في بعض الاحيان تكون الكتابة عسيرة ونزف للعقل، وتتزاحم الافكار، وتسود الحيرة وعن أي المواضيع سأكتب، فاجلس بين الوقت والأخر امام الكمبيوتر لأتصفح الفيسبوك لاستلهام فكرة من تعليقات الاصدقاء عن اشياء جميلة تتحدث عن الحب والأمل والحياة، فلا اجد غير الكآبة والإحباط والحزن والموت والقتل طعناً وقصفاً.
فالكتابة عن واقعنا ليست سهلة، وما هي الاولوية للكتابة، هل ستكون عن كيري وخطته و اطار اتفاقه، أو عن قرار محكمة الامور المستعجلة المصرية بحظر حماس وموقفها وردود افعالها المستغربة، وما تلاها من خطوات دراماتيكية وسحب ثلاث دول خليجية سفرائها من قطر، وإدراج المملكة السعودية جماعة الاخوان المسلمين على قائمة الارهاب؟
هل ستكون عن الاعتداء بالخطف والضرب على احد مشايخ السلفية في مدينة رفح؟ وتداعيات ذلك على المجتمع و العلاقة بين الحركات الاسلامية وعن حجم الخلاف الديني و السياسي القائم بينها، أم عن هروب بعض المشايخ للحديث عن الواقع المقيت والحديث عن الشيعة وخطرها على الاسلام والمسلمين من اخل السنة؟ و النقاشات والخلافات التي كانت وراء ذلك الاعتداء؟
هل سيكون المقال عن الكراهية و عقلية الانتقام والثأر بين الناس وعدم قبولهم لبعض وغياب قيمة التسامح بينهم؟ وما هي حاجتنا للخروج من حال الصمت وكلام الصالونات والشعارات الى تطوير رؤية وطنية وبرامج وبدائل حقيقية للخروج من الأزمة التي نمر بها، لتحقيق العدالة الاجتماعية والالتزام بها بإرادة وطنية جامعة و واضحة والقيام بمراجعة نقدية لحالة الانكار الذي نعيشها و لخطاب الاستعلاء تجاه الناس؟
أم سيكون المقال عن ادعاء اسرائيل ضبطها سفينة اسلحة متوجهة الى غزة، وتداعيات ذلك على غزة، وماذا تريد اسرائيل من ذلك والدعاية الاعلامية الضخمة التي تقوم بها، وتأجيل المؤتمر الصحافي في إيلات الذي تريد منه اسرائيل ان يكون مؤتمرا لإدانة اكثر من طرف.
وجدت نفسي متحمسا للكتابة عن المرأة ووجعها في يومها، وحاولت ان اكتب عنها بعيدا عن لغة الارقام المجردة التي تتحدث عن الواقع المأساوي للمرأة الفلسطينية، والظلم الواقع عليها وكم امرأة دفعت حياتها ثمناً لحال الانفلات وغياب سيادة القانون والتدهور الخطير في الاعتداءات عليها، والقتل على الشبهة في بعض الاحيان والاتهامات بالشرف، وعلى خلفيات مختلفة لا يتم التحقيق فيها بشكل جدي.
واتضح لي ان لغة الارقام بما تكون مفيدة في التنبيه لحجم المأساة ففي العام 2013، توفيت 43 إمرأة على خلفيات مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة، من بين الوفيات توفيت 3 حالات قتلن لدافع الشرف.
وبمقارنة مع العام 2012، توفيت 24 امرآة على خلفيات مختلفة في الضفة الغربية وغزة، وكان من بين النساء اللواتي قتلن 5 نساء قتلن بادعاء شرف العائلة. ومع بداية العام قتلت ثماني نساء على خلفيات مختلفة من بينهن امرآتين قتلن بإدعاء شرف العائلة.
على هامش اليوم العالمي للمرأة اصدر الرئيس محمود عباس قرارات بتشكيل لجنة كالعادة لإعادة النظر في كل القوانين التي لها علاقة بالمرأة، مع ان قراره الصادر في العام 2011، بإلغاء المادة 340 المتعلقة بالعذر المخفف من قانون العقوبات بفقرتيها من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 المعمول به في الضفة الغربية، و تعديل نص المادة 18 من القانون رقم 74 لسنة 1936 المعمول به في قطاع غزة، لم يتم العمل به في المحاكم الفلسطينية في الضفة وغزة.
و مع ذلك لا يزال القضاء الفلسطيني يقضي بتخفيف العقوبة عن مرتكبي جرائم قتل النساء بداعي الشرف، بالاستناد إلى الأعذار والأسباب المخففة المنصوص عليها في القانونين المذكورين، و اسقاط الحق الشخصي أو ثورة الغضب كون القتل تم دفاعا عن الشرف.
ما يزيد من جرائم قتل النساء في فلسطين من دون أن يترك ذلك أثراً على المسؤولين و التساهل من السلطة القضائية وإصدارها أحكاماً مخففة على المتهمين بتنفيذ تلك الجرائم.
مصطفى إبراهيم
8/3/2014
[email protected]
mustafa2.wordpress.com