على مر التاريخ يمكن القول أن تسعين في المائة من السياسة هو عمل سري والعشرة في المائة الباقية هو انفجار اجباري للعمل السري السياسي، والحرب هي صورة بائسة من صور انفجار العمل السياسي.
انظروا هناك حرب بين الفلسطينيين وإسرائيل وهناك مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، هناك هدنة بين حماس وإسرائيل وهناك قصف بين اسرائيل وحماس، هناك اشتباك بين حماس وفتح وهناك مفاوضات ولقاءات بين فتح وحماس، هناك اشتباك بين عباس ودحلان وهناك وساطات بين عباس ودحلان، هناك خصام بين دحلان وحماس وهناك حوارات بين حماس ودحلان، هناك اشتباك بين مصر والإخوان وحماس وهناك محاولات اتصال بين حماس ومصر، نعم في ذروة الحرب لا تتوقف االعمليات السياسية وفي ذروة السلام لا تتوقف عمليات التحضير للحرب والمناوشات في مناطق النزاعات.
هكذا يجب النظر في منطقتنا وهي منطقة نزاعات يتربع على عرشها الصراع الأكبر مع الحالة الاسرائيلية التي فرضها الواقع منذ حوالي قرن من الزمن الماضي، والحالة الاسرائيلية مستمرة في التفاعل حتى الوصول إلى نقطة زمنية معينة عندها بالتأكيد تصبح حقيقة قبول اسرائيل كجزء من المنطقة أو لفظها عند تلك النقطة من الزمن القادم، ونحن سكان المنطقة الحاليين نعيش في وقت بات أقرب لحسم الحالة الاسرائيلية بعد مرور قرن من الزمن على هذا الصراع.
في كواليس تفاعل العملية الزمنية الاسرائيلية الفلسطينية العربية الاسلامية الجارية نلحظ انفجارات سياسية لها علاقة من قريب أو بعيد بالحالة الاسرائيلية التي يتفاعل بها الواقع الفلسطيني أولا والجغرافي ثانيا والواقع الهوياتي ثالثا، والانفجارات السياسية منها ما هو صارخ، ومنها ما هو باهت، ومنها ما هو دموي، ومنها ما هو مائي، أو، ترابي، وكلها يغلفها الانفجار الاقتصادي، أو، يكون من نتائجها، ومنها ما هو طارئ ومنظور وفاقع يحتاج اشتباك طارئ ومنظور وفاقع، ومنها ما هو خفي ويظهر بصورة خادعة وكأنه غير ملح ينتج بالتراكم ولا قدرة للتعامل معه وهو الأخطر لعدم القدرة على الاشتباك معه لغياب قراءة ذكية له مبكرا أو ضعفا أو فقرا في قيادة تفهم حيثيات الصراع وارتباط علاقاتها بالصراع. الثورات والربيع والخريف له علاقة بالصراع مع اسرائيل، اشتباك حماس وفتح ناتج عن مفاعيل الصراع مع اسرائيل، الاشتباك داخل فتح هو ناتج من نواتج الصراع مع اسرائيل رغم شكله الخارجي بأنه صراع شخصي ولكن ما أنتج فتح كلها وشخوصها في الاصل هو الصراع مع اسرائيل.
نحن من نعيش آنياَ على شريط الصراع الزمني والآن بالضبط نرى صورة غامضة من العمل السياسي السري وانفجار السياسة أحيانا، لكنها متحركة وسريعة لا تشبه ما سبقها من الماضي فتبدو لنا مرحلتنا فيها كل شيء يتعلق ب " قد " ونلتقطها على النحو التالي:
- قد يحدث اتفاقا بين الفلسطينيين وإسرائيل.
- قد يتطور هذا الاتفاق إلى حلا للصراع مع اسرائيل.
- قد تحدث مصالحة قد تؤدي للوحدة من جديد بين الضفة الغربية وغزة.
- قد تحدث مصالحة في داخل فتح.
- قد تحدث مصالحة بين جزء من فتح وبين حماس قد لا تحدث وحدة وقد يبقى جزء من فتح في اشتباك مع الجزء الآخر ومع حماس.
- قد تحدث حربا جديدة لتقليم نباتات طال ارتفاعها لحاجة الاتفاق وحل الصراع.
- قد تتجدد الثورات العربية في دول لم تكن في حسبان الربيع العربي بطريقة مغايرة لما حدث في الربيع السابق من متناقضات.
- قد يفاجئ العرب اسرائيل بهزيمة كبرى تعيد دولة فلسطين مكان دولة اسرائيل تعيش فيها كل الطواف والأديان وينتهي الصراع.
وقد لا يحدث أيا من " القدات " السابقة ويبقى الحال على ما هو عليه لصورة أخرى لا نعرف تفاصيلها على شريط الزمن القادم، ولكن تغيير قيادات الشعب الفلسطيني لهذه المرحلة يكون قد حدث حتما زمنيا وارتحنا منهم.
... هنا الفارق بين "قد" للتوكيد و"قد" للاحتمالات .. مرحلتنا "قد" بالتأكيد هي "قد" للاحتمالات إلا من قادونا لهذه الحالة فهم راحلون لا محاله.
3/1/2013م