ان إسرائيل تضيق وتلاحق فلسطينيي القدس منذ أن قامت كدولة سنة 1948م. كما تلاحق باقي الفلسطينيين بشتى الطرق و الوسائل، والهدف كان وما زال الاستيلاء على أراضيهم، حيث في الماضي تم تهجيرهم عن أراضيهم، و اليوم يتم سلب ما تبقى من أراضيهم تحت حجج قانونية متنوعة تجري في ظل سياسة تهدف إلى طرد المقدسين عن أراضيهم لتهويد مدينة القدس بالكامل.
علما بان إسرائيل تعتبر الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في مدينة القدس استراتيجية عامة تتفق بشأنها معظم الأحزاب الإسرائيلية وهو ما أثبتته ممارسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. بالإضافة إلى كون الاستيلاء على الأراضي بحد ذاته يعتبر من اخطر الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المواطنين الفلسطينيين وأراضيهم. ولم تؤد المسيرة السياسية وما رافقها من اتفاقيات إلى وضع حد لمصادرة الأراضي ووقف الاستيطان بل على العكس تماما قامت إسرائيل بتكثيف سياساتها الاستيلائية على الأراضي الفلسطينية.
فقد استمرت بمصارة أراضي جديدة كما يحدث في هذه الأيام وتنفيذ قرارات مصادرة سابقة. بالإضافة للمخططات الحكومية الرسمية الهادفة إلى مصادرة اكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية, قام المستوطنون بمبادرات شملت توسيع المستوطنات من خلال إزاحة السياج المحيط بمدينة القدس ووضع أيديهم على الأراضي المجاورة لمستوطناتهم. ان إسرائيل تبرر مصادرتها للأرضي الفلسطينية بحجج ومبررات مختلفة من أكثرها شيوعا الإعلان عن الأراضي المصادرة بأنها أراض دولة ومناطق عسكرية ويتم معظم المصادرات من اجل توسيع المستوطنات, وشق الطرق الالتفافية التي تربط المستوطنات مع بعضها البعض ومع إسرائيل وتوسيع الشوارع القائمة, وإقامة المشاريع العامة, وإنشاء المرافق العامة لتقديم الخدمات للمستوطنات و المستوطنين.
وعلى ضوء ما ذكر اعلاه يبدو واضحا أن السياسة الإسرائيلية تجاه مصادرة الأراضي و الاستيطان فيها لم تتوقف منذ توقيع اتفاقيات اوسلو,بل على العكس فان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تسرع من وتيرة مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها بشكل ملحوظ, وتتجاهل تصرفات المستوطنين المتواصلة في وضع اليد على الأرضي القريبة من المستوطنات ,وتدعو المستوطنين إلى التمادي في الاستيلاء على مزيد من الأراضي في مدينة القدس و الضفة الغربية المحتلتين.
لذا , فان القانون الدولي الإنساني يؤكد على عدم شرعية الاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات عليها في إطار النصوص القانونية الواردة أولا في اتفاقية لاهاي لسنة 1907. حيث المادة 46 تنص على " الدولة المحتلة لا يجوز لها أن تصادر الأملاك الخاصة "و المادة 55 تنص على أن " الدولة المحتلة تعتبر بمثابة مدير للأراضي في البلد المحتل وعليها أن تعامل ممتلكات البلد معاملة الأملاك الخاصة".وثانيا في معاهدة جنيف الرابعة لسنة 1949 حيث المادة 49 تنص على انه "لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي تحتلها, أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغيير الديمغرافي فيها".
والمادة 53 تنص على انه "لا يحق لقوات الاحتلال تدمير الملكية الشخصية الفردية أو الجماعية أو ملكية الأفراد أو الدولة أو التابعة لأي سلطة من البلد المحتل" و ثالثا في قرارات مجلس الأمن و الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدانت السياسات الإسرائيلية بكافة أشكالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة من مصادرة الأراضي الفلسطينية للأغراض العسكرية المختلفة, بناء المستوطنات الإسرائيلية, شق الطرق الالتفافية وغيرها مبينة ذلك في قراراتها.