يحيي الفلسطينيون ذكرى يوم الأسير الفلسطيني(17 نيسان/أبريل) هذا العام في ظل تعقيدات تفرضها اسرائيل عبر مفاوضات السلام تبعد الأمل في نيل حرية ابنائهم، بعد التعنت والمماطلة بالافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى.
ولكن ما يميز هذه الذكرى عن كل عام هو انضمام دولة فلسطين بعضويتها الغير كاملة بالامم المتحدة الى الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف الاربعة والتي بات الاسرى الفلسطينيين بموجبها اسرى حرب تحت الحماية الدولية.
"وكالة قدس نت للأنباء " اعدت تقرير يتضمن ايضاح للاليات المتاحة امام فلسطين وفقا لاتفاقيات جنيف لمحاسبة اسرائيل، واحصائيات هامة عن الاسرى الفلسطينيين ، بجانب شهادة الاسير المحرر علي عباس البياتي والتي تحدث بها عن استشهاد اسرى فلسطينيين داخل سجون الاحتلال ، وانواع التعذيب المختلفة التي تستخدم ضد الاسرى.
وزير الاسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع ، كشف منذ بداية الحديث عن بدء تحضير ملفات وصفها (بالهامة) تتعلق بجرائم حرب ارتكبتها اسرائيل ضد الاسرى الفلسطينيين ، منها التعذيب والاهمال الطبي والاعتقال الاداري والاعتقال للاعتقال واعتقال النواب والقتل العمد للأسرى، من اجل رفع تقرير شامل وموثق بما يخص ان اسرائيل تنتهك اتفاقيات جنيف .
ويقول قراقع لـ"وكالة قدس نت للأنباء" هناك اكثر من 150 دولة بالعالم موقعة على اتفاقيات جنيف الاربعة ، ومن بينها اسرائيل التي وقعت عليها ولكن هي الوحيدة التي ابدت تحفظات حين وقعت على الاتفاقية ، حيث ادعت ان اتفاقية جنيف لا تنطبق على الاراضي الفلسطينية المحتلة ، وادعت انها اراضي متنازع عليها ".
مقاضاة اسرائيل..
ويضيف " لكن هذا الادعاء قد سقط بعد ان اصبحت فلسطين دولة عضو في الامم المتحدة ، لها السيادة القانونية والسياسية على الشعب الفلسطيني الذي يعيش داخل اراضيها المحتلة ، واى فلسطيني يعيش في اى مكان بالعالم."
ويؤكد بالقول" من حقنا الان ان ندعو الدول المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الى تشكيل لجنة تقصي حقائق مكونة من 15 عضوا ، حسب الاتفاقيات للبحث ومناقشة مسائل تتعلق في انتهاك حقوق الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي ، كما ونستطيع ان نتوجه الى الجمعية العامة بالأمم المتحدة ودعوتها الى تشكيل محكمة للتحقيق في تلك القضايا ".
ويتابع قراقع " نستطيع ان نستخدم المحاكم الوطنية للدول الموقعة على اتفاقيات جنيف ، لمقاضاة اسرائيل من خلالها برفع دعواي قضائية ، والفرصة اصبحت متاحه امام فلسطين الآن " .
ويعتبر قراقع ، ان انضمام فلسطين الى اتفاقيات جنيف ، رفع مكانة الاسرى بالاعتراف بمشروعية النضال الفلسطيني ، وليس كما تتعامل اسرائيل معهم "كـارهابين ومجرمين" ، حيث تقوم بتطبيق عليهم قوانينها العسكرية وليس مبادئ حقوق الانسان .
ويوضح " اتفاقيات جنيف لديها سلطات تنفيذية هامة جدا ، على الصعيد الدولي والمحاكم الوطنية في الدول الموقعة عليها والتي تسمح تشريعاتها بمقاضاة اسرائيل في محاكمها واى مجرم حرب وان لم يحمل جنسية هذه الدولة ".
ويشير الى ان قضية الاسرى الفلسطينيين اصبحت تحت الحماية الدولة ، "انضمامنا لاتفاقيات جنيف خطوة كانت هامة ربما تتلوها خطوات آخرى عندما تنضم فلسطين الى محكمة الجنايات الدولة وهي خطوة ذات اهمية كبرى في المستقبل ".
ويقول " يمكن لفلسطين ان تدعو كل الاطراف الموقعة على هذه الاتفاقيات للاجتماع بشكل فوري ، لإلزام دولة الاحتلال الاسرائيلي ، بتطبيق هذه الاتفاقيات على الاسرى الفلسطينيين ، بإعطاء الاسرى حقوقهم كاملة كاسرى حرب واحترام مكانتهم ومعيشتهم ومحاكمتهم بشكل عادل وفق نصوص اتفاقيات جنيف ".
ويكمل قراقع " الالية الثانية يمكن لنا ان نقدم تقارير عن الانتهاكات الاسرائيلية ، الى الحكومة السويسرية بصفتها الدولة الراعية لاتفاقيات جنيف ، ويتم مناقشتها في اجتماع للدول المنظوية تحت اطار هذه الاتفاقيات ".
وختم " اوجه تحية الى جميع الاسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال بدون استثناء بمناسبة يوم الاسير الفلسطيني هذا اليوم الذي يحييه الفلسطينيون وكافة الاحرار بالعالم ، نقول انه لا يمكن لسلام ان يتحقق الا بإنهاء معاناة الاسرى جميعهم بالافراج عنهم واعطائهم حريتهم ، ان هذا اليوم يمثل مناسبة لفضح جرائم الاحتلال التي ترتكب بحق الاسرى ".
الباحث والمختص بشؤون الاسرى الفلسطينيين عبد الناصر فروانة ، اكد لـ"وكالة قدس نت للأنباء"على أهمية تطبيق اتفاقيات جنيف على الاراضي الفلسطينية المحتلة ، لكن برأي فروانة فان المشكلة تكمن بان اسرائيل لا تلتزم وتطبق هذه الاتفاقيات ، كما ولا تلتزم بكافة الاتفاقيات الدولية الحقوقية ، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب .
وبنظر فراوانة فان اتفاقيات جنيف لا تمنح الحق في محاسبة اسرائيل ، التي لا تزال تخشى انضمام فلسطين الى محكمة روما الجنايات الدولية ومحكمة لاهاي وهو اخطر ما تخشاه ، ولا يقلل ذلك من اهمية خطوة انضمام فلسطين الى اتفاقيات جنيف ، حسب فروانة .
مشوار طويل..
ويرى فروانة " نحن امامنا مشوار طويل اذا ما اردنا محاسبة اسرائيل ، رغم انضمامنا لاتفاقيات جنيف ، لاننا لو اردنا محاسبة اسرائيل في المحاكم الوطنية للدول المنظوية تحت اتفاقيات جنيف ، نحتاج الى بذل جهود كبير وقرارات سياسية على المستوى الاقليمي والدولي لمساعدتنا وحشد رأي عام لرفع محاكم ضد اسرائيل ".
وكانت قد اعلنت وزارة الخارجية الاتحادية السويسرية يوم الجمعة الماضي ، بأن فلسطين أصبحت عضوا في اتفاقيات جنيف الأربعة والبروتوكول الإضافي الأول ، وهو ما اعتبره الرئيس الفلسطيني محمود عباس "تاريخا جديدا ويوما تاريخيا".
وقال الناطق باسم الخارجية السويسرية بيار آلان إلتشينغر لوكالة الصحافة الفرنسية إن "سويسرا (حيث أودعت هذه الاتفاقيات) سجلت وثيقة انضمام فلسطين في العاشر من أبريل/نيسان الجاري وأبلغت كل الدول الأعضاء (الأطراف العليا المتعاقدة) في هذه الاتفاقيات", التي تعتبر نصوصا أساسية للحق الإنساني.
وكانت القيادة الفلسطينية وافقت على الامتناع عن التوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة في يوليو العام الماضي، مقابل أن تطلق إسرائيل سراح 104 اسير فلسطيني تحتجزهم قبل توقيع اتفاقية أوسلو 1993، على أن تستأنف المفاوضات لمدة تسعة أشهر، وتنتهي المدة في 29 أبريل/نيسان.
وأطلقت إسرائيل ثلاث دفعات من الاسرى بالفعل، إلا أنها علقت عملية إطلاق سراح الدفعة الرابعة (30 اسير) والتي كان من المفترض أن تتم في الـ 29 من الشهر الماضي.
وعلى الفور أعلن الرئيس الفلسطيني ابو مازن التوقيع على طلبات الانضمام إلى 15 معاهدة واتفاقية أممية من ضمنها اتفاقيات جنيف، الأمر الذي أزعج إسرائيل، وبدأت حملة من تبادل الاتهامات بين الجانبين.
وتابع فروانة بهذا الشأن " بكل الاحوال مطلوب منا كفلسطينيين ان نوثق كل الانتهاكات بالصوت والصورة بشكل ممنهج ، والتي ترتقي في كثير من الاحيان الى جرائم حرب ، ومنها القتل العمد لاسرى فلسطينيين "، مستدركا " حتى اللحظة نحن لا نملك ارشيف كاملا ومتكاملا لكل جرائم اسرائيل ضد الاسرى ".
ويوضح " اعداد ملفات وتوثيقها مهمة ليست سهلة وتحتاج الى تكاثف الجهود من قبل وزارة الاسرى ومؤسسات حقوق الانسان ".
ويلفت فروانة الى تهمة او محاكمة اسرى من بينهم 200 طفل تحت سن الثامنة عشر ، و19 اسيرة فلسطينية تتقدمهن لينا الجربوني المعتقلة منذ 12 عاما .
اضافة الى ذلك يوجد في سجون الاحتلال 11 نائب فلسطيني ابرزهم مروان البرغوثي واحمد سعدات ، بالإضافة 476 اسير يقضون احكام مؤبد لمرة واحدة او عدة مرات ، ويعد الاسير عبد الله البرغوثي هو الاعلى حكما حيث يمضي حكم بالسجن 67 مؤبد ، من بينهم 30 اسيرا فلسطينيي مازالوا معتقلين منذ ما قبل اتفاق اسلو.
كما وانه منذ عام 1967 وحتى اللحظة استشهد في سجون الاحتلال 205 اسير فلسطيني ، نتيجة التعذيب والاهمال الطبي والقتل العمد ومن بينهم 7 اسرى استشهدوا بعد اصابتهم باعيرة نارية داخل المعتقل ، ومنهم اسعد الشوا ومحمد الاشقر، كما ويوجد 1400 اسير بالوقت الحالي يعانون من امراض مختلفة بينهم 25 اسير يعانون من مرض السرطان ، و80 اسير يعاني من اعاقات مختلفة ، علما بان عدد الاسرى الفلسطينيين الموجودين حاليا في سجون الاحتلال بلغ خمسة الاف اسير، بينهم 185 معتقل اداري.حسب فروانة
ويمثل الاسير المحرر علي عباس البياتي ، احد الاسرى الاحياء الذين يشهدون على قتل اسرائيل للعديد من الاسرى الفلسطينيين في سبعينيات القرن الماضي ، حيث اعتقل البياتي في 18/11/1979، وامضى في السجن من حكمه المؤبد عشرون عاما قبل الافراج عنه عنه في 15/10/1999 .
ويقول البياتي بينما يعود في ذاكرته الى تلك المرحلة " هناك اسرى فلسطينيين قد استشهدوا في سجون الاحتلال ، منهم عبد القادر ابو الفحم ، حسين عبيدات، راسم حلاوة ، علي الجعبري ".
ويروي الاسير المحرر البياتي كيف استشهد الاسير حسين عبيدات ، وقد جمعتهم غرفة سجن واحدة ، فيقول "بينما كان الاسرى يخوضون اضراب عن الطعام استمر لمدة عشرون يوما في سجن عسقلان ، بدأ الاسير عبيدات يستفرغ دم وقد اخذوه السجانين الى مستشفى عسقلان لكنه في اليوم الثاني استشهد وكان بسبب الاهمال الطبي وعدم معالجته بصورة صحيحة" .
ويضيف البياتي لـ"وكالة قدس نت للأنباء"، ان" الاسيران حلاوة والجعبري ، استشهدا في سجن الرملة ، نتيجة محاولة السجانين وضع انبوب في فمهم رغمن عنهم ، وادى هذا الانبوب الى خنقهم وتوفوا على الفور ."
شكلا علميا في التعذيب..
الاسير المحرر البياتي وهو عراقي الاصل من (اسرى الدوريات) يحمل جنسية فلسطينية، اعتقله قوات الاحتلال بتهمة انتمائية الى منظمة التحرير الفلسطينية ، والتي كانت تعتبرها إسرائيل آنذاك منظمة ارهابية ، وقد وجهت له تهمة بقتل إسرائيليين ، ويعيش البياتي في قطاع غزة حاليا بعد ان تزوج فلسطينية وانجب منها ابنتين وولدين.
وتنقل البياتي كما يقول في سجون عديدة منذ لحظة اعتقاله حيث تم التحقيق معه في سجن عكا للتحقيق الجنائي ، ثم ارسل الى سجن الرملة للتوقيف وبعد يومين ارسل الى محكمة اللد ثم ارسل الى سجن نفحة ، فيما امضى سنوات في سجن عسقلان .
ويؤكد البياتي بان اسرائيل مارست ضدهم انواع مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي ، من خلال الضرب والشبح ، قائلا " يتم اجلاس الاسير على كرسي ويتم تقييد يديه ورجليه الى الخلف ووضع "كيس" في رأسه (..)رائحته كريهة وملئ بالقاذورات ويترك الاسير لأيام طويلة" .
ويتابع " كان يتم تعرية الاسرى وشبحهم بربط ايديهم الى اعلى ، او ربط ايديهم الى الخلف واجبارهم على الوقوف على قدم واحدة ، ومن ثم يقوم السجانين المارين من حولهم بضربهم ضرب مبرح ".
ويضيف " كما وقد استخدم اساليب لمنع الاسرى من الانجاب في حال تم اطلاق سراحهم ، بوضع قلم حديد في (بشر) الاسير"العضو التنالي" والضرب عليه ، وعلى الخصية ، وكان هذا الاسلوب يولد ألم حاد شديد جدا ".
الاسير البياتي خرج من السجن يعاني من مرض السرطان بالدم ، حيث مكث في المستشفيات الاردنية لمدة عام لكي يعالج من هذا المرض.
ويرجع البياتي سبب مرضه الى الإهمال الذي تعرض له اثناء وجوده داخل السجن قائلا " الاكل الذي قدم لنا ملوث ، كما وان سجن عسقلان الذي قضيت به سنوات كان بجانبه مصنع اسرائيلي كيميائي، كما وان مفاعل ديمونة النووي قريب سجن نفحة الصحراوي وهذه العوامل تؤدي الى الاصابة بالسرطان ".
ويؤكد البياتي ، ان اسرائيل مازالت تمارس اشكال عديدة من التعذيب ضد الاسرى ولكن اخذت شكلا علميا بحيث يتم تعذيب الاسرى دون ان يترك الضرب والتعذيب اثرا على جسد الاسير ، مضيفا " الاسرى شهداء مع وقف التنفيذ ".
ويوم الأسير الفلسطيني هو اليوم الذي يحييه الشعب الفلسطيني في 17 نيسان/ابريل من كل عام تكريما للأسرى الفلسطينيين. بدأ الفلسطينيون بإحياء هذه الذكرى منذ 17/ 4/ 1974 وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني هو محمود بكر حجازي في أو عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
