في ظل الوضع العربي الرديء نرى مشهداً فلسطينياً أكثر رداءة وأكثر سخرية وسوءاً ، مشهدٌ فلسطيني يلتقي فيه القاتل بالضحية ، يلتقي فيه ممثلو الليكود وشاس بأعضاء من اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لحركة " فتح " ، ويأتي هذا اللقاء في المقاطعة برام الله على وقع قانون (برافر) الداعي إلى طرد نحو ثلاثين ألفاً من أبناء شعبنا في النقب من بيوتهم ، حيث كان لكل من الليكود وشاس الدور الأكبر في إقرار هذا القانون من القراءة الأولى في الكنيست ، أضف إلى ذلك الدور الذي يلعبه كل من الليكود وشاس في توسع الاستيطان على أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، ومن المؤسف حقاً أن يصل المشهد الفلسطيني بسوءه إلى اللحظة التي يتمنى فيها المسؤول الفلسطيني السلامة لعافوديا يوسف الأب الروحي لحركة شاس والذي يستند فكره العدواني على قاعدة " أن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت " ، ويجب قتل الفلسطيني كما تقتل الحشرات والديدان سحقاً بالأقدام ، فأية مفارقة غريبة هذه ، بل ليس في ذلك غرابة ، طالما نقر ونعترف صباح مساء بأنّ من يحتل أرضنا هو جار لنا وليس عدوّاً لنا ، فما علينا إلا أن نحترم هذا الجار ويصبح حقه علينا أن نورثه ، وهذا ما يحدث حقيقة ، فالغزاة الصهاينة قتلة شعبنا أصبحت أعمالهم الاستيطانية لا تلقى من القيادة الفلسطينية سوى كلمات الاستنكار والشجب والتنديد وعلى استحياء من العدوّ الأمريكي الصهيوني ، وكأنّ الفلسطيني يأخذ الأذن من أصحاب المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني في أن ينتقد الاستيطان من باب الاستهلاك الإعلامي في الشارع الفلسطيني .
كيف يجرؤ هذا البعض الفلسطيني على فعل هذه الجريمة بحق فلسطين الأرض والشعب ، حيث يتصرف هذا البعض الفلسطيني بمصير القضية الفلسطينية على نهج القاعدة الصهيونية بأنّ فلسطين أرض بلا شعب ، وليست هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتصرف فيها هذا البعض الفلسطيني بهذه الطريقة المهينة للشعب العربي الفلسطيني ،وكأني باستقبالهم قتلة شعبنا في المقاطعة يباركون ما فعله الصهاينة قبل أيام في الحرم الابراهيمي حيث حولوه إلى ملعب رياضي ، هل إلى هذه الدرجة أصبح التنازل عن كل شيء سهلاً ، أم أنّ من تنازل عن حق واحد فسيكون تنازله عن بقية الحقوق سهلاً ، فقد استمرأ هذا البعض الفلسطيني التفريط بحقوق الشعب والوطن ، وأصبح الأمر سيّان لديه ، إن تنازلَ في الأقصى أو تنازلَ في الحرم الابراهيمي أو تنازلَ في المقاطعة ، فلم يعد لديه أي شيء فلسطيني مقدس ، والمقدس الوحيد لديه هو المبادرة العربية وخارطة الطريق الأمريكية ، وما دون ذلك فهو تفريط وتفريط وتفريط .
النار من حولنا تلتهم الأخضر واليابس ، لا تفرق بين الغث والسمين ، والكل يأكل الكل ، والبعض الفلسطيني يتعامى عن كل ذلك ، وكأن الشعب الفلسطيني يعيش على كوكب آخر ، وهذا البعض الفلسطيني يعتقد بأنّ الفلسطينيين ليسوا بشراً كالبشر فهم لا يرون ولا يعقلون ولا يفهمون ولا يفكرون ، فليفعل هذا البعض ما يشاء تحت شعار إلهي يقول " فليعبدوا ربّ هذا البيت ، الذي أطعمهم من جوع ، وأمنهم من خوف " ، ورحم الله ياسر عرفات عندما كان يردد ( أنا لا أقود قطيعاً من الغنم ) ، ولكنّ البعض الفلسطيني يحوّل الشعب الفلسطيني إلى عبيد في بلاط المقاطعة حيث لا يريد أن يـسمع سوى كلمة واحدة " أمرك مولاي " ، لكنّ النار التي تحيط بنا ستلسعنا ويجرنا لهيبها إلى وسط الحقيقة لا ليحترق شعبنا بها ، بل لينهض شعبنا كله صارخاً في وجه المأساة الفلسطينية الممتدة على مساحة الوجود الفلسطيني كله ، أيها الحاكمون بأمر الله إنكم عراة من كل شيء ، فقد بانت سوءاتكم أكثر فلن تستطيعوا لها سترا ، فإلى أين ستفرون من غضب شعبكم ، ستناشدون الأرض أن تبلعكم ، ولكنّ الأرض الفلسطينية ستلفظكم لأنكم دنستم أديمها بأقدام قتلة شعبها ، وغضب الشعب العربي الفلسطيني لن يكون مفاجأة لكم لأنكم تعلمون حقيقة أفعالكم .
حمص في11/7/2013 صلاح صبحية
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت