رغم قواعد واحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة واتفاقيات السلام التي وقعت بين إسرائيل ومصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية فجميعها لم تتمكن من تحقيق حماية لمدينة القدس المحتلة بل إسرائيل استغلت حجم العلاقات الناشئة معها لتقوم بمصادرة الأراضي والاستيلاء عليها وبالمزيد من التهويد و الاستيطان .
فبعد حرب حزيران سنة 1967 قامت إسرائيل بمصادرة الأراضي الأميرية المملوكة للدولة أساسا لصالح الجيش والأمور العسكرية والسعي لبناء مستوطنات واسعة ومنتشرة في كل من الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة بهدف التهويد واستيعاب المهاجرين واستملاك ومصادرة الأراضي اللازمة لتشكيل محيط حيوي لمعسكرات الجيش والمستوطنات فيما عرف بالحماية الطبيعية و الطرق الالتفافية لتجنب مواجهة أعمال المقاومة الوطنية و السعي المتواصل لإخراج السكان من أراضيهم عبر الضرائب و الملاحقات وتدمير المزروعات وخاصة شجر الزيتون وتشجيع وحماية المستوطنين للسيطرة على الأراضي والأملاك الفلسطينية العربية في القدس وغيرها ناهيك عن بنائها جدار الفصل العنصري لتشكيل سجن كبير للشعب الفلسطيني ولتحقيق المزيد من السيطرة عليه ولضم مساحات جديدة من الأراضي و المياه الجوفية .
ويتمحور الهدف الأساسي من وراء كل ما ذكر أعلاه بالنسبة لإسرائيل وأطماعها التوسعية بخلق أمر واقع لا يمكن الرجوع عنه في أي تفاوض سياسي مستقبلي.. أن ما قامت به إسرائيل وتقوم من عملية استيلاء ومصادرة مبرمجة لأراضي مدينة القدس تهدف إلى عزلها عن محيطها العربي وعن ترابطها الجغرافي مع الضفة الغربية تمهيدا لضمها بالكامل وإخراجها من مصطلح الضفة الغربية والعمل على توفير مساحات تتوسع تدريجيا لاستيعاب المهاجرين اليهود لتنفيذ عملية التهويد الديمغرافي .
إن ما قامت به إسرائيل سنة 1980 كقوة عسكرية بإعلان ضم القدس إلى كيانها السياسي رسميا هدفت من وراء ذلك تقليص الوجود الفلسطيني داخل حدود ما يسمى بلدية الاحتلال الجديدة من جانب أول ومنع أي حكومة إسرائيلية من التوصل لأي اتفاق يمس السيادة الإسرائيلية على القدس.
و الملفت للنظر حاليا بان مستقبل القدس القديمة أصبح تقريبا نسخة طبق الأصل عما جرى في مدينتي يافا وعكا الفلسطينيتين حين تم طرد اكبر عدد من الفلسطينيين بقوة السلاح "قسرا "لتتحول هذه المدن إلى مستعمرات ومدن سكنها اليهود كأغلبية ساحقة .
وخلاصة القول ,فان جميع ما تم من الاتفاق عليه مسبقا مع إسرائيل لم ينفذ منه شيء وبالتالي حتى قرار 181 لسنة 1947 المتعلق بتدويل مدينة القدس وبدء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وتوقيع إعلان المبادئ في 13/9/1993 وانتهاء بتطبيق الاتفاق لم تتضح مسالة القدس ومكانتها القانونية رغم الجهود ومحاولات الوساطة التي كان بها إطراف إقليمية دولية من اجل التوصل إلى تسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي من جهة أولى وان كل الخطط و المبادرات ومشروعات التسوية السياسية ما زالت القدس بعيدة عن التسوية السياسية الحقيقية التي يمكن من خلال حلها إلى أن تقود إلى سلام عادل وشامل ودائم من جهة أخرى .
وعليه ,فان العملية السلمية تمر بمأزق خطر وبمرحلة حرجة نتيجة لسياسات الحكومات الإسرائيلية المتطرفة التي أرادت أن تترجم توازن القوى إلى أمر واقع في حين أن سلام توازن المصالح المتبادلة هو الذي يوفر القناعة لدى الشعوب للمحافظة عليه ..لكن في الواقع ,تبدو إسرائيل اليوم مجتمعا ونخبا سياسية ,ابعد عن السلام من أي وقت مضى منذ توقيع اتفاق اوسلو سنة 1993 واكبر مثال على ذلك تصريح وزير خارجية إسرائيل ليبرمان بتاريخ 4/1/2010 ,عندما قال:" من المهم إجراء حوار مع الفلسطينيين دون قطع وعود لا يمكن الوفاء بها على ارض الواقع معربا عن اعتقاده بأنه يجب الشروع في مفاوضات سلام دون تحديد موعد لإنهائها "...وهذا يعني بان إسرائيل ترفض وقف الاستيطان أولا ولا تعترف بالمرجعية الدولية ثانيا ولا تريد حلا لقضايا الوضع النهائي ثالثا .