حماس وإسرائيل

بقلم: مصطفى إبراهيم

تقول اسرائيل في قرارة نفسها إنها إن أرادت القضاء على حكم حركة "حماس" في قطاع غزة فإنها تحتاج الى شن حرب وإعادة احتلال القطاع أو مدن محددة، وهي تقوم بردود موضعية وإحباط عمليات يتم رصدها قبل التنفيذ، واستخدام الطائرات من دون طيار، و يخدم اسرائيل في وضعنا تحت المجهر يومياُ والتحكم بنا عن بعد بتكنولوجيا القوة التي تمتلكها اسرائيل، ومع ذلك لم تحقق شيئاً كثيراً في ظل تطور البنية العسكرية لحركة "حماس".
واستبعدت اسرائيل اعادة احتلال القطاع، بخاصة بعد الانفصال عن القطاع في العام 2005، وهو ما سعى اليه ارئيل شارون منذ ثمانينات القرن الماضي تنفيذاً للخطط العدوانية الصهيونية الاستراتيجية، وأصبح أمراً واقعاً بعد الانقسام الفلسطيني في العام 2007.
وتنظر اسرائيل الى الانقسام على أنه تحول استراتيجي خدم مصالحها في شكل كبير جداً، وعزز خططها الاستراتيجية بفصل القطاع عن الضفة الغربية وجعله كياناً مستقلاً بذاته ومنع تواصله مع الضفة، والحؤول دون أن يكونا وحدة جغرافية واحدة، والقضاء على أي حلم بحل الدولتين.
احتلال القطاع لفترة زمنية محددة يمكن أن يورط اسرائيل أكثر، ومكلف بشرياً ومالياً، واسرائيل غير راغبة فيه، ومعنية بأن تبقى حركة "حماس" مسيطرة على القطاع تعزيزاً للانقسام، والتملص من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، واستغلال ذلك سياسياً وإعلامياً والادعاء بأنها مهددة بـ"الإرهاب" الفلسطيني القادم من غزة.
واسرائيل أيضا معنية بأن لا تكون حماس قوة عسكرية كبيرة، فهي تقوم بردع حماس وفصائل المقاومة كل فترة من الزمن، بما يخدم خططها الامنية الاستراتيجية وتكتيكاتها، وتدمير قدرات المقاومة وتركها في حال من الارباك و الترقب والانشغال بإعادة بناء ما تم تدميره.
أزمات حماس كبيرة، بخاصة بعد زوال حكم الاخوان المسلمين وعزل الرئيس محمد مرسي والحصار المفروض عليها مصرياً، وتجفيف منابع الدعم السياسي والعسكري والمالي بعد تدمير الانفاق.
وعلى رغم التصريحات التي نسمعها من بعض الامنيين المصريين، وان مصر ليست راغبة في استمرار حكم "حماس"، وربما تكون معنية بتهشيمها وإضعافها، لكنها لن تكون طرفاً في أي حرب تشن على الحركة، ولن تقبل أن تكون في صف اسرائيل وأيضاً خوفا من سقوط عدد كبير من الضحايا.
وقد يحاول بنيامين نتنياهو استغلال العداء للحركات الإسلامية لتوجيه ضربة لحماس وفصائل المقاومة، وربط تهديده بالظروف الإقليمية وموجة العداء لحماس، لا سيما في مصر، وما يجري في سورية والعراق، وهو قال: "يتشكل شرق أوسط جديد، فدول المنطقة قلقة من إيران والإخوان المسلمين أكثر من إسرائيل"، وهدد بشن عدوان على القطاع بالقول "إذا نسيت حماس وباقي التنظيمات الدرس، سيتعلمونه بطريقة قاسية قريبا جدا".
قد تكون اسرائيل تعايشت مع حماس والوضع القائم في القطاع، وهي معنية بوجودها ضعيفة ومعزولة والقطاع يعاني الحصار والجوع والفقر والبطالة، وتحت السيطرة، لكن ما يجري في الاقليم قد يغير الحسابات، وربما ايضا قد يغري اسرائيل اكثر في ان توجه ضربات قاسية ليست كما جرى في عدوان 2008، و 2102.
وفي حال أدركت اسرائيل ان لحماس نوايا حقيقية في انهاء الانقسام وإتمام المصالحة ستقدم اسرائيل على شن حرب على الكل الفلسطيني وليس على حماس وحدها.
إن ما نراه من تصعيد محسوب وغض الطرف عن ما يجري من اطلاق صواريخ متفرقة محسوبة ومسيطر عليها، الهدف منه الخروج من المأزق والضغط على أطراف اقليمية وإحراجها واشعال حرائق أنية قد ندفع ثمنها جميعا وتجرنا الى معركة ليست في صالحنا.
التصعيد الجاري و إطلاق الصواريخ بهذه الطريقة لا يعبر عن حال التوافق بين الفلسطينيين، ويثير غضب الناس الذين اصبحت حياتهم لا تُطاق، و يرون في من يطلقون الصواريخ بأنهم ليسوا أوصياء عليهم، ويعزز من قناعتهم بأنهم يوفرون لدولة الاحتلال المبررات لشن عملية عسكرية أو حرب على القطاع.
لم يعد مجال للمغامرة، فاتجاه الرياح اصبح معروفاً، والمنطقة تموج بتحولات حساسة، ولا يجب علينا ان نلعب دور مشعل الحريق والانتظار، ولا نمتلك الادوات لإخمادها، نحن في طريقنا الى الانهيار والحصار يشتد يومياً، وما نملكه والأفضل لنا جميعا اثبات قدرتنا على تغليب المصلحة الوطنية، والتصدي لمشاريع اسرائيل وغطرستها موحدين.
[email protected]
mustaf2.wordpress.com

مصطفى ابراهيم
22/1/2014