اسرائيل في اعقاب إختطاف مستوطنيها الثلاثة اعلنت حرباً شاملة على الشعب الفلسطيني،حيث إستدعت اسرائيل قوات إحتياطها،وادخلت الى مدينة الخليل الآلاف الجنود حيث تنكل تلك القوات بسكان محافظة الخليل من خلال عمليات المداهمة والتفتيش والتي تطال البشر والحجر والشجر والحيوانات،والحد من حرية الحركة والتنقل لسكان المدينة وقراها،ومنع الدخول الى داخل الخط الأخضر ومدينة القدس،وكذلك شهدت الضفة الغربية عمليات اعتقال غير مسبوقة طالت العشرات من انصار واعضاء حركتي حماس والجهاد الإسلامي،وهذه العملية مستمرة ومتواصلة ومرشحة للتوسع،ناهيك عن عمليات القصف المتواصلة لقطاع غزة،والإحتلال جل إهتمامه يتركز على المستوطنين المختطفين،ولا يرى في إجراءاته وممارساته والتي وصلت حداً لا يطاق سبباً لما جرى وسيجري،ويحمل السلطة الفلسطينية المجردة من السلطة والصلاحيات المسؤولية عن عملية الخطف،رغم ان العملية جرت في منطقة (سي) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة،وفي الوضع الحالي اليوم لا فرق بين مناطق (الف) و(بي) و(سي)،وكذلك فالرئيس عباس طالب الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالتعاون الكامل مع اجهزة الأمن الإسرائيلي لضمان سلامة المخطوفين وعودتهم،وحديثه عن قدسية التنسيق الأمني يندرج في هذا السياق.
اسرائيل لا ترى بما تقوم به من اعمال عربدة وبلطجة وإذلال وتنكيل بحق الشعب الفلسطيني،والتنغيص عليه في كل تفاصيل حياته اليومية سبباً لما يجري،فهي تريد من الشعب الفلسطيني ان يستقبل القرارات الإسرائيلية ببناء ألآلاف الوحدات الإستيطانية بالورود والرياحين،وان يستقبل سن تشريعات تمنع تقديم موعد إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من اصحاب الأحكام المؤبدة بالزغاريد والأهازيج،ومحاولة السيطرة على المسجد الأقصى وتقسيمه زمانياً ومكانياً بقرع الطبول وضرب الدفوف،وإغلاق اي نافذة للحل السياسي وترسيخ الإحتلال وتشريعه فيه"مصلحة" و"خير" و"منفعة" للشعب الفلسطيني.
الإحتلال "يتغول" في كل شيء،وينكر حقوق شعبنا ويدمر إنسانيتنا وآدميتنا،ويحرمنا من ابسط مقومات الحياة البشرية،ويريدنا أن نفتخر بذلك،وان نقدم له ولمستوطنيه الشكر والطاعة،فهو موافق على بقاءنا على قيد الحياة،فهل هناك اوقح من هذا الإحتلال..؟؟ بالمفاوضات يرفض تقديم أي تنازل جدي من اجل إيجاد مخرج وحل لهذا الصراع،فهو يريد تلك المفاوضات من اجل خلق حقائق ووقائع جديدة على الأرض وإستكمال مشاريعه في الإستيطان والتطهير العرقي،وعندما تتجه السلطة الفلسطينية لتشكيل حكومة"توافق" وطني،يخرج عليك قادة اسرائيل،بأن عباس إختار "الإرهاب" على السلام من خلال التحالف مع حماس،وكأن اسرائيل في المفاوضات قدمت لعباس دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران؟؟،وهي طول فترة المفاوضات،تقول بان عباس ضعيف ولا يسيطر على قطاع غزة،وعندما يشكل حكومة"توافق" وطني،يتحالف مع "الإرهاب" ضد السلام،وحتى محظور عليه التوجه للمؤسسات الدولية،من اجل ان ينضم الى مؤسساتها الدولية،في إطار الحق المكفول والمشروع له كدولة مراقب في الأمم المتحدة..؟؟وبعد رفض اسرائيل الإلتزام والوفاء بتعهداتها بإطلاق سراح أسرى ما قبل اوسلو ال(104) مقابل عدم التوجه والإنضمام الى المنظمات والهيئات والمؤسسات والوكالات الدولية،توجهت السلطة وقدمت طلبات إنضمام الى (15) وكالة ومنظمة دولية،ونتيجة لذلك اقامة اسرائيل الدنيا واقعدتها وهددت السلطة بسلسلة من العقوبات إن هي إستمرت في هذا النهج او خطة خطوة اخرى،على طريق إستكمال عضويتها في المؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية الأخرى،وبالذات اتفاق روما ومحكمة الجنايات الدولية.
إن ما حدث في الخليل،من يتحمل مسؤولياته بشكل مباشر،هو الإحتلال الذي يمعن في قهر وإذلال شعبنا،ودفعه الى خانات اليأس والإحباط وفقدان الأمل،فما دامت العقلية الإسرائيلية قائمة على القمع والتكيل ورفض الإعتراف بحقوق شعبنا الفلسطيني،وسن تشريعات وإصدار قوانين من شأنها ان تعيد أسرانا في أكياس بلاستيكية سوداء،فلا اعتقد بان لا اهالي الأسر ى ولا الفصائل ولا حتى السلطة تقبل بذلك،فعندما تغلق كل الطرق والسبل أمام الأسرى للتحرر من الأسر،فماذا يتوقع الإحتلال من ذلك..؟؟.
فكيري الذي يحث الرئيس ابو مازن للتدخل من اجل تامين إطلاق سراح الإسرائيليين الثلاثة المخطوفين،لم ينبس بكلمة واحدة،وكان مصاباً بالخرس،عندما يتعلق الأمر باكثر من (5200) اسير فلسطيني في سجون الإحتلال،تمارس بحقهم شتى انواع القمع والتنكيل والتعذيب،وكذلك عندما تخرق إسرائيل القانون الدولي وتحتجز اكثر من (180) أسير فلسطيني،وفق ما يسمى الإعتقال الإداري،بدون تهم واضحة ومحددة ومحاكمات،ويخوضون إضرابا مفتوحاً عن الطعام دخل يومه الثالث والخمسين،وبما يهدد حياتهم للخطر والموت،لم يحتج كيري ولم يدعو اسرائيل لإطلاق سراح هؤلاء الأسرى،ووقف سياسة الإعتقال الإداري المتعارضة مع كل الإتفاقيات والقوانين والمواثيق الدولية.
السلطة الفلسطينية،كما هو الإحتلال بات عليها التفكير مليون مرة فيما يحصل ويجري على الأرض،فهي تتحدث عن الحل السياسي والمفاوضات والتنسيق الأمني وقدسيته،والإحتلال يواصل كل إجراءاته وممارساته القمعية على الأرض،وكان تلك السلطة تعاند الواقع والوقائع،وتريد ان تستحلب الثور،فهذه الحكومة تعلن علناً وجهراً بأنها ماضية في مشاريعها الإستيطانية في كل منطقة القدس والضفة الغربية وعلى كل مساحة فلسطين التاريخية،وهي تشرع وتصدر المزيد من القوانين لجهة التهويد والأسرلة،وكذلك الحكم على الأسرى بالإعدام ولكن بطريقة الموت البطيء،فعن اي حل سياسي تتحدث السلطة؟؟فالشعب الفلسطيني لم يعد يثق بالسلطة ولا بمشروعها السياسي،وهيبتها تزداد تآكلاً في أذهان الجماهير،تلك الجماهير التي باتت على قناعة بأن السلطة حتى في ما يسمى بحكومة التوافق المصالح الخاصة والفئوية فوق مصالح الشعب الفلسطيني.
فالخليل هي الرسالة المزدوجة للمحتلين أوقفوا قمعكم وإذلالكم لشعبنا الفلسطيني،وانهوا إحتلالكم وارحلوا عنا،وللسلطة يكفي السير واللهاث خلف السراب فمشروعكم السياسي،لن يؤدي الى إحقاق حقوقنا،فلا هو يوفر لا دولة فلسطينية مستقلة ولا قدس ولا عودة لللاجئين.