هنالك اتفاق بين المراقبين والمثقفين والباحثين الاجتماعيين على ان ثمة انتعاشاً وازدهاراً مذهلاً للعصبية العائلية والحمائلية والطائفية ، التي اصبحت امراضاً مجتمعية يرفضها ذوقنا وتفكيرنا السليم وفكرنا التحرري التقدمي العظيم ، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال نظرة سريعة على القوائم التي تخوض انتخابات السلطات المحلية .
وهذا الأمر ان دل على شيء فيدل على الازمة العميقة التي يمر بها مجتمعنا العربي ، وتجد تعبيراً لها في تراجع العمل الحزبي – السياسي وانهيار القيم النبيلة ، قيم الصدق والنضال والوفاء ، وسيادة الكذب والنفاق والرياء الاجتماعي والانانية والغش والخداع .
ومع التعصب العائلي والطائفي وأزمة حياتنا الحزبية والسياسية تنتشر ظواهر سلبية مقلقة مثل ازدياد العنف والتمزق الداخلي والصراع على المناصب والتهافت على الرئاسة ، فضلاً عن تراجع المعركة الفكرية الحضارية للتعددية السياسية والفكرية ، ولفصل الدين عن الدولة ، وفصل الدين عن السياسة .
ان كل هذه السلبيات تتطلب طرح رؤية عقلانية تقدمية ديمقراطية بديلة تتفق مع روح المرحلة للخروج من المأزق الراهن والاستعداد للمرحلة الجديدة القادمة ، والحفاظ على نسيجنا الاجتماعي وتماسكنا الوحدوي ، الذي يعتبر راسمالنا في معارك المستقبل لأجل بناء مجتمع حضاري تقدمي متنور وتحقيق غد أفضل لنا جميعاً ، يجنبنا الشقاق والخلاف والتمزق الداحلي ، ويحمل الخير لشعبنا وأهلنا وقرانا جميعاً .
فشعباً يفتح رحابة صدره للتعددية السياسية والفكرية ولجميع الاراء ويسمع كل المواقف هو وحده القادر على اتخاذ القرار الصحيح بادوات العقل والمنطق ، وقادر أن يبني مستقبله ويطور نضاله وكفاحه في سبيل المساواة والرقي الحضاري والمشاركة النشيطة الفعالة في النضال للسلام الحقيقي والعادل والشامل . وواجب القوى التقدمية والأوساط الحزبية محاربة واجتثاث داء العائلية على أساس عنصري ، واعادة الاعتبار للعمل الحزبي وخوض انتخابات السلطة المحلية باسم قوائم حزبية سياسية ، وليس بقوائم عائلية وعشائرية وطائفية .