ناشد مركز حقوقي فلسطيني قاضي القضاة الشرعي بان يصدر قراراً إدارياً جديداً يحدد سن الزواج بثمانية عشر عاماً لكل من الخاطب والمخطوبة وذلك على وجه السرعة الممكنة. وأن يأخذ القضاة الشرعيون مصالح الطفل الفضلى بعين الاعتبار وأن يحسنوا استخدام السلطة التقديرية التي منحها لهم قانون حقوق العائلة بموجب المادة رقم 7 منه، بما يضمن تقنين حالات الزواج المبكر قدر الإمكان.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في بيان صحفي صدر ، اليوم الثلاثاء، إنه " تابع باهتمام ما تناقلته وكالات الأنباء المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة المنصرمة حول خبر زواج اثنين من القاصرين في محافظة شمال قطاع غزة، الأمر الذي أثار مجدداً قضية قصور قوانين الأحوال الشخصية المطبقة في القطاع ومخالفتها لمعايير حقوق الإنسان خاصة تلك المعايير المتعلقة بسن الزواج. ".
وأضاف المركز أنه "على ضوء الانقسام الراهن الذي يحول دون تعديل القوانين بفعل تعطيل المجلس التشريعي، يدعو قاضي القضاة الشرعي إلى إصدار قرار إداري مغاير للقرار المعمول به حالياً، بما يكفل تماثل سن الزواج مع المعايير الدولية ذات العلاقة."
ولفت المركز الانتباه إلى أن حالة زواج القاصِرَين في شمال قطاع غزة ليست الحالة الأولى من نوعها وهي نتيجة طبيعية ومتوقعة بفعل الخلل المتأصل في قانون حقوق العائلة رقم 303 لعام 1954، المعمول به في قطاع غزة." موضحا بان القانون المذكور يتيح من الناحية العملية زواج الصغير الذي تجاوز سن الثانية عشرة من عمره والصغيرة التي تجاوزت التاسعة من عمرها، وذلك وفقاً للمادة 8 من هذا القانون والتي تنص على: "لا يجوز لأحد أن يزوج الصغير الذي لم يتم الثانية عشرة من عمره ولا الصغيرة التي لم تتم التاسعة من عمرها"، فنص هذه المادة حدد بشكل فعلي الحد الأدنى لسن الزواج باثنتي عشر عاماً للخاطب وتسعة أعوام للمخطوبة، رغم أنه حدد سن الزواج بثمانية عشر عاماً للخاطب وسبعة عشر عاماً للمخطوبة.
وبين المركز الحقوقي بانه "طيلة سنوات مضت، كان من الضرورة بمكان تعديل قانون حقوق العائلة المطبق في قطاع غزة بما يضمن تواؤم مواده والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وقد كان تعديل مواد هذا القانون مطلباً أساسياً لمؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات النسوية التي ناضلت طويلاً سعياً نحو رفع سن الزواج، إلا أن قاضي القضاة اكتفى في العام 1995، بإصدار القرار الإداري رقم 78 لسنة 1995، ليحدد بموجبه سن الزواج بخمسة عشر عاماً للمخطوبة وستة عشر عاماً للخاطب حسب التقويم الهجري، وذلك في استجابة محدودة منه لمطالب المؤسسات الحقوقية والنسوية المنادية بمنع الزواج المبكر ووضع حد لزواج القاصرين والقاصرات. "
واوضح بانه "على الرغم من أن القرار الإداري المشار إليه قد رفع سن الزواج الفعلي المسموح به في قطاع غزة للخاطب من اثنتي عشر عاماً إلى ستة عشر عاماً، وللمخطوبة من تسع أعوام إلى خمسة عشر عاماً، إلا أن هذا القرار لم يضع حداً للزواج المبكر وهو ليس كافٍ لمنع زواج الأطفال من القاصرين والقاصرات بل إنه وفر بشكل أو بآخر، غطاءً قانونياً شأنه شأن قانون حقوق العائلة، لتمرير حالات الزواج المبكر التي تتناقض والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. كما تتناقض أيضاً وقانون حقوق الطفل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2004، والذي حدد في المادة الأولى منه سن الطفولة حيث نصت المادة على أن: "الطفل هو كل إنسان لم يتم الثامنة عشر من عمره".
وقال المركز "إن مطلب تعديل قوانين الأحوال الشخصية المطبقة في قطاع غزة هو احد المطالب الأساسية للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وقد سبق وأن نادى المركز مراراً بضرورة العمل على أن تتفق مواد هذه القوانين ومعايير حقوق الإنسان الدولية، لكن المركز وفي ظل الانقسام وتداعياته على عمل المجلس التشريعي الفلسطيني يرى أن بالإمكان اللجوء في الوقت الراهن لخطوة عملية من شأنها أن تضع حداً لزواج القاصرين والقاصرات. تتمثل هذه الخطوة في قيام قاضي القضاة الشرعي بإصدار قرار إداري على غرار القرار رقم 78 الصادر في العام 1995 والمعمول به حالياً، على أن يحدد القرار الجديد سن الزواج لكل من الخاطب والمخطوبة بثمانية عشر عاماً، بما يتماثل والمعايير الدولية وقانون الطفل الفلسطيني."