إنتهت الإنتخابات المحلية التركية بفوز واسع لأردوغان وحزبه(الحرية والعدالة)،على الرغم من ان كل المعطيات والوقائع تؤشر الى ان هذا الحزب مرشح للتراجع بعشر نقاط او اكثر عن الإنتخابات السابقة،وليس تحقيق تقدم بعشر نقاط،فهناك فشل كبير في السياسة الداخلية والخارجية وكذلك سلسلة الفضائح والفساد المالي التي طالت أركان حزب أردوغان وعائلته،ناهيك عن قمع الحريات وحجب مواقع التواصل الإجتماعي والتقييد الكبير للحريات الإعلامية،وكذلك حملات القمع والإعتقالات بالجملة،كلها عوامل ومؤشرات قوية لكي يتراجع حزب أردوغان ولا يتقدم،ولكن رغم كل هذا استطاع الديكتاتور أردوغان المصاب بجنون العظمة،وإعادة خلافته المريضة على حساب الدم والجغرافيا العربية ان يحقق نجاحاً مستحقاً على قوى المعارضة وبالذات حزب الشعب الجمهوري وغيرها من الوان المعارضة الأخرى....وهذا يدلل على ان قوى المعارضة المشتتة والتي لا تمتلك رؤيا واستراتيجية واضحتين سواء على الصعيد الخارجي او الداخلي،وكذلك عدم قدرتها على توظيف اخطاء أردوغان الكبيرة وفضائحه المالية،وما قام به من عمليات قمع وتنكيل بالجملة بحق المتظاهرين والمعارضين ووصفهم بالخونة في حملتها الإنتخابية يؤشر على أن أردوغان نجح بضعف المعارضة وتعددها،وعدم إمتلاكها لبرامج ومقاربات إقتصادية وإجتماعية وثقافية وغيرها واضحة لكيفية التعامل مع الشأن التركي،وايضاً ما شهدته الأحزاب القومية والعلمانية والليبرالية من ضعف و تراجع عربياً وإقليمياً لعبت دوراً مهماً في نصر اردوغان.
رغم ما حصل عربياً وإقليمياً من تراجعات وإنحسارات لحركة الإخوان المسلمين بعد حالة الصعود والنهوض خلال الثلاثة او اربعة عقود الماضية،والتي بلغت ذروتها بإستلام الإخوان للسلطة في مصر،هذا الإستلام الذي اخرج الحركة من دائرة الإتكاء على خطاب المظلومية وبأنها حركة مقاومة وخادمة للشعب،وكشفها سريعاً امام الجماهير،بانها حركة تعمل وفق مصالحها واجنداتها،وليس وفق مصلحة واهداف شعوبها،ولتخسر الحركة الحكم في أقل من عام واحد،وهذا الخسارة لا تعني بأن هذه الحركة قد إنتهت او خرجت من دائرة الفعل والعمل والحضور السياسي،فالإسلام السياسي له بيئة حاضنه عربياً وإسلامياً،ويمتلك بنية تحتية وتنظيمية ودينية وشبكات واسعه من المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية،ولديه صنابير مال مفتوحه على مصرعيها..وبالتالي المواجهة مع تلك الجماعة بالضرورة ان لا تكون عبر البوابة الأمنية من خلال الإعتقالات او قرارات الإعدام بالجملة التي أصدرها القضاء المصري بحق أعضاء تلك الجماعة،بل عبر إجراءات وتشريعات اقتصادية واجتماعية ناجحة،مترافقة مع إطلاق الحريات الديمقراطية والسياسية ومواقف قومية وعروبية حقيقية تسند وتشكل روافع حقيقية للمشروع القومي العربي.
وفي الإطار الاخر فواضح بان حركة حماس تتكرر إرتكاب نفس الأخطاء وعلى نحو أشد واكثر خطورة،فهي لا تجلب الضرر لنفسها فقط،بل هذا ينعكس على الشعب الفلسطيني عموماً،فعندما فاز مرسي بالانتخابات المصرية،هللت وطبلت حماس لانتصار "المشروع الإسلامي"،وأضحى "مرسي" بمثابة الخليفة المنتظر،ووضعت حماس كل بيضها في سلة مرسي،وبعد سقوط"الخليفة مرسي" المدوي،وقفت حماس المتماثلة ايدولوجيا وفكريا والنابتة من رحم الجماعة مع الإخوان ب"الباع والذراع" واستعدت النظام الجديد في مصر دون أي اعتبار لقضية الجغرافيا وما يستتبع تلك المواقف من انعكاسات على الشعب الفلسطيني،حيث دفع ويدفع شعبنا في قطاع غزة ثمن اخطاء حماس،حيث أقدم النظام المصري على إجراءات غير مسبوقة من تدمير للأنفاق واغلاق معبر رفح،وفرض اجراءات وقيود على سفر الفلسطينيين من القطاع للخارج،وبرر ذلك ليس فقط بتدخل حماس في الشان الداخلي المصري،وهذه حقيقية لا تستطيع حماس نكرانها،بل بحماية الأمن القومي المصري،وخصوصاً بما يحدث في سيناء والتي أصبحت بؤرة لكل الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمغذية اقليمياً ودولياً والتي تعبث بالأمن القومي المصري وتهدد الإستقرار.
واليوم بعد فوز الدكتاتور أردوغان فقد بدأت حماس حملة تطبيل وتزمير واعلنت حالة النفير العام ونصبت خيام الفرح ودقت الطبول وسيرت المسيرات إحتفالاً وابتهاجاً ب"المشروع الإسلامي" وقائده أردوغان "الخليفة المنتظر"،الخليفة هذا "نصير غزة وفلسطين والإسلام والعروبة"،وانا لا أعرف أي غباء سياسي ترتكبه هذه الحركة؟؟؟ وعن أي قائد إسلامي ومشروع إسلامي تتحدث ؟؟،فأنا لا اعرف كيف يكون مشروعاً إسلامياً في كنف عضوية الخليفة"أردوغان" في حلف الناتو وما يقدمه من خدمات لأمريكا والغرب واسرائيل في إطار تلك العضوية؟؟،وهل يريد مصلحة العرب والمسلمين،وهو الذي يسعى لشن حرب على سوريا خدمة للأطلسي وامريكا،حسب الفيديو المسرب لإجتماع أركان قيادته،وإرضاءاً لنزواته وجنون عظمته؟؟،وهل من هو غارق في الفساد من رأسه حتى اخمص قدميه هو وعائلته وأركان حزبه نموذجاً للشفافية؟ ،وهل من يمارس القمع والتضيق على الحريات وتكميم الأفواه وتخوين المعارضين له نموذجاً للديمقراطية والعدالة؟؟.
أي قائد هذا وأي مشروع اسلامي تتحدث عنه حماس؟؟،حماس عليها ان تراجع سياساتها ومواقفها،ولا تستمر في جلب المصائب والكوارث لشعبنا،فوقوفها الأعمى الى جانب الاخوان ومرسي جلب على شعبنا الكوارث في القطاع،ودعمها وابتهاجها بانتصار الخليفة أردوغان ،الديكتاتور والطاغية سيجلب علينا وعلى شعبنا في القطاع المزيد من الكوارث والمصائب،فهل تتعظ حماس وتتخلى عن سياساتها المدمرة؟؟.