للأسبوع الثاني على التوالي تواصل اللجان الشعبية في مخيمات قطاع غزة الثمانية اعتصاماتها السلمية أمام مراكز التموين التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" المنتشرة في مختلف مناطق القطاع و ذلك احتجاجا ورفضا لسياسة التقليصات التي تزداد يوما بعد يوم حتى وصلت للحالات الاجتماعية الأشد فقرا .
ورفع اللاجئون المعتصمون في محافظات قطاع غزة شعارات تندد بسياسة الوكالة في تقليص المساعدات ، مطالبين المجتمع الدولي بضرورة إنصاف قضية اللاجئين و الدفاع عنها و خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه قطاع غزة .
و كانت قد توعدت اللجان الشعبية للاجئين في قطاع غزة، بمواصلة خطواتها التصعيدية ضد التقليصات التي تنتهجها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين " أونروا " والتي تطال آلاف الأسر الفقيرة مؤخرا.
ففي محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، أمام مقر الاونروا " المؤن الغربي "، احتشد المئات من اللاجئين و بعض المهتمين و قيادات العمل الوطني و الاجتماعي يتقدمهم أعضاء مجلس إدارة اللجنة الشعبية للاجئين برئاسة الدكتور مازن أبو زيد .
و دعا المعتصمون وكالة الغوث الدولية إلى ضرورة إعادة النظر في سياستها المجحفة بحق الأسر المحتاجة و العمل بشكل فوري و سريع لإعادة المساعدات الغذائية التي تقدم إليهم كل ثلاثة شهور مرة ، مشددين على أن هذه المساعدات لا تفي و لا تتناسب مع احتياجات اللاجئين و زيادة اعداهم .
و أوضح أبو زيد رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في محافظة خان يونس أن الاعتصامات التي دعت إليها اللجان الشعبية للاجئين في مخيمات قطاع غزة اعتصامات سلمية و تهدف إلى إيصال رسالة حضارية إلى المجتمع الدولي عامة و إلى الاونروا صاحبة الولاية القانونية على المخيمات بشكل خاصة بضرورة إنصاف اللاجئين و توفير لهم حياة كريمة و تقديم لهم خدمات أفضل بدلا من أن يتم قطعها نهائيا .
و أكد أبو زيد على أن حقوق اللاجئين مشروعة و كفلتها لهم كل الأعراف و المواثيق الدولية، منوها إلى أن الاعتصامات و الخطوات الاحتجاجية ضد سياسة الوكالة ستستمر ، داعيا أبناء الشعب الفلسطيني للدفاع عن حقوقهم و المطالبة بها بالطرق السلمية و الحضارية .
و قال :" نرفض بأي شكل من الأشكال الإساءة إلى أي موظف من موظفي الاونروا أو الاعتداء على مقراتها ، مؤكدا على أن الاونروا هي الشاهد على مأساة شعبنا الفلسطيني و نكبته منذ عام 1948 ".
اما في المحافظة الوسطى استنكر المعتصمون قرارات الوكالة في تقليص المساعدات بحق اللاجئين الذين يقبعون تحت الحصار في قطاع غزة، مشددين على أن الاعتصام سيبقى مفتوحا حتى تستجيب وكالة الغوث لمطالب اللاجئين الفلسطينيين وتعيد حقوقهم.
ونظمت اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم المغازي وسط القطاع اعتصاما جماهيريا حاشدا ضم المئات من أبناء المخيم و العديد من الوجهاء والمخاتير وممثلي فصائل العمل الوطني والاسلامي, ووقعوا فيه المحتجون على وثيقة اعتراض موجهة الى مدير عمليات الوكالة في قطاع غزة روبرت تيرنر طالبوه فيها بعودة المساعدات المالية والغذائية والخدمات المتعلقة بالتعليم والصحة فيما رفع آخرون لافتات داعية الى العدول عن سياسة الوكالة التقليصية قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه.
وفي بيان اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم المغازي ألقاه عبد الباري الطلاع عضو اللجنة وصف ما تقوم به وكالة الغوث بالمجزرة السافرة التي تفاقم معاناة اللاجئين وعوائلهم معتبراً التصنيفات التي خرجت بها الوكالة في الآونة الأخيرة غير قانونية وغير عادلة وأن اللاجئين جميعا بلا استثناء من حقهم الحصول على المساعدات الغذائية والصحة والتعليم لحين العودة.
ودعا البيان جموع اللاجئين للإسراع في المشاركة في الاعتصامات التي تنفذها اللجان الشعبية للاجئين على مستوى مخيمات قطاع غزة للتصدي للمؤامرة الدولية لتوطين اللاجئين واعفاء الوكالة من مهامها مؤكدا ان ان هذا مطلب صهيو- أمريكي للضغط على اللاجئين من أجل التنازل عن حقوقهم المشروعة التي كفلها لهم القانون الدولي الامر الذي لن يحدث على الاطلاق.
من جانبه حذر غازي مصلح مسؤول ملف وكالة الغوث في اللجنة من توسع سياسة التقليصات لتطال ما تبقى من خدمات تقدمها الوكالة , مبدياً تخوفه من خطة دولية تنهي عمل وكالة الغوث في قطاع غزة.
وعبر الحاج محمد دخان (84 عاما) عن غضبه وسخطه من سياسة التقليصات التي تتبعها وكالة الغوث موضحا ان السر يكمن في أن الوكالة تخطط الى توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم مطالبا الجميع بالوقوف عند مسؤولياته في هذه المرحلة التاريخية التي تمر بها قضية اللاجئين وأن الأمر لم يعد يحتمل الانتظار.
و قال خالد السراج رئيس اللجنة الشعبية للاجئين بمخيم النصيرات :" ان وكالة الغوث انشأت بقرار دولي لإغاثة و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين فلا ينبغي عليها ان تحيد عن الهدف الذي انشأت من اجله "، داعيا الدول المانحة إلى الالتزام بمسؤولياتها و سد العجز المالي في موازنة الاونروا لتقوم بدورها المنوط بها ".
وتابع السراج ": بأن الوكالة تعمدت خلال الأشهر الماضية بتقليص الكابونات الطارئة للاجئين ضمن برنامج مسح خط الفقر الالكتروني الذي تستخدمه ، مما أدى إلى تضرر مئات اللاجئين من هذا البرنامج الذي ظلم شريحة الفقر المدقع".
من جهته أوضح حسن جبريل رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم البريج أن الهدف من وراء تقليصات الوكالة في المقام الأول سياسي بامتياز ومحاولة مكشوفة للتنصل من قضية اللاجئين.
وأكد جبريل أن سياسة الوكالة في التقليصات ليست وليدة اللحظة وإنما قديمة جديدة بدأتها منذ العام 1982 في مجالات متعددة ومتنوعة، مطالبا بأن تقوم وكالة الغوث بوقف التقليصات بخدماتها وأن تعمل على تطبيق الأهداف التي وجدت من اجلها وبشرط أن تكون غير منقوصة حتى يطبق القرار 194 والقاضي بحق العودة والتعويض إضافة لوجوب تراجعها عن قرار تقليص المستفيدين من السلة الغذائية "الكابونات" والعمل على إعادة النظر في "البرنامج الفاشل" المستخدم في القطاع.
وحمل زياد الصرفندي رئيس اللجنة الشعبية للاجئين بمحافظة رفح جنوب قطاع غزة في كلمته أمام اللاجئين المعتصمين أمام مركز التموين برفح الموظفين الأجانب والمتواطئين من الموظفين العرب بالمسؤولية المباشرة عن هذه التقليصات بحق اللاجئين الفقراء.
ودعا الصرفندي وكالة الغوث بأخذ دورها الطبيعي الذي انشات من اجله و البعد عن كل المؤامرات التي تحاك ضد قضية اللاجئين في ظل رؤية سياسية تهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين.
وتابع" لن نرضى بأي حلول تكون غير عادلة و منصفة للاجئين و لقضيتهم العادلة التي تعتبر أقدم و اعدل قضية عرفها التاريخ ."
من جانبه طالب رأفت صباح رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم دير البلح وكالة الغوث بوقف برنامج الفقر، مؤكد ان هذا البرنامج لا يتناسب مع الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها سكان قطاع غزة فمنذ عام 2000 انتشرت البطالة و تفاقمت الأزمة نتيجة إغلاق المعابر و خاصة معبر بيت حانون أمام عمال قطاع غزة الذين كانوا يعملون داخل الخط الأخضر .
وحذر جمال أبو حبل رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم جباليا شمال قطاع غزة من تنفيذ أي مخطط أو مؤامرة تهدف إلى إنهاء قضية اللاجئين ، مطالبا المجتمع الدولي بأخذ موقف واضح و حازم امام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حصار و حرب متكررة و ارتفاع نسبة الفقر و ازدياد معدلات البطالة التي تزداد سنويا نتيجة تزايد عدد خريجي الجامعات الذين يفتقدون إلى أي فرصة عمل .
و أضاف "كنّا في اعتصام أمام مقرات الوكالة في مخيمات قطاع غزه وستستمر الاعتصامات يوم الثلاثاء من كل أسبوع وستتطور الفعاليات إذا لم تستجب الوكالة لمتطلبات اللاجئين.وخاصة إلغاء البرنامج برنامج المسح الاجتماعي الذي لا يتناسب وحالتنا في غزه.وكذلك إعادة ما تم اقتطاعه في الفترة الأخيرة من قرطاسيه للطلبة ووجبة الأم ، وعدم المساس بالخدمات الصحية أو اى خدمات أخرى."
ووجه أبو حبل رسالة إلى وكالة الغوث قائلاً :" يا وكالة الغوث .نحن لاجئون نعيش فى مخيمات لجوء في غزه .ولسنا في دول الرفاه الاوروبى، أعيدوا حساباتكم في الخدمات المقدمة للاجئين ، وراجعوا قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بدوركم ومهمتكم الموكلة إليكم.اللاجئون في كل مكان على برميل بارود.قد ينفجر في اى لحظه".
و دعا شكري العروقي رئيس اللجنة الشعبية للاجئين بمخيم المغازي وكالة الغوث الدولية لتشكيل لجنة مشتركة من اللجان الشعبية و بعض مؤسسات المجتمع الدولي لمناقشة أي موضوع يخص اللاجئين و دراسته من مختلف الجوانب حتى لا نصل إلى أزمة أو تصادم مع الاونروا التي نحافظ على وجودها و استمراريتها في العمل في مخيمات اللجوء الفلسطينية.
و تابع :" نطالب أبناء شعبنا الفلسطيني إلى الاعتصام بشكل سلمي و حضاري و إيصال رسالة بدون الإساءة إلى مؤسسات الاونروا أو موظفيها ".
و حذر العروقي من بركان غضب جماهيري يمكن ان ينفجر في أي لحظة نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها أبناء شعبنا و استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2006 .
و أضاف "نحاول جاهدين للحفاظ على هدوء الجماهير الفلسطينية و منعهم من أي إساءة إلى مؤسسات الاونروا ، لكن ربما لا نستطيع في المراحل القادمة السيطرة على جموع اللاجئين - لان الجوع كافر- حسب تعبيره ، مطالبا في الوقت ذاته الاونروا إلى التراجع عن قراراتها و إعادة المساعدات إلى اللاجئين في مخيمات قطاع غزة .
وأكدت اللجان الشعبية للاجئين على مواصلة الاعتصامات والاحتجاجات ضد ممارسات الاونروا التعسفية ضد اللاجئين، وستكون هناك خطوات تصعيدية أكبر وأشد في الأيام القادمة، وندعو جماهير شعبنا إلى الاحتجاج السلمي دون المس بمراكز الخدمات أو العاملين فيها، فهي مؤسسات فلسطينية."
وسلم المحتجون رسالة خاطبوا فيها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمفوض العام للاونروا فيليبو غراندي طالبوهم فيها بوقف هذه المأساة المستمرة في عملية القتل البطيء لآلاف الأسر التي تعاني من ظروف الحياة القاسية وإعادة النظر في برنامج مسح الفقر وإلغاؤه وإعادة جميع الخدمات المقدمة للاجئين اغاثيا وصحيا وتعليميا.
يذكر ان اللجان الشعبية للاجئين و التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية قد دعت لاعتصام جماهيري أمام مراكز التموين التابعة للاونروا يوم الثلاثاء من كل أسبوع رفضا لسياسة التقليصات التي طالت أكثر من 34 ألف أسرة لاجئة.