هدف الحرب على سوريا تدمير روافع المشروع القومي العربي

بقلم: راسم عبيدات

الأساطيل والبوارج وحاملات الطائرات الغربية والأمريكية تحشد وتقترب من الشواطىء والسواحل السورية،والهدف هو ضرب سوريا من اجل تدمير جيشها وتقسيم جغرافيتها،تحت نفس الحجج والذرائع التي سيقت لقصف وغزو العراق وإحتلاله،العراق كانت كذبة حيازته لأسلحة الدمار الشامل التي ابتدعها قتلة أطفال العراق جورج بوش الأب والإبن وبلير، من قبل تلك القوى الإستعمارية الغربية المجرمة،لكي تحتل العراق وتسيطر على مقدراته وتنهب خيراته وثرواته،وتدمر جيشه وتقسم جغرافيته وتعيد عجلة تطوره العلمي والإقتصادي عشرات السنين للوراء.
واليوم تساق نفس الحجج والذرائع والأكاذيب،حيث الحجة والذريعة،هي استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية،وهنا تثار الكثير من علامات الإستفهام والتعجب حول كذب و”عهر” ونفاق الغرب الإستعماري،ففي خان العسل بحلب ألحت عليهم سوريا التحقيق في استخدام السلاح الكيماوي من قبل عصابات جبهة النصرة المجرمة، ماطلوا ولفوا وداروا لأشهر،وحاولوا ان يحولوا التحقيق الى تحقيق شامل حول السلاح الكيماوي السوري،دون ان يقولوا بان الأدلة على إستخدام السلاح الكيماوي،يمكن ان تختفي او تندثر بعد عدة شهور من الإستخدام،ولكن بعد كيماوي الغوطة والذي متورطة فيه عصابات مجرمة يعرفها الغرب الإستعماري جيداً وترحيب سوريا بفريق تفتيش دولي للتحقيق في استخدام السلاح الكيماوي،حشدوا الأساطيل والطيران لضرب سوريا،لأن النظام على حد زعمهم جاءت موافقته متاخرة بعد خمسة أيام من إستخدام الكيماوي،وفي هذه المدة قد يجري التلاعب بالأدلة وإخفائها،وياللعجب،في خان العسل الأدلة لا تختفي بعد أشهر وفي الغوطة تختفي بعد خمسة أيام!!؟؟،ما "أعهر" واكذب هذا الغرب الإستعماري،هذا الغرب الذي لفق الأدلة حول إمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل،من اجل إحتلاله ونهب خيراته وثرواته وتقسيم جغرافيته،ها هو يعيد نفس السيناريو مع سوريا،ونحن نتذكر جيداً،عندما قال جورج بوش الإبن،حتى لو جاءت تقارير فرق التفتيش تنفي إمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل سيتم ضربه،واليوم نرى نفس السيناريو فرق التفتيش في الشام يتم الضغط عليها،من خلال التقارير والتصريحات الإعلامية الكاذبة،لكي تدين النظام السوري،وحتى قبل صدور نتائج تحقيق الفريق الدولي،فالغرب المجرم يريد ضرب سوريا وتدميرها،الضرب والتدمير،هو لتحقيق المشروع الأمريكي في المنطقة مشروع الفوضى الخلاقة،فهذا المشروع الذي تموله العديد من مشيخات النفط والكاز وفي المقدمة منها السعودية وقطر والامارات العربية،وبمشاركة وموافقة العديد من الأقطار العربية الأخرى وفي مقدمتها الأردن،وكذلك دولة التتريك والسلاطين،المشروع يتلخص في خلق سايكس- بيكو جديد قائم على تقسيم المنطقة العربية على أساس مذهبي وطائفي ووفق الثروات وليس الجغرافيا،ولكي يتحقق هذا المشروع لا بد من تدمير القوى المركزية في المنطقة،والتي تشكل عوائق جدية امام المشروع الأمريكي في المنطقة،العراق جرى تدميرها وإحتلالها والحد من قدراتها العسكرية،ودخلت مرحلة التقسيم المذهبي فعلياً لثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية،والان جاء دور سوريا،واستعصاء وصمود النظام لمدة عامين ونصف،رغم كل الدعم والتمويل والتسليح للقوى المشاركة في العدوان على سوريا،فهي لم تستطع ان تحقق إنجازات جدية على الأرض،بل نجد ان النظام السوري نجح في تحقيق إنتصارات عسكرية حقيقية واستعاد السيطرة على زمام الأمور،وإستمرار تقدم القوات السورية،من شأنه ان يوجه ضربة قاصمة لمشروع بندر- ماكين- أردوغان- نتنياهو في المنطقة،ويؤدي إلى خلق معادلات وتحالفات جديدة،تقوي من معسكر المقاومة والممانعة في المنطقة،وخصوصاً بأن النظام الذي كان يعول عليه في مواصلة الحرب ضد النظام السوري،نظام الإخوان المسلمين في مصر قد سقط،وبالتالي فإن النظام الجديد قد يتجه نحو تعزيز العلاقة مع ايران وتوثيق علاقاته مع النظام السوري،وهذا تغير استراتيجي خطير أيضاً،فامريكا بعد ان نجحت في شيطنة النظام الإيراني وجعلت منه العدو الأول للعرب بدل اسرائيل،بحيث أصبح جوهر الصراع،هو عربي – فارسي،وليس عربي- اسرائيلي،وكذلك نجحت مع عربان النفط والكاز ومفتي البداوة بنقل الفتنة السنية - الشيعية من المستوى الرسمي الى المستوى الشعبي.
إن الإستعجال الأمريكي والأوروبي الغربي في توجيه الضربة العسكرية لسوريا حكمته جملة من التطورات والمتغيرات،حيث فشل بندر في اقناع روسيا برفع يدها عن النظام السوري بملياراته ال (15)،ولم تفلح تفجيراته هو وأردوغان في الضاحية الجنوبية وطرابلس،بجر لبنان الى مربع الفتنة المذهبية والطائفية والإحتراب الأهلي،وكذلك ما يحدث في مصر حيث ان النظام الجديد يتجه نحو الإستقلالية والقرار المستقل،يضاف لذلك سحق الجيش السوري للعصابات المجرمة،فهذا كله يشكل تهديد جدي للمشروع الأمريكي في المنطقة،وتهديد لدولة الإحتلال الصهيوني.
ومن هنا كان قرار شن الحرب على سوريا،لكي تلحق بالعراق من حيث إضعاف قدراتها العسكرية وتفكيك وتقسيم جغرافيتها،وضمان تحويلها الى دولة فاشلة خارج التأثير والتقرير في المعادلات العربية والإقليمية والدولية،على ان يجري التفرغ للحلقة الثالثة مصر،ولكي تواجه نفس المصيرين السوري والعراقي.
وبتدمير الجيش المصري وتقسيم مصر جغرافياً،تستكمل حلقات المشروع الأمريكي في المنطقة،مشروع الفوضى الخلاقة، مشروع استولاد عدد من الكيانات الإجتماعية الهشة والضعيفة(تسع او عشر كيانات) يقف على رأسها مخاتير او شيوخ او ملوك أو رؤوساء فالأمر سيان،غير مالكة لإرادتها وقرارها السياسي،وتدار اقتصادياً مباشرة من قبل المركز الرأسمالي العالمي،وتكون محمية امريكاً وغربياً عبر اتفاقيات امنية وقواعد عسكرية فوق أراضيها.
إن الصمود السوري ومعه حزب الله وايران وكل القوى المقاومة العربية الشريفة،من شأنه ان يهزم المشروع الأمريكي في المنطقة،ويعيد إنبعاث المشروع القومي العربي من جديد،وهذه لحظة فارقة في تاريخ الأمة العربي،وعلى نتائج معركة وحرب سوريا وحزب الله،يتوقف مصير المنطقة باكمله مئة عام للوراء او مئة عام للأمام.

القدس- فلسطين
28/8/2013
0524533879

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت