العلاقات السوريه الاردنيه اتسمت بالمد والجزر على مر العقود ، حيث ان هذه العلاقات اتسمت لفترة بالازدهار وحسن الجوار العربي واتسمت بفترات اخرى بالتوتر وكل ذلك حقيقة مرتبط بالصراعات الاقليميه والدولية وانعكاسها على العالم العربي ، يبدو ان علاقات الاردن في سوريا تقف امام مفترق طرق وان الاردن بخطوته طرد السفير السوري بهجت سليمان مبينا ان سبب الطرد للسفير السوري يعود الى الانتقادات التي تصدر عن السفير السوري ضد السياسة الاردنيه والمواقف الاردنيه والتي بوجهة المسئولين الاردنيين خرق للأعراف الديبلوماسيه المتبعه وذلك بتعرضه بشكل علني لسياسات الدوله المضيفه نقدا وهجوما وتهديدا ، وبوجهة نظر القياده السوريه الاردن يتدخل في شؤون سوريه الداخليه ويسهل دخول المجموعات المسلحه والاسلحه عبر الحدود الاردنيه السوريه ، وان هناك اتهامات من قبل القياده السوريه للحكومة الاردنيه بان هناك قواعد عسكريه لتدريب قوات المعارضه السوريه وبإشراف امريكي ،الاردن يخضع لضغوطات اقليميه من اجل ان ينخرط مباشرة في عملية الصراع على سوريا ، وان امريكا والغرب ودول اقليميه عربيه تستغل المديونية الاردنيه لأجل دفعه للمشاركة في حمى الصراع على سوريا وبحسب خبراء اقتصاديون ان ارتفاع حجم المديونية الى نحو 27 بليون دولار يضع الاقتصاد الاردني امام تحديات كبيره خاصة وان معدلات الدين تخطت الحدود المسموح بها في قانون ادارة الدين العام بحيث لا تتجاوز 60 % من الناتج المحلي ، ويتوقع الخبراء ان تواصل مديونية الاردن ارتفاعها خلال العام الحالي لتبلغ 90 % كنسبه من الناتج الاجمالي خاصة مع توجه الحكومة الاردنيه لمزيد من الاقتراض الخارجي وإصدار سندات دوليه بكفالة الولايات المتحدة بقيمة مليون دولار ،هذا الواقع الذي تعيشه الحكومة الاردنيه يفرض عليها التجاوب والاستجابة للضغوط الممارسة عليها لأجل فرض المزيد من الضغوط على سوريا خاصة وان اجراء الانتخابات الرئاسية السوريه في الثالث من حزيران 2014 يعد تحديا للاداره الامريكيه والغرب وإسقاطا للمشروع الامريكي الصهيوني الذي يستهدف المنطقه وان نجاحات ما يحققه الجيش العربي السوري وعقد المصالحات الداخليه يعد مصدر قلق لأمريكا وحلفائها في سوريا ، وان فشل المشروع الفرنسي في مجلس الامن لإحالة الملف السوري لمحكمة الجنايات الدوليه بالفيتو الروسي الصيني المزدوج حيث وقف الاردن لجانب مشروع القرار الفرنسي الغربي مما عدته سوريا تمهيدا لعدوان جديد يتم الاعداد له عبر الاراضي الاردنيه.
ان قرار طرد السفير السوري بهجت سليمان من الاردن لم يكن مصادفه وهو قد جاء متزامنا مع بدء مناورات الاسد المتأهب العسكريه التي تجري حاليا قرب الحدود السوريه الاردنيه وتستمر حتى الثامن من الشهر المقبل وتشارك في هذه المناورات 19 دوله ابرزها امريكا وتركيا والمملكة العربية السعوديه وقطر واستراليا والعراق وبلجيكا وبر ناوي والإمارات وجمهورية التشيك وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وكندا وكازاخستان والكويت ولبنان ومصر والنرويج وباكستان وبولندا وفيلق من قوات التدخل السريع التابعة لحلف الناتو ، وان هذه المناورات تترافق مع تهديدات امريكيه غربيه لتوجيه ضربه عسكريه لسوريه حيث ابدت روسيا قلقها من امكانية التدخل العسكري الامريكي الغربي في الشؤون الداخليه السوريه ، خاصة وان هناك مخطط يهدف لإنشاء ممرات امنه وإنشاء منطقه عازله على الحدود الجنوبيه التي تربط سوريا بالأردن وتربط الكيان الاسرائيلي بسوريا وذلك ضمن الشريط الحدودي اللبناني سابقا ، وان المراقبين والمحللين يربطون عملية التصعيد من قبل الاردن بتوتير العلاقات مع سوريا بالمخطط المرسوم لهجوم يستهدف سوريا في الجنوب ويمكن المجموعات المسلحه من الوصول الى دمشق ويعطل اجراء الانتخابات الرئاسية ويمهد لحكم انتقالي ترغب امريكا والغرب في الوصول لتحقيقه بعد ان عجزت المجموعات المسلحه المدعومة من امريكا والغرب ونظم عربيه من تحقيقه.
توقيت طرد السفير السوري من عمان مرتبط بأهداف ما يستهدف سوريا من مخطط تجد امريكا نفسها في وضع يجعلها تخسر لوجودها بعد ان فشلت مقايضة ألازمه الاوكرانيه بالصراع على سوريا وبعد ان وصل التنسيق الروسي الصيني لأوجهه الذي توج بصفقة الغاز بين البلدين وبعد القرار الروسي الصيني بوقف التعامل بالدولار ، استشعار امريكا لخسارتها خاصة وأنها تتهيأ للانسحاب من افغانستان وهذا يجعلها تخسر وجودها في شرق ووسط اسيا وجنوب اسيا وهي بهذا تخسر مصالحها في اسيا وان خسارتها لا تعوض إلا بتحقيق واستكمال مخططها في سوريا ، ان خسارة امريكا في صراعها على سوريا هو خسارتها لوجودها في الشرق الاوسط وان امن اسرائيل يصبح في خطر ، وان التصعيد ضد سوريا مرتبط باستكمال المخطط الذي يستهدف المنطقه وهذا ما دفع الاردن لاتخاذ خطوه كهذه تقود لتصعيد الوضع المتأزم اصلا في علاقة الاردن في سوريا ، قوى الائتلاف السوري المدعوم من امريكا والذي تم الاعتراف به من قبل امريكا والغرب وإضفاء صفة الديبلوماسيه على بعثاته يدفع بممثل له في الاردن ، ويراهن على ان تدفق الاسلحه الامريكيه والعربية والغربية النوعيه الى المجموعات المسلحه والتي تقاتل لأجل اسقاط سوريا سيبدأ خلال الاسابيع القادمة وهي خطه مترافقة مع عملية الاسد المتأهب وتهدف لعملية تغيير موازين القوى التي هي لصالح الجيش العربي السوري ، عملية الاسد المتأهب قد تكون مترافقة مع عملية وخطة اسقاط دمشق وذلك بالهجوم ودفع المجموعات المسلحه عبر درعا مع الحدود مع الاردن وعبر الحدود مع الكيان الاسرائيلي.
ان مسارعة قوى الائتلاف السوري لتسمية رجل الاعمال السوري محمد مروح ليكون ممثلا لقوى الائتلاف في الاردن وهو ضمن محاولات اشعال نيران الصراع بين سوريا والأردن لتصل حد القطيعه بما يخدم اهداف وتطلعات قوى الائتلاف لزرع موطئ قدم له ويستولي على السفارة السوريه بالأردن ضمن محاولات تؤدي للقطيعة الكاملة بين الاردن وسوريا وصولا لهدف تصبح فيه جبهة الجنوب جبهة مشتعلة امتدادا للجبهة مع اسرائيل وضمن عملية تخطيط وتنسيق بضغوط امريكيه وغربيه تجعل من الاردن جزء من المخطط الذي يستهدف اسقاط سوريا ، يبدوا ان الوضع المتأزم والقرار الاردني مرتبط بمعركة دامية يتم الاعداد لها وقد تقود لحرب اقليميه وستكون معركة فاصله في مسار ألازمه السوريه ، ان ساحة الجولة ومكانها جنوب سوريا من درعا على خط الحدود الاردنيه السوريه وصولا الى مشارف العاصمه دمشق وريفها وغوطتيها ، وان الهدف احداث تغير على موازين القوى على الارض بين النظام والمعارضة قد تفضي كما اسلفنا لخلق شريط حدودي ، يبدوا من معطيات الاحداث ان الضغوط على الاردن بلغت حدا يتعذر معه البقاء بعيدا نسبيا عن التورط المباشر في دهاليز ألازمه السوريه.
لكن يبقى السؤال هل من مصلحة الاردن ان يقحم نفسه في هذا الصراع بحيث يتعرض الامن الاردني والمصالح الاردنيه للخطر وان في هذا التورط ما يمس بأمن واستقرار الاردن لان الهدف يبقى هو اشعال الصراعات في المنطقه ويبقى المخطط هو تصفية القضية الفلسطينيه وان خيار الوطن البديل امر قائم لم يسقط من حسابات الساسة الاسرائيلين الذي يستهدف المنطقه وإشعال نيران الصراع فيها ، الاردن الذي نجح طوال السنوات الثلاث في مقاومة الضغوط التي استهدفت استدراجه الى فخ التورط المباشر في ألازمه السوريه خدمة لمصالحه هو مطالب اليوم بالحفاظ على موقفه هذا وموقعه من ألازمه السوريه لان هناك ما يستهدف الاردن وأمنه ،وان فتح جبهة سوريا من الحدود الاردنيه هو لجر الاردن الى مواجهة مع سوريا المستفيد الاكبر الكيان الاسرائيلي وعليه لا بد من معالجة الامور وقبل فوات الاوان وقبل ان تصبح سوريا والأردن على مفترق طرق بحيث لا يمكن اصلاح ما يمكن اصلاحه اذا ما وقعت الحرب فعلا وأصبح الصراع ليشمل منطقة الاقليم وإعادة تقسيم المنطقه حيث يصبح الجميع في دائرة الخطر وهذا يخدم مخطط اسرائيل في تجسيد سياسة الوطن البديل.