الرئيس :فدائي الحكمة

بقلم: نبيل عبد الرؤوف البطراوي

الرئيس :فدائي الحكمة
هناك احتلال يجب أن ينتهي الآن
وهناك شعب يجب أن يتحرر على الفور
دقت ساعة استقلال دولة فلسطين، واعتقد أنكم تستمعون لدقاتها. بهذه الكلمات أنهى رأس الحكمة والعقلانية الوطنية خطابه التاريخي على منبر الامم المتحدة ,متحدثا الى العالم أجمع عن المعاناة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني فوق أرضه وعن حالة القهر والظلم والقتل لكل مقومات وجود الأنسان الفلسطيني وعن حالة البطش الذي يحيياها ليس لذنب سوى أنه يناضل من أجل الحرية والتحرر ومذكرا بحالة القهر والقمع التي يمارسها المحتل على مرئي ومسمع العالم متجاوزا كل الأعراف والقوانين الدولية دون رادع ومذكرا بممارسات العصابات الاستيطانية الهمجية ضد البشر والشجر والمقدسات موضحا الحالة السادية الاجرامية والهمجية التي تنم عن رغبة إقصائية عنصرية من قبل المستوطنين وحماتهم من الحكومة الإسرائيلية والتي تجلت في أبشع صورها في حرق الطفل (محمد أبو خضير
)ثم قتله ,وما تبع تلك العملية الإجرامية من تنكيل وبطش بالأمنين المدنيين في مدن الضفة الغربية وخاصة مدينة الخليل ,وهنا عاود السيد الرئيس تذكير من تخونهم الذاكرة على الدوام ,خاصة الدول المارقة حامية الأجرام الصهيوني قائلا (لقد خاطبتكم في هذه القاعة في مثل هذه الأيام العام 2012 وحذرت من أن دولة الاحتلال الاستيطاني تعد لنكبة جديدة للشعب الفلسطيني، وناشدتكم: امنعوا وقوع نكبة جديدة، ادعموا إقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة الآن.
وعدت بعد شهرين إلى نفس القاعة وفلسطين تضمد جراحها، وشعبها يدفن الشهداء من أحبته الأطفال والنساء والرجال بعد حرب أخرى شنت حينذاك على قطاع غزة، ويومها قلت: لم يكن بالتأكيد أحد في العالم بحاجة إلى أن يفقد عشرات الأطفال الفلسطينيين حياتهم كي يتأكد أن إسرائيل تتمسك بالاحتلال ولم تكن هناك حاجة لآلاف الغارات القاتلة والأطنان من المتفجرات كي يتذكر العالم أن هناك احتلالاً يجب أن ينتهي وأن هناك شعباً يجب أن يتحرر.
وها نحن هنا مجددا اليوم.
وها نحن نجد أنفسنا، وبكل أسف ومرارة نطرح نفس الخلاصات والأسئلة القديمة بعد حرب جديدة هي الثالثة التي تشنها دولة الاحتلال العنصري خلال خمس سنوات على غزة، هذه البقعة الصغيرة والمكتظة والغالية من بلادنا.
الفارق اليوم أن حجم جريمة الإبادة أكبر، وأن قائمة الشهداء وخاصة الأطفال منهم أطول، وكذلك قوائم الجرحى والمعاقين، وأن عشرات العائلات تمت إبادتها بالكامل، والفارق اليوم أن هناك نحو نصف مليون شخص شردوا من بيوتهم، وأن عدد البيوت والمدارس والمستشفيات والمباني العامة والعمارات السكنية والمساجد والمصانع وحتى المقابر المدمرة غير مسبوق لحقوا بشبابنا وأبنائنا لينتقموا منهم في المقابر، والفارق اليوم أن الدمار الذي تسبب به العدوان الأخير لا مثيل له في العصر الحديث كما أكد شاهد عيان هو السيد المفوض العام للأونروا)بهذه الجمل و الكلمات والحروف وضح الرئيس الصورة المساوية التي يعيشها شعبنا نتيجة ألة القمع الصهيونية ومطالبا العالم بضرورة وضع نهايات لذألك الأجرام المتواصل بحق شعبنا منوها بأن الشعب الفلسطيني أعطى الكثير من الوقت والجهد والصبر والعض على الجرح لكي لا يتهم من قبل من يدعون بأنهم يرعون عملية سلام بأنه الطرف المعطل لتلك الجهود من هنا وضع العالم أمام مواقف فلسطينية وعربية واضحة قائلا (من المستحيل ،أكرر، من المستحيل العودة إلى دوامة مفاوضات تعجز عن التعامل مع جوهر القضية والسؤال الأساس، لا صدقية ولا جدوى لمفاوضات تفرض إسرائيل نتائجها المسبقة بالاستيطان وببطش الاحتلال، ولا معنى ولا فائدة ترتجى من مفاوضات لا يكون هدفها المتفق عليه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس على كامل الأراضي الفلسطينية التي تم احتلالها في حرب 1967، ولا قيمة لمفاوضات لا ترتبط بجدول زمني صارم لتنفيذ هذا الهدف. آن لهذا الاحتلال الاستيطاني أن ينتهي الآن.)
وقد كان الرئيس واضحا سطوع الشمس حينما رفض الربط بين أمن الاحتلال والصهاينة والذي يرى المحتل وحكومته بأن وجوب توفير هذا الأمن المزعوم على حساب حياة وأمن الأنسان الفلسطيني وهذا يعني الرفض المتكرر للحكومات الإسرائيلية بوضع نهاية لهذا الاحتلال ورفض اعطاء الشعب الفلسطيني استقلاله فوق أرضه ورفض الافراج عن أسرى الحرية .
وقد رسم الرئيس بريشة الفنان البارع الصورة الجميلة التي يحلم بها الانسان الفلسطيني لدولته العتيدة التي يأمل من العالم الحر أن يقف الى جانبه في دعم قيامها حينما قال :واصفا هذا الحلم ( دولة سيدة مستقلة تعيش بسلام وتبني جسور التعاون المتكافئ مع جيرانها، تحترم الالتزامات والمعاهدات والاتفاقات، تكرس المواطنة والمساواة وسيادة القانون وحقوق الإنسان والتعددية، ترسخ الإرث التنويري الفلسطيني في التسامح والتعايش وعدم الإقصاء، وتقوي ثقافة السلام، وتعزز دور المرأة، وتبني إدارة كفؤة تلتزم معايير الحكم الرشيد .(
لقد وقف الرئيس محمود عباس أمام العالم متسلحا بوحدة وطنية جامعة وداعمة لخطاه السياسية من أجل العمل على انجاز المشروع الوطني ,مدعوما بأجماع عربي واضح من خلال الجامعة العربية وأمينها العام والمجموعة العربية لمبادرة السلام ومحاطا برصيد أممي جامع من قبل دول لها وزنها في الساحة الدولية مثل روسيا والصين والمجموعات الاربية والافريقية والأسيوية ,وكل شعوب العالم الحر وقد تجلى الموقف الشعبي العالمي من خلال مجموعة المظاهرات والوقفات والمقاطعات لكل من هو في اسرائيل .
بكل تأكيد تعي القيادة الفلسطينية اليوم بأن شعبنا وقضيته لم تعد كالأمس فبعد الانضمام الى 15مؤسسة أممية من الممكن الانضمام الى البقية وخاصة ميثاق روما والجنايات الدولية وهنا من الممكن محاسبة كل مجرمي الحرب الصهاينة .
وأخيرا على العالم الذي يدعي بأنه حريص على محاربة الإرهاب ,أن يعمل على دعم ومساندة الشعوب التي تسعى الى بث روح المحبة والسلام في المنطقة والعمل ايضا على محاسبة كل مرتكبي الجرم والارهاب ضد الاطفال والشيوخ والنساء....
نبيل عبد الرؤوف البطراوي
عضو الامانة العامة لشبكة
كتاب الرأي العرب.
27-9-2014