نحن المقدسيون لا نريد إستمرار إجترار الكلمات والعبارات لنقول بأن مبنى البريد المهدد بالإستيلاء الكامل عليه من قبل الجمعيات الإستيطانية في قلب مدينة القدس....هو احد المباني التي كانت تحت مسؤولية الحكومة الأردنية.....فلا الأردن محرك لساكن ولا نحن الفلسطينيين لا كسلطة،المتشدقة تصريحات وكلاما وبلاغة وإنشاءاً بأن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية ولا احزاباً ولا مؤسسات ولا رجال اعمال ولا وقفيات باسم القدس وفوق القدس وتحت القدس،ولا تنقذ حجراً في القدس....ولا من تبقى من العرب والمسلمين بعد الفتن المذهبية والطائفية والتي انشاء الله تصيب ما يسمى ويدعى بخير أمة اخرجت للناس بالانقراض على غرار الهنود الحمر...حيث أنه ليس لها علاقة بالأمم والشعوب،امة تقتل نفسها باموالها وتدمر وتنحر ذاتها لا تستحق الحياة... وفقط نجتر عبارات واسطوانات مشروخة وتزلف ونفاق عن النخوة والكرامة والشهامة والتسامح والوحدة والعروبة والإسلام ووحدة الهدف والمصير وامة عربية واحدة ذات رسالة خالدة...الخ من الجناس والسجع والطباق والبلاغة والإنشاء،ونحن بعيدين عن كل ما ذكر بعد الأرض عن السماء..الإستيلاء على مبنى بريد القدس في قلب مدينة القدس يا اصحاب الجلالة والفخامة والسمو والسعادة والسماحة والنيافة ليس بحاجة لا الى تصريحات ولا مؤتمرات صحفية...ففي ليلة سكر وعربدة لواحد منكم في احضان غانية يدفع ثمن البريد بالكامل.....فهل هناك من هو عربي قح من نسل عدنان وقحطان وسعدان قادر على تنفيذ هذه العملية البطولية..لكي نؤدي له التحية والسمع والطاعة،نحن المقدسيون ونرفع صوره في مسيراتنا وإحتفالاتنا،ونصبغ عليه من النجم والنياشين،ما لم ينله مونتغمري قائد الحلفاء في معركة العلمين في الحرب العالمية الثانية.
لا أعرف أي امة هذه وأي شعب نحن؟؟،نخسر معاركنا بإمتياز ونغني ونطبل لإنتصارات زائفة....والمشروع الصهيوني يتقدم على كل الصعد والميادين ويحقق الإنتصار تلو الإنتصار،ونتبجح بأننا منتصرين...عشرين عاماً نخوض مفاوضات عبثية ودوران في نفس الحلقة المفرغة مثل حمير الساقية،ونقول بأنه لا بديل ولا خيار عن المفاوضات لتحقيق حقوقنا،يعطوننا دولة على الورق،ولم يتركوا لنا مكاناً في الضفة الغربية نقيم عليه قن دجاج أو حتى زريبة حيوانات،بسبب تمدد وتواصل وتوسع مشروعهم الإستيطاني الذي يلتهم أرضنا،ونستمر في ترديد نفس اللازمة والإسطوانة عن فوائد وإنجازات هذا الخيار،وخطر أي خيار آخر على مشروعنا الوطني!!..وكأننا نعشق تجريب المجرب،فحتى المعلقين والكتاب والصحفيين الصهاينة،يقولون وبالفم المليان حتى لو قدم الرئيس عباس رأس قادة حماس وكل الفصائل على طبق من ذهب،لن يتوقف الإستيطان ولن تقام دولة فلسطينية،ونصر على ان الثور يستحلب والعنزة تطير..؟؟
يغرقوننا بالفتن المذهبية والطائفية ويضعون لنا الخطط والبرامج من اجل تقسيم وتجزئة وتفكيك وإعادة تركيب المقسم والمجزأ من جغرافيتنا خدمة لأهدافهم ومصالحهم والسيطرة على خيراتنا وثرواتنا،ونحن نرقص طرباً نقدم المال ونستقدم الرجال وندفع ثمن السلاح الذي نقتل فيه بعضنا البعض،ونشرع الجهاد في غير أماكنه ومواضعه ونفرغه من معانيه ومضمونه في سبيل ان ندمر بعضنا ونخرب دولنا ونفكك جيوشنا.
مولنا"القاعدة" في أفغانستان وأرسلنا "المجاهدين" العرب لتحريرها من الروس الكفرة،ليس من أجل إعلاء كلمة الله والإسلام،بل لكون امريكا امرتنا وطلبت منا،في وقت كانت فلسطين وغيرها من الأقطار العربية بحاجة الى اموالنا ورجالنا،ولكن لم نمتلك لقرار ولا إرادة بإرسالها الى حيث يجب ان تكون،وطبلنا وزمرنا ورددنا العبارات التي حفظها لنا الأمريكان والغرب الإستعماري عن ظهر قلب اكثر من حفظنا للقرآن الكريم، بان القاعدة وطالبان مناضلين من اجل الحرية،وعندما انتهى دورهم ومهمتهم،بقدرة قادر وبعد احداث البرجين وحتى قبلها أصبحوا جماعات إرهابية يجب القضاء عليها،وعدنا نمول وندفع الثمن السلاح لكي نقضي على تلك الجماعات التي مولنها سابقاً باسم الحرية والديمقراطية.
ومع سقوط وإنهيار الأمبراطورية الشيوعية،خلقت لنا أمريكا عدواً آخر هو القاعدة وتوابعها،ومن ثم ايران وحلفائها،وأخذت تزرع في أذهاننا وعقولنا،بان الخطر على العرب والمسلمين،ليس اسرائيل التي تحتل وتغتصب أرضنا ومقدساتنا وتقتل شعبنا،بل ايران التي اكتشفنا فجأة بعد رحيل الشاه الموالي وصنيعة امريكا والغرب،وقيام الثورة الخمينية بانها شيعية،ويا سبحان الله في زمن الشاه كانت سنية؟؟وبعد الثورة أصبحت الخطر الداهم على العرب والمسلمين!!،وأستجبنا لأمريكا التي تريد ان تحرف الصراع عن أساسه من صراع عربي- صهيوني الى صراع عربي فارسي،وأصبح جل اهتمامنا وجوهر خطابنا مهاجمة ايران وشيطنتها وقطع العلاقات معها،ولم نبقي الصراع في إطاره الرسمي،بل وكما طلبت امريكا نقلناه الى مستوياته الشعبية لكي تحدث الفتن المذهبية سني- شيعي في المعسكر الإسلامي،وفجأة ومن بعد ما يسمى ب"الثورات العربية" او "الربيع العربي" ووفق المخططات التي رسمت في مطابخ البنتاغون والسي أي ايه وغيرها من المطابخ والدوائر الإستعمارية،رات امريكا بأن مشروعها للفوضى الخلاقة وتعميم الفتن المذهبية والطائفية يستدعي التحالف مع الإسلام السني(الإخوان المسلمين)،وسيطرته على الحكم في اكثر من بلد عربي،وسرنا كالقطيع مثلما خططت لنا أمريكا والغرب،ودفعنا المال وبعتنا الرجال وشغلنا مصانع الغرب بالسلاح،وحولنا الكثير من دولنا الى خراب وأغرقناها في الفتن المذهبية والطائفية،ودخل العديد منها كليبيا والعراق في حروب وصراعات مذهبية وطائفية تحصد الأرواح يومياً وتدمر وتخرب وتعيد دولنا لمئات الأعوام الى الوراء،وأستعصت سوريا رغم كل القتل والدمار الذي حل بها،وبقيت هي الأمل والعنوان لنهوض عربي يحفظ لأمتنا كرامتها وعزتها.
اليوم نعرف باننا امة مثخنة بالجراح،لا قيمة ولا وزن لها ولا قدرة للفعل والتأثير،ليس في القضايا الإقليمية والدولية،بل حتى في القضايا المتعلقة بمصيرها ووجودها،ولكن هذا لا يمنعنا نحن المقدسيون وعلى أبواب الشهر الفضيل،شهر رمضان،شهر الخير والبركة ان نوجه نداءنا الى من تبقى من العرب والمسلمين،وبقي حراً شريفاً،بان يهب الى نصرة القدس مسرى الرسول محمد (صلعم)،ونحن لا نريد أن تنصرونا بالسلاح ولا بالرجال،ولا حتى بالأموال،بل ما نريده منكم هو العقارات والمنازل التي يتهددها خطر الضياع والإستيلاء عليها من قبل حكومة الإحتلال وجمعياته الإستيطانية،ان تعملوا على شرائها ووقفها لأبناء هذه الأمة.
فهل هذا الطلب بالكبير يا امة غثاء السيل...؟؟،امة المليار ونصف مليار،لا تستطيع ان تنقذ في القدس عقار،كم هو عار..؟؟