صفقة كيري للمفاوضات لإنقاذ اوباما بعد الفشل

بقلم: وليد العوض


مازال الغموض يكتنف صفقة السيد جون كيري التي ستستأنف بموجبها المفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال ،،، لكن ما رشح حتى الان من بنود لهذه الصفقة يشير بوضوح انها جاءت دون تلبية الاسس التي حددتها القيادة الفلسطينية قبل اربعة اعوام فهي لم تأتي بوضوح على ان المفاوضات تستأنف على اساس حدود الرابع من حزيران عام 1967 كما انها تلزم دولة الاحتلال بوقف الاستيطان وهو المطلب الاساس الذي طالما تمسكت به القيادة الفلسطينية ،كما وان صفقة كيري تجاوزت مسالة الافراج عن الاسرى القدامى واكتفت بترك الامر خاضعا للرغبة الاسرائيلية التي خبرناها منذ وقت طويل ، علاوة على ما تضمنه الصفقة من وعود اقتصادية مخادعة ليست الاساس لدى شعبنا التواق للحرية والاستقلال وبالرغم من كل هذه النواقص التي يشكل القبول بها هبوطا بسقف المطالب الفلسطينية وجدنا ان الرئيس ابو مازن قد وافق عليها وفوض السيد صائب عريقات بالتفاوض على اساسها هذا رغم ان القيادة الفلسطينية رفضت ذلك خلال اجتماعين عاصفين يوم الخميس .

إن القراءة الموضوعية لمجمل التطورات التي حدثت شهدتها المنطقة في الاونة الاخيرة تشير بوضوح ان المشروع الامريكي في انحسار خاصة بعد فشل رهانه على قوى بعينها لإقامة الشرق الاوسط الكبير وضحيته الاولى الحقوق ألفلسطينية عبر ما يسمى بالحل الاقليمي، وقد جاءت معالم انحسار المشروع الامريكي فيظل المستجدات التي شهدتها مصر وسوريا وتونس وأمام هذا الفشل للمشروع الامريكي كثف كيري من مساعيه لإنقاذ اوباما وإدارته التي تنتظر المساءلة امام الكونغرس وقد تركز جهده لتحقيق انجاز ما في ملف عملية السلام وها هو اليوم باختراقه هذا يحقق ما سعى له من انجاز محاولا انقاذ اوباما من حبل الفشل الذي يلتف حوله وللأسف فقد جاء هذا الانقاذ عبر الموافقة على صفقة كيري المشئومة ، الامر الذي يطرح تساؤلا لماذا هذا الإصرار على انقاذ السيد اوباما وإدارته التي طلما تآمرت على شعبنا الفلسطيني ،، رغم أن رأي القيادة الفلسطينية بمجملها كما اسلفت كان غير ذلك .

إن هذا يمثل دون شك استخفافا برأي رفاق الدرب وإخوة المصير من قبل من أتخذ قرار الموافقة على صفقة كيري ، لهذا فقد كان موقف حزب الشعب واضحا في رفض استئناف المفاوضات دون التزام اسرائيلي واضح باستناد المفاوضات الى حدود عام ١٩٦٧ والى وقف الاستيطان والتمسك بإطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين وقد اعتبر الحزب أن اية موافقة دون ذلك ستساعد دولة الاحتلال في مساعيها الرامية الى احباط المواقف الدولية المتنامية والرافضة للاستيطان والاحتلال وإجهاض حملة التضامن الدولي مع شعبنا خاصة بعد الموقف الاوروبي الاخير ، وهي ستعمل على ايهام العالم بان مفاوضات قد انطلقت لكنها دون مرجعية ودون التزامات واضحة بوقف الاستيطان الامر الذي سيجعل من مجمل هذه العملية مهزلة يستفيد منها الاحتلال دون سواه.

كما كان الحزب قد أكد خلال اجتماعات القيادة الفلسطينية على رفضه ربط مرجعية حدود عام ١٩٦٧ بتبادل الاراضي باعتبار أن هناك فرق كبير بين ان يصبح تبادل الاراضي جزءا من المرجعية وأن اسرائيل والولايات المتحدة ستستغل الموافقة التبادل الاراضي لشرعنة الاستيطان والاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى التي يصبح معها الحديث عن الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران اضغاث احلام .

إن الغموض الذي ما زال يكتنف صفقة كيري والاختراق الذي يجري الحديث عنه هو اختراق في الموقف الفلسطيني وهي محاولة امريكية جديدة لإعطاء الاولوية للحل الاقتصادي على الحل السياسي وهو ما تفسره تصريحات كيري المتلاحقة عن الرخاء المزعوم بعد استئناف ألمفاوضات وللأسف فقد وقع البعض ضحية هذا الخداع ونعتقد بحزم ان هذا الوهم سرعان ما سيتبدد لكن نخشى أن تتبدد معه ثقة المواطن الفلسطيني بالقيادة التي طالما اعلنت تمسكها بعدم استئناف المفاوضات إلا بتحقيق الاسس الثلاث وها هي تمضي للمفاوضات دون تحقيقها الامر الذي يجعل الثقة بها تهتز بعد أن كانت متأرجحة طيلة ما مضى من وقت استنزفت فيه الطاقات على مفاوضات ثبت انها دارت في حلقة مفرغة ونخشى ان نعود لذات المربع المشئوم وحينها لا ينفع الندم.

*عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت