعتبر هذه الدول من أسرع الدول نموا وتشكل ربع مساحة اليابسة وتشكل ايضا 40 %من سكان العالم , أي انها مجموعة ناجحة جدا للاستثمارات والتسويق والتنمية , والتي سوف تنافس مستقبلا الدول الصناعية , ودخول مصر هذه المجموعة وتحقيق هذا النجاح له وزنه العظيم في ميزان العلاقات الدولية والاقتصادية ولكن الانقلاب على الشرعية جعل جنوب افريقيا ترفض وكثير من الدول اعادة النظر في كافة العلاقات .
والرئيس المصري حقق انجازات عظيمة خلال عام رغم المديونية العظمى والتي تبلغ 212 مليار دولار, ولكن وقع مرسي باخطاء وهذه الاخطاء بسببها جاء البلاء من الله كدرس لاعادة النظر بالمشروع السياسي والمشرع الاقتصادي التنموي ومن اعظم هذه الاخطاء الانجرار والتفاوض مع البنك الدولي , والذي نعرف جميعا أن البنك الدولي لن يكون إلا مصيدة لها , وأذكرهنا تجربة ماليزيا التي ضربت بعرض الحائط كافة قرارات البنك الدولي ورفضت حزم المساعدات المقدمه لها , وكانت هي الوحيدة المتعافية بسرعة من ازمة النمور , ناهيك على ذلك التلطف في التعامل مع آفات المجتمع , فمثلا هم مستعدون لمنع الناس من صلاة الفجر ومنع المظاهرات السلمية ليثبتوا في الحكم , اليس الحق بأهل الاسلام أن يكونوا أشداء على دينهم من شده هؤلاء على علمانيتهم !! وكان يجب إغلاق النوادي الليلية ودور السكر والشذوذ وشواطئ العراه , فالذي حصل اننا خفنا على غضبهم ولم نخف على غضب الله عز وجل وأمر الله اولى أن ينفذ من أمر العبد , واسأل الله عز وجل ان يتعلم الرئيس مرسي من هذه الاخطاء وأن يتحدوا مستقبلا مع التيارات الاسلامية الاخرى , فكما كانت الضرورة تبيح الدخول في مخلفات العلمانية والانتخابات فان الضرورة والاولى أن نتوحد مع أهل الاسلام في كل مكان لتحكيم شرع الله عز وجل .
ولا ننسى شدة اليبراليين والعلمانيين على الاسلام فمنع المصلين من صلاة الجماعة في تونس لعقود , ومحاربة الاسلاميين في مصر لعقود عدة , وفي معظم البلاد الاسلامية , وعندما تمكن الاسلاميين كان يجب على الاسلاميون محاربة آفات المجتمع بحزم وقوة وإصرار , وهذا ما كان عليه الخلفاء الراشدون , رضوان الله عليهم , فالخليفة ابو بكر الصديق وبعد وفات الرسول صل الله عليه وسلم , ترك الناس الزكاه والصلاة وبدأت حروب الردة ولولا الشدة والغلظة عليهم لما استطاع احتواء الوضع , وهاهو عمر ابن الخطاب الشديد الذي كان يخيف الشيطان من شدته , ولولا شدة وإصرار صلاح الدين الايوبي لما حرر الاقصى من دنس المشركين .
انقلب السحر على الساحر لك الله يا مصر الشرعية المصرية برئيسها محمد مرسي هي صنوا للنمو والتطور في مصر والانقلاب على الشرعية جاء بالخير إن شاء الله , وسيزداد المؤيدون للشرعية وسيعود الرئيس للحكم ولكن بعد درس عظيم وأهمه الغلظة والشدة وتدمير اوكار اهل الفتن والبلابل ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب , حيث أن الرئيس وضع رجال في مناصب لا يستحقونها وإنما كان الهدف لإرضائهم , وهذا الخطأ بعينه .
وأرى أن المؤيدين للشرعية سيبقون في الميادين حتى الثمالة , ولكن يجب على القيادات الميدانية اتخاذ اجراءات وقرارات سريعة للاستفادة من تحمس الشارع , حتى تأتي الثورة بأكلها وإتباع خطط متغيرة ومتجددة .
ان الله عز وجل ابتلى الانبياء وهو قادر على نصرهم بلا ابتلاء , ولكن جاء هذا الابتلاء لتأهيل أهل الحق في كيفية التعامل مع الظواهر المختلفة وتمحيص المؤمنين , والآن أصبح أهل مصر الشرفاء بقيادتها المنتخبة شرعيا مؤهلين لإدارة شؤون البلاد , وخاصة بعدما عرف المنافق من غيره , ولينصرن الله من ينصره .
فيا ثورة كل الاحرار استمري والطريق شُق الان فلا تعجلي
والنصر قادم فيا مصر اصبري وشرع الله سيقام فيا قدس ابتهجي
انت في قلب كل مسلم فلا تقلقي فالمشوار بدأ من مصر والقدس محطتي
والطريق محطات كثيرة فلا تَقِفي حتى بلوغ الشرق والغرب فيا اندلس لا تحزني
اللهم اجعل عصرنا عصر الإسلاميين وأبعدنا عن العلمانيين والليبراليين واجعل الحكم بالإسلام واجمع شمل المسلمين تحت راية واحدة يا ارحم الراحمين, اللهم لا تجعلنا نفتخر بحزبية ولا رجعية فقد دمرنا الشقاق وأبعدنا عن سبيلك , اللهم اجعل الاسلام فخرنا وعليه حياتنا وبه مماتنا يا رب العالمين , اللهم انا نشهدك اننا مسلمون كما سمانا ابينا ابراهيم , وعلى نهج نبيك محمد المصطفى الامين والحمد الله رب العالمين .
بقلم د حسين موسى اليمني
كاتب في العلاقات الدولية والاقتصادية
بتاريخ 07-07-2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت