المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار هل شكلت طوق نجاة للعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني

بقلم: علي ابوحبله

القياده المصريه الحاليه التي كان ينظر اليها على انها امتداد للخط الناصري القومي وإذا بها تجنح بعيدا عن البرنامج الانتخابي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، الرئيس المصري تعهد بان يكون الامن القومي العربي خط احمر ، وتعهد بعودة مصر لتتصدر موقعها الاقليمي والدولي ، وان تعود مصر لحضنها العربي ، والحقيقة بموقف مصر من الارهاب الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزه جعل العديد من المراقبين يتشككون بالموقف المصري ، الفلسطينيون جميعهم ينظرون لمصر على انها الدرع الحامي للقضية الفلسطينيه وان مصر تشكل العمق للأمن القومي المصري وان فلسطين هي الخط الاول للدفاع عن الامن القومي المصري ، الحمله الاعلاميه عبر قنوات فضائيه من قبل اعلاميين محسوبين على النظام المصري ضد الفلسطينيين زاد في الشكوك في المواقف المصريه ، وان اندفاع البعض للتحريض ضد الفلسطينيين مناصرين ومؤيدين للعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني جعل الكثيرين ينظرون للموقف المصري بكثير من الترقب والتاني.

التصريحات للمسئولين المصريين للتنسيق مع اسرائيل وعقد اتفاقات اقتصاديه مع اسرائيل يضر حقيقة بأمن مصر القومي ويزيد من حالة الانقسام بين المصريين الذين في غالبيتهم يقفون ضد التطبيع مع اسرائيل ويرفضون أي تقارب مصري اسرائيلي على حساب القضايا العربية ، الملفت ان خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ذكرى حرب العاشر من رمضان وقد صادف اليوم الثاني للإرهاب الصهيوني على قطاع غزه لم يتطرق السيسي لهذا العدوان الاسرائيلي ، المبادرة المصريه جاءت بعد اسبوع من استمرار العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني حيث ترتكب قوات الاحتلال الاسرائيلي هولوكست جديده ضد الشعب الفلسطيني بغطاء امريكي غربي وصمت عربي ، وان المبادرة المصريه قد اعلن عنها قبيل اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ وكان في هذا التوقيت محاوله لإخراج النظام العربي من الحرج الذي وقع فيه بصمته عن الارهاب الصهيوني الممارس ضد الشعب الفلسطيني ، التحرك الاقليمي والدولي لوقف اطلاق النار بالتحرك لواشنطن عبر المحاور الاقليميه ، الخارجية المصريه اعلنت عن مبادرة للتهدئة بين حماس وإسرائيل وذلك عبر دعوتها لوقف فوري لإطلاق النار ، وان صيغة المبادرة المصريه التي من نصوصها ان هناك تنسيق مصري اسرائيلي حول بنودها ومحاوله لاستبعاد الدور الامريكي وهذا ما دعى وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى عدم زيارة مصر بعد ان كان متوقعا وصوله للقاهرة للتباحث حول كيفية وقف اطلاق النار ، المبادرة المصريه ساوت بين الجلاد والضحية وتناست الحقوق المشروعه للشعب الفلسطيني والمطالب المحقه للفلسطينيين ، كما ان المبادرة المصرية تجاهلت ان اسرائيل هي من بدأت بالعدوان باغتيال ستة من كوادر القسام مساء الاحد 6/7 في رفح وتجاهلت الاستباحة للقوات الاسرائيليه المحتله للضفة الغربيه عقب اختطاف ثلاث مستوطنين من الخليل وما تبع ذلك من اجرام صهيوني باختطاف الفتى محمد ابوخضير وحرقه حيا وكذلك حملة الاعتقالات والاغتيالات في الضفة الغربيه وان اسرائيل كانت تعد عدتها للعدوان على غزه.

وطالبت المبادرة المصريه الجانبين بوقف جميع الاعمال العدائيه برا وبحرا وجوا وعدم تنفيذ اسرائيل لعمليات اجتياح بري او استهداف المدنيين وإيقاف حماس لإطلاق الصواريخ والهجمات على الحدود او استهداف المدنيين وهذا تعريف جديد من قبل السياسة المصريه لتوصيف اعمال المقاومه المشروعه ضد الاحتلال على انها اعمال عدائيه وهو يتوافق مع التوصيف والتعريف الاسرائيلي ، وهذا هو مكمن خطورة المبادرة المصريه والتنسيق بين مصر وإسرائيل ضمن عملية الاصطفاف في صراع المحاور ، وقد جاءت المبادرة المصريه خاليه من الزام اسرائيل بفتح المعابر وأبقت التعريف بحسب نص المبادرة فضفاضا ورهنتها باستقرار الاوضاع الامنيه على الارض وهي في هذا تساوقت مع ذرائع الكيان الاسرائيلي في تضييقها الخناق على الفلسطينيين ، لكن ما لم تعلنه المبادرة المصرية بصورة صريحة، وأبقته ضمنياً مصير معبر رفح، الذي مضى على إغلاقه عدة أشهر، باستثناء أيام معدودة كل شهر، مما رفع عدد الفلسطينيين العالقين في غزة لما يزيد عن 15 ألف بين: طالب جامعي، ومريض، وصاحب إقامة في الخارج.

المثير في المبادرة المصرية ما جاء تحت عنوان “أسلوب تنفيذ ألمبادرة بتحديدها صباح يوم 15/7/2014 لبدء ألتهدئة دون اعلام قوى المقاومه الفلسطينية بذلك وهذا دليل تواطؤ مصري اسرائيلي ضد الفلسطينيين وضمن محاولات تمرير المبادرة المصريه تحث استعمال وسيلة الضغط على الفلسطينيين وتحميلهم لمسؤولية استمرار العدوان الاسرائيلي في حال تم رفض المبادرة المصريه ، الواضح أن البنود الواردة في المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار 2014، هي ذاتها بنود تهدئة 2012، التي لم تلتزم بها إسرائيل، واندلعت الحرب الحالية لأنها خرقتها عشرات المرات، سواء ما تعلق بالتضييق على صيادي غزة من الصيد في البحر المتوسط، أو توسيع المنطقة العازلة شرق حدود غزة، أو التحكم المزاجي بالبضائع الواردة عبر معبر كرم أبو سالم. هدفت المبادرة المصريه لإحراج قوى المقاومه الفلسطينيه وتحميلها للمسؤولية في حال عدم التجاوب مع المبادرة المصريه ، وقد تلقف الكيان الاسرائيلي المبادرة المصريه وأعلن عن القبول بها والالتزام بوقف اطلاق النار ، نظر لما تشكله المبادرة المصريه من طوق نجاة للاحتلال الاسرائيلي من خلال ايجاد مبررات لاستمرارية العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني وان المبادرة المصريه تشكل غطاء لإسرائيل في تنفيذ مخططها العدواني ، وفي مبررات رفض المبادرة المصريه من قبل حركة حماس قال موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لصحيفة "رأي أليوم الجمعة: "فصائل ألمقاومة من بينها حماس، ترفض هذه الصيغة لأنها تصب في محصلة تشجيع العدوان الإسرائيلي فالتهدئة مقابل تهدئه تجاوب كامل مع شروط نتنياهو، وانتصارا له".

وأشار إلى أن نتنياهو يطالب بوقف تهريب السلاح إلى غزة، وتدمير صواريخ حماس، ووقف تصنيعها، "وهذه شروط مرفوضة بالكامل".وشدد نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، على أنه أبلغ المبعوث الدولي النرويجي -الذي اجتمع به قبل يومين: "نحن نفضل إعادة احتلال القطاع من قبل إسرائيل على العودة الى وضع ألحصار لأن الاحتلال يعني توفر الماء والكهرباء والعمل وتوفير هذه الأمور الحياتية من مسؤولية الدولة المحتلة". واستنادا الى تبريرات رفض المبادرة المصريه انها جاءت خاليه من أي بنود تلبي الشروط الادنى لتوفير حياة كريمه للشعب الفلسطيني ، وان مصر مطالبة بضرورة تطوير المبادرة المصريه لتلبي الشروط الفلسطينيه في التطلع للتحرر من الاحتلال الاسرائيلي.

ان استمرارية العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني ورفض التجاوب مع المتطلبات الفلسطينيه فان اسرائيل ترفض رؤيا الحل المستند لقيام دولتين وهي متمسكة بالاحتلال ووفق ذلك فان استمرار العدوان الاسرائيلي على قطاع غزه يسقط اتفاق اوسلوا للحكم الذاتي في غزه وأريحا اولا ، وان في ذلك خلط للأوراق ، ان مصر التي سبق وان لعبت دورا مهم في القضية الفلسطينيه عليها ان تيقي على هذا الدور ، وذلك بكونها طرفا مساند ومؤيد للمطالب الفلسطينيه وليست طرفا حياديا ، وان السياسة المصريه عليها ان لا تربط بين علاقتها بحماس والقضية الفلسطينيه ، وان تعيد النظربالمبادره المصريه لوقف اطلاق النار وان تسعى لان تكون المبادرة مرتكزا لاتفاق يقود لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة الدوله الفلسطينيه ضمن عملية استعادة الدور المصري الاقليمي والدولي الفاعل ، على القيادة المصريه تدارك ان تكون المبادرة المصريه بصيغتها الحالية طوق نجاة لإسرائيل وتشريع لعدوانها البري على قطاع غزه ، وان توغل اسرائيل بالعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني سيترك انعكاساته على مصر وأمنها القومي ، وان مجلس الامن الذي تجاهل المطالب المحقه للشعب الفلسطيني معتبرا ان العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني دفاع مشروع عن النفس مرتكزا في موقف بعض الاعضاء المؤيدين لإسرائيل للمبادرة المصريه ودعمها لوقف اطلاق النار مما تعد المبادرة المصريه سابقه خطيرة في الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينيه من خلال ان المبادرة المصريه بصيغتها الحاليه تشكل طوق نجاة للعدو الاسرائيلي وهذه سابقه في الدبلوماسية المصريه وهي سابقه خطيرة.