ما يسمى بمجلس التعاون الخليجي،بقيت اوضاعه مستقرة،وقضية التعاون بين مكوناته المشيخاتية هي اقرب منها الى الشكلانية،من أية قضايا تعاونية جدية وحقيقية لا في مجال السياسة ولا الإقتصاد ولا العلاقات الخارجية أو وحدة الموقف،او التعاون العسكري،والتعاون قصد به حماية امن تلك المشيخات واقطاعياتها وممالكها من أية تهديدات داخلية،قد تكون ناجمة عن تمردات وثورات اجتماعية لها علاقة بالتفاوت الكبير في توزيع الثروات بين فئاتها وطبقاتها الإجتماعية،وإحكام مجموعة من العائلات سيطرتها على تلك البلدان ونهب مقدراتها وثرواتها وخيراتها،والخشية قائمة على اساس التركيبة السكانية لتلك البلدان،حيث أن هناك عدد لا بأس به من المسلمين الشيعة،والذين يجري تهميشهم ليس فقط لجهة صنع او المشاركة في القرار او السلطة،بل وحتى الحرمان من ابسط الحقوق الإجتماعية والديمقراطية والمعيشية،ولم تكن هناك خشية منهم،قبل الثورة الخمينية،حيث كانت ايران في عرف العربان والمتمسحين بالدين"سنية" حيث هي لا خوف عليها من تصدير الثورة،فهي تخضع وتقاد من قبل نفس المعلم الأمريكي،وهو الذي يوزع الأدوار والمهام والقرارات ويضبط العلاقات والإيقاعات والخلافات بين اطراف هوامشه الخاضعة والتابعة له،ولكن بدأت الصورة تأخذ منحاً آخر بعد قيام الثورة الخمينية،ومن ثم قيام حزب الله في لبنان،وتصاعد قوته الى الحد الذي أصبح فيه بشكل خطراً على حلفاء السعودية ودورها في لبنان والمنطقة.
المتغيرات والتطورات الحاصلة في المنطقة،والتي جعلت من ايران قوة مركزية عربياً وإقليمياً،لها تأثيراتها وبصماتها على اكثر من قضية،حتى الخليج نفسه،وبعد قيام ما يسمى بالثورات العربية،هي التي دفعت بالسعودية تحديداً لطرح موضوعة الوحدة بين دول الخليج بدلا التعاون فيما بينها،ولكن هذا الموقف يصطدم بالكثير من المصاعب والعقبات والتعقيدات،فهناك اجندات ومصالح وأولويات غير متطابقة لهذه الدول في اكثر من قضية وعنوان،تقف في مقدمتها حركة الإخوان المسلمين وايران وتركيا وسوريا،وهي كفيلة بمنع قيام مثل هذا التعاون،فقطر على سبيل المثال لا الحصر،هي حليف وداعم رئيسي للاخوان المسلمين،وهي من دعمتهم واحتضنتهم،وكانت تعتقد بأن هؤلاء الإخوان الذين وصلوا لسدة الحكم في اكثر من بلد عربي وبالتحديد مصر،بالاضافة لما تمتلكه من مال واعلام،قد يمكنها من لعب دور اقليمي وعربي،حتى وصل بها الغرور والتبجح لحد السطو ومصادرة دور وموقع دولة كمصر،في اوج فورة وقوة الإخوان،ولكن سرعان ما إنكفأ وتراجع هذا الدور،بعد السقوط المدوي للإخوان في مصر،وهزيمة مشروعهم في سوريا واكثر من عاصمة عربية،وبالمقابل السعودية،عدا الخلاف المذهبي مع تلك الجماعة،فهي لا تثق بهم وتخشى على سلطتها وحكمها منهم،ولذلك وقفت الى جانب النظام المصري الجديد ضدهم،في الوقت الذي كانت تقدم الدعم والعون لهم في سوريا،نكاية بنظام الأسد وحزب الله وايران...وهي كذلك من قامت بقيادة قوات درع الجزيرة لقمع الإنتفاضة في البحرين،وهي من تقود الحملة المذهبية ضد ايران،وعلاقاتها ليست وثيقة بتركيا،على خلفية شعور السعودية بان هاتين القوتين،تصادرين دور السعودية الإقليمي والعربي،والإمارات العربية تشاطر السعودية موقفها من الإخوان،ولكن بشكل أكثر حدة،فهي ترى بان حركة الإخوان خطر داهم ليس على عرشها،بل على كل العالم العربي والإسلامي،وتوترت علاقاتها على هذه الخلفية مع قطر،ووصلت حد إستدعاء السفير القطري لدى الإمارات وتوبيخه،على ضوء تصريحات شيخ قطر والإخوان القرضاوي ضد دولة الإمارات،ومواقفها رغم أن ايران محتلة لجزرها الثلاث،فهي تتخذ مواقف أقل حدية من السعودية في علاقاتها مع ايران وسوريا،في حين اطراف مجلس التعاون الخليجي الأخرى تتفاوت علاقاتها مع حركة الإخوان والرؤيا من القضايا الإقليمية والعربية،إستناداً لمصالحها الخاصة،فعلى سبيل المثال لا الحصر البحرين تتحالف مع جماعة حركة الإخوان المسلمين،لكون المشايخ القابضين على الحكم ،هم من السنة في دولة أغلبها من الشيعة،وبالتالي التحالف له طابع مصلحي بحت،وهذا يجعل البحرين تقف بقوة الى جانب السعودية،حيث تعتبران ايران،هي من تحرض الشيعة للثورة والتمرد على عرشيهما.
في حين نرى ان عمان،لعبت دور الوسيط في اكثر من قضية،ونأت بنفسها عن المحاور،حيث كانت العراب،بين واشنطن وطهران،من اجل معالجة الملف النووي الإيراني،وهي لم تستشر لا مجلس التعاون ولا السعودية في هذا الجانب،ولم تكن طرفاً مباشراً في دعم حركة الإخوان المسلمين،لا في مصر او سوريا،وكذلك هي الكويت،حيث فسيفسائها الإجتماعية،من حيث التركيبة السكانية وقوة ونفوذ القوى السياسية،تحتم عليها، أن لا تندفع نحو الإستجابة للطلب السعودي،بنقل أوضاع مجلس التعاون الخليجي من "التعاون" الى "الوحدة" فهناك عدد لا بأس به من السكان الشيعة،وبالمقابل قوة برلمانية سلفية وإخوانية ليست بالقليلة.
السعودية تريد ان توظف مجلس التعاون الخليجي لخدمة مصالحها الخاصة،تريد منه موقفاً حازما وداعماً،فيما يتعلق بايران،فهي ترى بأن ايران تشكل "خطراً" و"تهديداً" مباشرين لمصالح وجغرافيا الأمة العربية،وهي كلمة حق يراد بها باطل،فما يجري،يشكل خطر على عرشها ومملكتها التوريثية،وموقعها ودورها الإقليمي،حيث هي من إندفعت لدعم قوى الإرهاب مالاً وتسليحياً وإحتضاناً ضد سوريا،وهي من تمول قوى الإرهاب وتدعمها في لبنان ضد حزب الله،بل وصلت بها الأمور الى حد التحالف العلني مع اسرائيل،ضد ايران،حيث الأمير تركي بين الفيصل إمتدح وزير الخارجية الإسرائيلي "تسفي ليفني" علناً،وبالتالي اطراف مجلس التعاون الخليجي لها مصالح واجندات واهداف ورؤى متعارضة وغير متطابقة،وهذا لا يمكنها ان تنقل تحالفها ومجلسها من "التعاون" الى "الإتحاد"،فهي لم تنجز أي شيء جدي في مرحلة"التعاون" فكيف لها أن تقفز الى "الإتحاد".
القدس- فلسطين
4/2/2014
0524533879
[email protected]