قررت بلدية غزة نقل سوق "فراس" الشعبي إلى منطقة اليرموك من أجل بناء مركز تجاري استثماري وعصري كبير، بعد أن تم تأجيل تنفيذ هذا المشروع أكثر من مرة في الوقت السابق، وذلك بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة مع تشديد الحصار ومنع إدخال مواد البناء من الجانب الإسرائيلي، اضافة الى عدم توفر الموارد المالية لدى حكومة غزة التي تديرها حركة حماس.
وأثار الإعلان الجديد من قبل بلدية غزة عن تنفيذ المشروع تساؤلات كثيرة بين المواطنين وأوساط التجار والعاملين في سوق "فراس" حول مدى جدوى المشروع وكيفية تنفيذه في ظل عدم تغير الوضع القائم.
وكانت بلدية غزة قد طرحت في أكتوبر من العام 2011 مشروعاً لإقامة مركز تجاري مكان سوق "فراس" والذي تخطط لنقله إلى سوق "الحرية" الشعبي قرب ملعب اليرموك وسط غزة، بهدف إزالة المكرهة الصحية وتطوير المنظر الحضاري للمدينة.
وامهلت بلدية غزة الشهر الماضي التجار والبائعين في سوق "فراس" فترة ستة أشهر لنقل محلاتهم إلى سوق "الحرية"، تمهيداً للبدء بتنفيذ المشروع الاستثماري.
ويعد سوق "فراس" الشعبي، معلم من معالم غزة التاريخية، يقع في منتصف شارع عمر المختار بقلب المدينة، ويوجد فيه أكثر من 350 محلاً تجارياً يعتاش منها أكثر من 8500 أسرة فلسطينية.
نرحب به..
يقول عبدالله كريم بائع الخضرة في سوق "فراس"، "الحكومة طلبت من البائعين في سوق فراس الانتقال إلى سوق اليرموك، من أجل تحويله لمشروع استثماري كبير، وهذا ما نرحب به في حال عاد بالفائدة علينا"، مشيراً إلى أن هذا المشروع الذي سيتم تحويله سيجمع العديد من الاحتياجات اللازمة للمواطنين من جميع الأنواع."
ويوضح كريم في حديثه لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" أن تحويل سوق "فراس" إلى منطقة اليرموك "لن يرضى عنه جميع البائعين والمواطنين"، معللاً أن "المواطن قد تعود على سوق فراس لوجوده وسط مدينة غزة ولصغر مساحة سوق اليرموك أيضاً."
بحاجة لدراسة..
وتحدث أسعد البلبيسي صاحب محل فواكه وخضروات في سوق "فراس" بالقول" نحن مع الحكومة في هذا الأمر ولا نرفض التطوير، لكن هذا المشروع بحاجة لدراسة متعمقة، لأننا في غزة بحالة حصار شديد"، لافتاً إلى أن بلدية غزة اجتمعت بهم لابلاغهم بنقلهم إلى سوق اليرموك على فترات مدتها ثلاث سنوات حتى تجهيز مشروع سوق "فراس".
ويضيف البلبيسي ": إذا كان هذا المشروع لصالحنا ونستفيد منه نحن كبائعين ويعود بالمنفعة لعامة الشعب سنوافق على مطالب الحكومة"، مطالباً من الحكومة نقلهم إلى مكان آخر غير اليرموك لأن بجواره مكب النفايات وهو مكان ضيق بالنسبة لهم.
رفض المشروع..
ويرفض نبيل الشيخ بائع لحوم في سوق "فراس" مقترح بلدية غزة والذي يقضي بنقل السوق إلى منطقة اليرموك واستبداله بمشروع تجاري، معللاً أن "الوضع الاقتصادي في قطاع غزة لا يسمح ببناء مشروع استثماري كبير."
ويقول الشيخ "هذا السوق قديم منذ زمن الأتراك والمصريين، وكل المناطق في غزة تأتي للتسوق فيه، ونقل السوق إلى اليرموك هذا أمر سيء للغاية لأن مكان اليرموك عبارة عن مكب نفايات، وما طرحته البلدية علينا ليس مشروعاً استثمارياً بل مشروعاً للمقامرة بالمواطنين كونها تمت في الظلام بين بلدية غزة والمستثمرين بعيداً عن الشفافية ".حسب قوله
مطلب حكومي وشعبي..
من جهته، يؤكد مدير العلاقات العامة في بلدية غزة حاتم الشيخ خليل أن "سوق فراس في وضعه الحالي مكرهة وفي غاية السوء، فهناك محلات كثيرة مهجورة وبنية تحتية سيئة، وعوامل النظافة الصحية والبيئية غير متوفرة"، معتبراً موقع سوق "فراس" من أهم مواقع القطاع لأنه وسط المدينة.
ويقول الشيخ خليل لـ"وكالة قدس نت للأنباء" ، "لذلك كان علينا إزالة المكان هذا وتحويله لمركز تجاري متعدد الأنشطة بوضع جيد، وهذا يعتبر مطلباً حكومياً وشعبياً وافقت عليه كل المؤسسات الوطنية والاجتماعية، حيث نحافظ في نفس الوقت على مصلحة المستأجرين بتحويل هذا المكان لصرح حضاري وجمالي واقتصادي يستفيد منه الناس ويفتح مجالات متعددة لتوظيف الشباب وتوفير فرص عمل بدل عدم استغلاله بالشكل الصحيح ".
ويضيف " نحن نريد نقل السوق مؤقتاً إلى اليرموك إلى أن يتم بناء سوق جديد ومناسب وبعد ذلك سيعود البائعون إلى أماكنهم الجديدة بسوق مصنف متعدد الأنشطة فسوق الخضار لوحده وسوق اللحوم له مكانه ومواقف للسيارات إلى غير ذلك من الأمور" منوهاً إلى أن البلدية درست موضوع نقل السوق إلى اليرموك جيداً، وسيقومون بنقل مكب النفايات الموجود في اليرموك، ليكون بعيداً عنه ويراعى فيه توفير مكان مناسب يتوفر فيه مرافق وماء وكهرباء .
ويوضح أن دراسة هذا المشروع متعلقة بالمستثمرين الذين قاموا على توقيع الاتفاق مع البلدية، حيث بناء السوق وتجهيزه في فترة زمنية متفق عليها، مبيّناً أن الاستثمار في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار الخانق له قدر كبير من المخاطرة ونسبة كبيرة يتحملها المستثمر في هذا الموضوع.
الوضع غير مهيأ..
وفي ذات السياق، يوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر معين رجب أن بناء مشروع استثماري كبير في منطقة "فراس" يحتاج إلى دارسة كبيرة، لأن منطقة السوق في قلب المدينة وهو قديم والناس اعتادت ارتياده وموقعه ملائم لهم، مضيفاً "لا بأس من تطوير سوق فراس فالبلدية تتطلع لإقامة مشاريع جديدة ولكن يجب أن تعود هذه المشاريع بالفائدة على الجميع".
ويتابع الخبير الاقتصادي رجب: "يجب على الحكومة عند إقامتها سوق جديد اختيار مكان غير مشغول كفراس، فيمكن لها البحث عن فضاء غير مشغول وبالتالي تحقق بقاء السوق الحالي ولا يتضرر الناس الذين يعملون فيه"، لافتاً إلى أن مكان سوق "فراس" كبير ويصلح لإقامة مشاريع كهذه، ولكن ليس على حساب العاملين فيه.
ويشير إلى أن "الظروف في الوقت الحاضر غير مهيأة بشكل كامل لإقامة مشروع ضخم بحجمه، وذلك بسبب الحصار والأزمة الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة، مشدداً على أن هذا المشروع يكلف مبالغ ضخمة ويحتاج لوقت كبير ليتم انجازه، وليقبل عليه الراغبون للاستفادة منه كمشروع كالمستأجرين والذين يريدون الشراء."
تقرير/ محمود القصاص
