الانتخابات البرلمانية العراقية والبديل القادم

بقلم: شاكر فريد حسن

في الثلاثين من نيسان الوشيك سيتوجه أبناء الشعب العراقي إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم ، التي ستقرر تشكيلة البرلمان العراقي العتيد . ومع اقتراب هذه الانتخابات تشهد المحافظات العراقية تحركات سياسية متعددة ومحمومة للقوى الطائفية السياسية بهدف كسب وتجيير المعركة الانتخابية لصالحها . في حين تزداد القناعة لدى القوى المدنية والأهلية والشخصيات الوطنية والتيارات التقدمية الديمقراطية بضرورة أخذ دورها الطليعي الثوري والتاريخي في رسم خريطة العراق السياسية ومعالم المستقبل ، نحو بناء وتأسيس المجتمع المدني الديمقراطي ، بعد فشل قوى الطائفية والتأسلم السياسي في حكم البلاد وإدارة شؤونها ، من خلال السعي لإقامة أوسع تحالف وطني ديمقراطي لخوض المنافسة الانتخابية المقبلة .

تكتسب الانتخابات البرلمانية العراقية أهمية قصوى وأبعاداً سياسية بالغة في ظروف التأزم السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه العراق نتيجة نهج وممارسات نظام المحاصصة الطائفية ، الذي أنتج وأفرز الأزمات وحالة التردي الأمني والتدهور الحاصل في البلاد ، ووفر بيئة خصبة للإرهاب والتطرف ، فضلاً عن الشحن والتهميش الطائفي والفساد المستشري والفقر المتفاقم وظواهر الجهل والتخلف والأمية ، رغم ما يمتلكه العراق من ثروات طبيعية هائلة وتاريخ ثقافي حضاري عريق .

ولعل مفاجأة هذه الانتخابات اللافتة هي خطوة الزعيم الصدري الشيعي مقتدر الصدر ، الذي كان له حضور وتأييد كبير وواسع بسبب مواقفه الوطنية الجذرية ومقاومته للاحتلال الأمريكي والاستعماري الأجنبي ، ومعارضته الواضحة للفيدرالية ، وتضامنه مع السنة في أوقات الشدة والمحنة ، حيث قرر الانسحاب من الحياة السياسية والاجتماعية واعتزال العمل والنشاط السياسي وحل الكتلة التي تمثله في العملية السياسية وإغلاق جميع المكاتب التابعة له وملحقاتها على كافة الأصعدة الاجتماعية والسياسية والدينية . وهي خطوة سيكون لها بلا شك تأثير وتبعيات وخيمة على الشأن العراقي والحياة السياسية والانتخابات القادمة . وأهم نتائج هذا القرار اعترافه أمام الملأ ببطلان العملية السياسية وافتقادها للمصداقية والأهلية ، ولأنها - كما يقول – أسهمت في تعميق وتعزيز الانقسام والاحتراب الطائفي بين أبناء الشعب ، وإنها ستقود البلاد لحرب أهلية ، ولا حياة في ظل حكومة ديكتاتورية .

ووسط الحراك السياسي العراقي الهائج كان لا بد من ظهور بدائل غير طائفية ، وتأسيس وبناء تحالف سياسي غير طائفي ، يتجسد بتحالف القوى المدنية الديمقراطية من جميع محافظات العراق ، ويضم أكثر من 36 فصيلاً وتنظيماً سياسياً وشخصيات وطنية مستقلة ، لخوض الانتخابات المقبلة ، على أساس برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي واضح ومتكامل لصالح قضايا الشعب العراقي . وما يميز هذا التحالف المدني نظافة اليد والمبدئية والوفاء للمبادئ والالتصاق بحركة الجماهير وهموم الناس ، وبرنامجه العقلاني الهادئ الواقعي البعيد عن الوعود المعسولة الكاذبة ، سعياً لبناء عراق مدني ديمقراطي تسوده الحرية والديمقراطية والمساواة والتسامح والسلام والعدالة الاجتماعية .

وهذا التحالف يقف اليوم أمام تحدٍ كبير في إنقاذ البلاد وتخليصه من نظام المحاصصة الطائفية البغيضة ، ويشكل البديل الإنساني الحضاري القادر على التغيير والنهوض بالمجتمع العراقي وفصل الدين عن الدولة ، والقضاء على الفساد والقهر والظلم والإرهاب .

الشعب العراقي هو صاحب الخيار والقرار ، وسوف يختار البديل المدني الديمقراطي ، ممثله الحقيقي وصوته الهادر المدوي المدافع عن حقوقه وهمومه وقضاياه ومصالحه ، والباحث عن مخرج لأزمته وإيجاد الحلول لمشاكله ، وتحقيق ما يصبو إليه في العيش الرغيد والحرية والكرامة الإنسانية ، وسيلفظ المجرب الفاسد ، الذي أجج الصراع والشحن والتجييش الطائفي وأوصل العراق إلى شفا الهاوية والتدهور الاقتصادي والأزمة السياسية الراهنة ، ولن يسمح له العودة للحكم.