عن الفقر وإخطبوط الغلاء وصرخة أبو ذر الغفاري ..!

بقلم: شاكر فريد حسن

يعاني السواد الأعظم من أبناء شعبنا في هذه البلاد من الغلاء الفاحش والفقر المدقع ، الذي لا ينفصل عن الواقع الاقتصادي والسياسي المتردي ، واقع القهر والظلم والاستغلال والاحتلال . ولا شك أن جوهر سياسة النظام هو الذي يصنع الفقر ويضطهد الفقراء ويستغل الكادحين والعاملين في القطاعات المختلفة .

ولا يخفى على احد أن هنالك فجوة كبيرة طرأت على الفوارق الطبقية ، وزيادة واسعة على أعداد الفقراء والمحتاجين في مجتمعنا العربي ، وكذلك زيادة ملموسة في أسعار المواد التموينية والمعيشية الأساسية في السنوات الأخيرة ، نلمس آثارها الواضحة على كل الفئات الضعيفة خصوصاً شرائح محدودي الدخل ، الذين يضطرون إلى صرف معاشاتهم وأجورهم على الحاجات الضرورية كالأكل والشراب وشراء الملابس .

وفي الواقع أن الغلاء المستشري في البلاد ناجم عن السياسة الاحتلالية والاقتصادية لحكومة نتنياهو ، التي تصرف ميزانية الدولة على المستوطنات والمستوطنين وعلى الاحتلال الكوليونالي في المناطق الفلسطينية ، وتتغاضى عن الوضع الاجتماعي للشرائح الفقيرة ، التي لا تجد قوت يومها في البيت .

فكيف يتدبر العاطلون عن العمل وأصحاب الاحتياجات الخاصة الذي يتلقون منحة شهرية شحيحة من التامين الوطني لا تكفي لسد الرمق ، وفي كل فرصة مواتية تقوم حكومة اليمين العنصرية ، حكومة اغناء الأغنياء وإفقار الفقراء ، بتخفيض هذه المخصصات التي تدفعها لأصحاب العجز وضمان الدخل والبطالة . وكانت قبل فترة وجيزة قد خفضت تامين الأطفال وأصبح كل طفل يتقاضى مبلغ 140 شاقلاً.

في الماضي كانت هناك تحركات شعبية واسعة في الوسطين اليهودي والعربي بقيادة نقابة العمال العامة – الهستدروت ، بعد كل موجة غلاء وفي أعقاب ارتفاع أسعار الخبز والاحتياجات الضرورية للمواطن ، لكن من المؤلم والمؤسف أن الشعب في إسرائيل ، عرباً ويهوداً ، بات يتسم بالسلبية والعجز والاستسلام والتسليم بالأمر الواقع ، فلا يحرك ساكناً ، ولا يهب منتفضاً لكبح جماح غلاء الأسعار . فأين النضال العمالي البروليتاري ؟ وأين الكفاح الطبقي الشعبي ؟ وأين القوى السياسية والمنظمات العمالية ، من مسائل الفقر المتفاقم والغلاء الفاحش ، الذي يكوي النفوس ويفتك بجمهور الكادحين ..!

إن الفقر يعمي البصر والبصيرة ، ويؤول بالإنسان إلى مستوى معيشي وحياتي منخفض ، ويدفعه إلى حالة من اليأس والقنوط والإحباط والسلوك العدواني . ولا يعرف الفقر، بكل ما يعكسه من ألم وبؤس وحرمان ، إلا من يعيشه ويتجرع كؤوس مرارته ، أفلم يقل الشاعر :

المال يرفع سقفاً لا عماد له والفقر يهدم بيت العز والشرف

وكم كان سيدنا علي ابن أبي طالب رضي اللـه عنه صادقاً في مقولته " لو كان الفقر رجلاً لقتلته " .

وأخيراً كم نحتاج إلى صرخة أبو ذر الغفاري في هذا الظرف الاقتصادي السيئ والعصيب : "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته لا يخرج شاهراً سيفه ".