"الآداب" من المجلات الادبية الثقافية الشهرية التي صدرت في هذه البلاد في الثمانينات من القرن الماضي. أسسها ورأس تحريرها الكاتب والصحفي الراحل عفيف صلاح سالم ، وبدأت بالصدور في أواخر عام 1983 .
حملت "الآداب" رسالة ثقافية وفكرية وسياسية ، وخصصت صفحاتها للثقافة والفن ، وذلك لإيمانها بأهمية ودور الثقافة في توليد وتشكيل الوعي الجمعي والارتقاء بالإنسان وتبصيره بما يدور حوله ، وسعت الى تقديم الثقافة الجديدة التي تسهم في خلق الوجدان الوطني الملتزم بالقيم الإنسانية والاجتماعية والثورية .
وعن ردود الفعل لدى القراء كتب محررها المرحوم عفيف سالم في استهلال العدد المزدوج من المجلة (الثاني والثالث كانون ثاني 1984) قائلاً :"أثار صدور العدد الأول من "الآداب" ردود فعل مشجعة لدى القراء ، وتنوعت ردود الفعل هذه ما بين رسالة التهنئة والتحية وبين تقديم الاقتراحات والآراء والانتقادات . والمهم في الموضوع أن جميع الرسائل الخطية والشفهية التي وصلت إلى "الآداب" تصب في المحصلة النهائية في تيار السير بهذه المجلة قدماً إلى الأمام . ولا غرابة إذن والحالة هذه أن تعتز مجلة "الآداب" الحديثة الولادة برد الفعل ذاك. فهو يؤكد حقيقة أساس تقول أن القارئ الفلسطيني في هذه البلاد على استعداد ليتفاعل مع كل من يقدم له المادة الأدبية والثقافية الجادة بالقدر الذي تتجاوب فيه هذه المادة مع أفكاره وآماله وتطلعاته .
ثم يضيف: " وهذا التفاعل هو الذي شجعنا ، على الرغم من الصعوبات المالية الخانقة التي تعاني منها ، فنحن نتأثر من الوضع الاقتصادي العام الذي تسبب في إغلاق العديد من الصحف اليومية الغنية في إسرائيل ، نقول إن هذا التفاعل من جمهور القراء هو الذي شجعنا على الاستمرار في الطريق . فهذا التفاعل جاء مؤشراً هاماً على اننا نسير في الطريق الصحيح . ونحن نؤمن إيماناً مطلقاً بأنه في نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح ".
وحرصت "الآداب" على نشر المواد الأدبية والفكرية ذات المنحى التقدمي الملتزم بقضايا الشارع والجماهير ، واهتمت بنشر الأدب الإنساني النضالي التقدمي الذي أنتجه الكتاب والأدباء في فلسطين والعالم العربي ، إيماناً منها بضرورة تعزيز وترسيخ الثقافة الوطنية الفلسطينية وتعميق الفكر التقدمي سواء كان طبقياً ام ديمقراطياً قومياً .
كذلك طرحت "الآداب" قضايا ومسائل جوهرية وهامة ، ثقافية وسياسية ، من أبرزها قضية القمع الثقافي الذي تمارسه السلطات الاسرائيلية بحق الثقافة العربية الفلسطينية .. وبهذا الشأن كتبت تقول: "إن الحرية والديمقراطية كل لا يتجزأ ، وأباطرة قمع الثقافة الإنسانية ومصادرة حق الأديب الفلسطيني في التعبير عن إنسانيته وإغناء ثقافته الوطنية والإنسانية ، لن يتوقفوا عند هذا الحد، بل سيشجعهم صمت الزملاء اليهود على الإمعان في تنفيذ مخططهم ، وهو إلغاء الفكر الإنساني والتقدمي لدى الكتاب اليهود أنفسهم أيضاً ".
وكانت في المجلة زاوية شهرية ثابتة بعنوان "صفحات من دفتر خاص" لمحررها المرحوم عفيف سالم ، وهي عبارة عن أوراق في الثقافة والأدب، وذكريات من الماضي ، ومن أهم ما نشره في هذه الزاوية عن الشاعر الفلسطيني الراحل معين بسيسو ـ نجمة الشهادة الفلسطينية .
وخصصت المجلة ملفات ومحاور خاصة منها ملف "بيروت" الذي تضمن العديد مما كتبه الشعراء والكتاب العرب عن معركة بيروت الصمود.
كما آثرت المجلة إجراء لقاءات وحوارات أدبية مع عدد من المبدعين المحليين ، من ضمنهم الشاعر والروائي والكاتب ابن المجيدل والناصرة المرحوم عيسى لوباني وغيره .
وكانت في المجلة أيضاً زاوية نقدية واستعراضية للكتب والمجلات الصادرة في تلك المرحلة بعنوان "متابعات نقدية" للكاتب ناجي ظاهر.
ومن ابرز الكتاب والشعراء الذين ظهرت كتاباتهم في مجلة "الآداب" نذكر :"عبد الرحمن عواودة، وليد الفاهوم، فتحي القاسم، ناجي ظاهر، شوقية عروق، مصطفى مراد، إيمان مصاروة، سناء السعيد ، عدنان الصباح، سامي الكيلاني " وغيرهم .
وظلت "الآداب"" تصدر بانتظام حتى إغلاقها بقرار عسكري إسرائيلي بتهمة "التحريض".
وفي المحصلة ، فان "الآداب" كانت صوتاً للمظلومين والمسحوقين في معركتهم العادلة من اجل الخبز والحرية ، وحرصت على إسماع الرأي والرأي الآخر ، وانحازت إلى قضايا الإنسان والحرية ، وشكلت منبراً فاعلاً للثقافة الوطنية التقدمية الديمقراطية والفكر العمالي الطبقي .