ايران تكسر العزلة والأطواق

بقلم: راسم عبيدات

لا أحد يستطيع ان يغطي الشمس بغربال وينكر بأن الصمود الإيراني في وجه الحصار والعقوبات الأمريكية والأوروبية الغربية،وبناء القدرات العسكرية،وكذلك نسجها لتحالفاتها الإقليمية وقدرتها على التأثير في ملفات واحداث المنطقة...خلق منها قوة إقليمية على مستوى منطقة الشرق الوسط،هذا الصمود هو من دفع امريكا الى مفاوضتها ومحاورتها حول ملفها النووي،حيث صمدت على موقفها بحقها في إمتلاك التكنولوجيا النووية للإستخدام السلمي وكذلك تخصيب اليورانيوم....وايران منذ عهد رئيسها السابق احمد نجاد وفي عهد رئيسها الحالي حسن روحاني تحقق المزيد من النجاحات وتثبيت حضورها ودورها الإقليمي،حيث أضحت قوة مؤثرة في اكثر من ساحة ودولة،مؤثرة في امن الخليج وامن منطقة الشرق الوسط،وهي تجيد لعبة المصالح،وتوظيفها خدمة لأهدافها،دون ان تبتعد او ان تتخلى عن أصدقائها وحلفائها..فالقيادة الإيرانية التي خطفت الأضواء في إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة،وهي التي دخلت في حوارات مع مجموعة 6 + 1 بشأن ملفها النووي،كانت تفاوض من موقع قوة وليس ضعف،وامريكا دخلت عملية التفاوض تلك من خلف ظهر حلفائها،والذين أظهروا حالة من الحرد الطفولي والصبياني،فامريكا مصالحها اولاً قبل أي شيء آخر.
ايران ها هي تنجح في كسر اطواق العزلة والعقوبات،وتتقدم على اكثر من ساحة وصعيد،بإعتراف عالمي وإقليمي بدورها ومصالحها في المنطقة،والتي لا مجال لرسم حدودها ونفوذها دون حضور او مراعاة لحصة أو دور ايران في ذلك،القوة وإيجادة لعبة المصالح،هي من تصنع المجد والحضور والتأثير لإيران.
ايران تتقدم وتحقق نجاحات على أكثر من صعيد وفي اكثر من مجال،في أفغانستان تلعب دوراً مؤثراً،وفي العراق لها اليد الطولى ومرشحها للرئاسة المالكي زادت قوته،وفي سوريا الأسد فاز في الإنتخابات والتي شهدت إقبالا لافتاً،ولا ننسى دورها في الخليج في اليمن والبحرين،وكذلك لبنان وفلسطين وغيرها.
ايران كانت حاضرة في حفل تنصيب الرئيس المصري الجديد السيسي،فعلى الرغم من العلاقة القوية بين مصر والسعودية،فإن السيسي لم يتورع عن دعوة ايران لحضور حفل التنصيب،في الوقت الذي لم تدع تركيا للحفل،لدورها في دعم الإخوان المسلمين،والتحريض على النظام المصري الجديد،وهذا فيه رسائل مركبه من النظام المصري،بأن الدعم السعودي والخليجي،لن يجعل مصر رهينة هذا المال والإنطواء تحت العباءة السعودية والخليجية،وكذلك ايران عقد اتفاقيات تجارية واقتصادية مع تركيا،رغم تضارب المصالح والإختلاف في شبكة العلاقات والتحالفات،تركيا عدوة حليفتها الإستراتيجية سوريا،وتركيا قيادتها الإخوانية تسير من فشل لآخر،وهي أضحت على رأي المأثور الشعبي" لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير" فالأمريكان يأخذون عليها دعمها لبعض الجماعات الإرهابية،والأوروبيين غير راغبين بقبولها في الإتحاد الأوروبي،والفشل كان من نصيبها في الملفات المصرية والسورية،واوضاع أردوغان وازماته الداخلية تتعاظم وتتزايد يوماً عن يوم.وايران تريد أولاً مصالحها،وكذلك ان تطوع موقف تركيا لمصلحتها ولمصلحة حليفتها سوريا.
وهي كذلك تجري محادثات يبدو انها بلغت مراحل متقدمة مع الأمريكان حول ملفها النووي،محادثات لا تريد منها امريكا فقط قضية الإتفاق حول الملف النووي الإيراني،فهي تعرف بان رفع العقوبات سيتبعه إستثمارات وعقود وتجاره،وهي تريد ان يكون لها وللشركات الأمريكية نصيب الأسد من ذلك،بمعزل عن رضى او عدم رضى حلفائها.
ايران تفرض نفسها قوة إقليمية،رغم الحرب الطاحنة التي دامت مع العراق ثماني سنوات،ورغم كل الحصار والعقوبات التي تعرضت لها على يد امريكا واوروبا الغربية،فهي لم تصمد فقط في وجه الحصار والعقوبات،ولم تأبه للإتهامات الأمريكية والأوروبية الغربية بدعمها للإرهاب،ووقوفها لجانب سوريا وقوى المقاومة الأخرى،بل عملت على ان تتحول الى قوة عسكرية كبيرة،من خلال تطوير التكنولوجيا والصناعات الحربية في مختلف المجالات،ولتقف على اعتاب تصنيع القنبلة النووية،وتمتلك تكنولوجيا تصنيعها،ولتجبر الغرب وامريكا على خوض مفاوضات معها،تضمن لها الحق في تصنيع التكنولوجيا النووية وتخصيب اليورانيوم لتلك الأغراض،وأيضاً الإعتراف لها بنفوذها ودورها على الصعيد الإقليمي،في حين دول عربية تتكدس فيها الثروات،تعيش على الهامش،لا حضور ولا تأثير لها،بل هي فقط تضمن وجودها وبقاء قياداتها على العروش،بفعل التحالفات الأمنية مع امريكا ودول الغرب،ولإقامة القواعد العسكرية لتلك الدول على أراضيها،ضمان بقائها وتربعها على عروش شعوبها،مقابل ان تبقى بقرة حلوب لتلك الدول،وتنفذ مشاريعها واجنداتها،وتنفق الأموال وفق تعليماتها واوامرها.
اسرائيل منزعجة من الدور الإيراني،ليس فقط بسبب حالة العداء بينهما ودعمها لحزب الله وسوريا،بل لقناعتها بأن ايران ستاخذ دورها في المنطقة،فهي كانت الشرطي الأمريكي في المنطقة تعاقب وتذل من تشاء من الأنظمة العربية،وتدعم وتظهر من تشاء،ولا احد من تلك الأنظمة يقول لها،ولتشعر بأن نجمها قد افل بعد هزيمتها في حرب تموز العدوانية في/2006 على يد حزب الله والمقاومة اللبنانية،تلك اللا التي حاولت مع العربان والمشيخات النفطية ان تمنعها،ولكنها لم تستطع،وهي باتت على قناعة بعد ذلك،وبعد تراجع الدور الأمريكي في المنطقة،بأن ايران غدت قوة إقليمية مؤثر ة في المنطقة.

القدس المحتلة – فلسطين

11/6/2014
0524533879