لا يبدو أن اسرائيل تحاول أن تتجنب الحرب الدينية في المنطقة ولا يبدو أنها تكبح جماح التطرف الديني الذي يضرب قطاعات كبيرة جدا في المجتمع اليهودي بدءا بالمزراحيين والحريديم وانتهاء بالليبراليين بل تسهل تحول الكثير من المؤسسات اليهودية الاستيطانية الى مؤسسات دينية, وتسارع الى تثقيف الجيش دينيا وتوظيف المئات من الحاخامات لهذا الغرض لاستخدام تعبئة عنصرية قاتله ضد المسلمين في كامل الارض الفلسطينية وأهمها المركز وهو العاصمة الفلسطينية القدس الشرقية والمسجد الاقصى باعتباره عنوان المسلمين الاول وقبلتهم , ولا يبدو أن اللقاء الثلاثي بعمان نهاية الاسبوع الماضي والذي جمع نتنياهو بالملك عبدالله و كيري تمكن من نزع فتيل القنبلة التي ستنفجر في المنطقة والتي قد يؤدي انفجارها الى نشوب حرب دينية طاحنة على خلفية استمرار اقتحامات المسجد الأقصى وتسارع الاستيطان والتهويد بالقدس والضفة الغربية , لا اعتقد أن اللقاء استطاع أن ينزع الفتيل نهائيا من يد نتنياهو بل عمل على تأجيل استخدام المزيد من محاولات اشعال الفتيل من قبل اسرائيل بعد أن حذر الطرفان نتنياهو من خطورة مخططه الرامي الى فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الاقصى والاستيلاء على القدس بالكامل واعتبارها مدينة موحدة عاصمة لإسرائيل وتقسيم الاقصى بين المسلمين واليهود واقامة الهيكل المزعوم ,ولم يتمكن اللقاء من وقف التطرف اليميني الذي يقوده نتنياهو نفسه نهائيا والاعلان بالقبول بوقف كافة اجراءات التصعيد الاحتلالية ووقف تهويد القدس واقتحامات المسجد الأقصى يوميا ,ووقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال والاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية وعاصمتها ,والاقرار بكل حقوق الشعب الفلسطيني المهدورة , وما حدث باللقاء مجرد دفع باتجاه ضبط النفس اكثر من الماضي لتجنب اشعال فتيل القنبلة , ورفع الحرج عن الامريكان وانقاذ معاهدة السلام الاردنية من الانهيار.
لن توقف حكومة نتنياهو دعم المستوطنين تبني الاستيطان في كل مكان بالقدس ولا بالضفة لان حكومة نتنياهو هي حكومة استيطان وتطرف والتهويد تسعي لإحباط كافة مشاريع الوصول الى سلام حقيقي يعيش فيه الشعبين بدولتين متجاورتين ,بل أن حركة التطرف والعنصرية الاسرائيلية وصلت لان يعتدي المتطرفين على كافة المساجد بالضفة الغربية واحراقها وكتابة عبارات عنصرية على جدرانها وخطف وقتل واعدام الشبان الفلسطينيين دون أن تكبح جماحهم او تمنعهم اسرائيل بل أن غالب الاعتداءات تتم تحت حماية الشرطة والجيش الاسرائيلي , وخاصة اعتداءات واقتحامات المسجد الأقصى التي قد تتوقف مؤقتا امام التهديد الاردني لإسرائيل بسحب اتفاقية السلام "وادي عربه" الموقعة بين الجانبين 1994 على خلفية ابطال فرض السيادة الاردنية على المسجد الأقصى وبالتالي عدم اعادة السفير الأردني وكل هذا بالطبع يحرج امريكا التي تقود تحالف كبير بالمنطقة لمحاربة داعش والقضاء عليها باعتبار أن امريكا تحارب الإرهاب وتبقي في نفس الوقت على ارهاب اسرائيل المنظم وتتغاضي عما تفعله حكومة اليمين المتطرف بالقدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية وغزة .
اذا نشبت الحرب الدينية فإن المنطقة ستتحول الى شعلة نار لن يبقي فيها مكان هادئ ولا دولة مستقرة ,وبالطبع ستكون مركز النار القدس وتل ابيب ومعظم البلدات الإسرائيلية التي يعتقد نتنياهو انها في منأى عن أي تهديد او اعمال فدائية, وستصل النار ساعتها كل بيت يهودي اسرائيلي بفلسطين وسيكون صعبا على المستوطنين اليهود داخل الضفة الغربية الخروج والدخول الى مستوطناتهم دون توقع الموت في كل لحظة , اما على مستوي العالم فإن كل مصالح اسرائيل وامريكا سوف تتضرر بشكل كبير وسوف تزداد قوة تنظيم داعش بالمنطقة في المقابل باعتبار أنها قوة متطرفة ولدت بسبب التطرف الإسرائيلي والانحياز الامريكي لليهود وعدم ايجاد حل نهائي للصراع وستكون كافة المصالح الامريكية والاسرائيلية هدفا انتقامي لما يحدث بالقدس لان نشوب الحرب الدينية يعني أن الجهاد اصبح فرض عين على المسلمين للدفاع عن دينهم الاسلامي ومسجدهم الأقصى و قدسهم العربية الاسلامية .
تستطيع اسرائيل أن تتجنب كل هذا وتغلق الطريق امام الانزلاق نحو تلك الحرب بإغلاق الابواب امام تطرفها ومنع أي اعمال من شأنها أن تمس بعقيدة المسلمين بالقدس والارض الفلسطينية وتسعي الى السلام العادل الحقيقي الذي يوفر للشعبين الحرية والامن والاستقرار, و يستطيع نتنياهو أن يبعد شعبه عن حافة السقوط في النار التي لن ترحم احد في المنطقة وفي النهاية سيكون مجبرا على الجلوس مع الفلسطينيين واعطائهم حقوقهم إن شاء او ابي لان حياة كل اسرائيلي ستصبح على المحك ولن يستطيع كل جيش اسرائيل بعتاده وعدته أن يوفر الحماية لكل اسرائيلي في اسرائيل والعالم , ولعل صاعق الحرب والتفجير الذي يعطي إشارة اشتعال المنطقة مازال بيد نتنياهو وحكومته ولم يتمكن لقاء عمان من سحب فتيل التفجير من يد هذا الابله المتطرف ,فاذا اراد العالم أن يفعل ذلك يستطيع وبيده أن ينهي الاحتلال ويفرض على نتنياهو التخلي عن بلاهته والتخلي عن تطرفه وعنصريته لصالح الامن والاستقرار واغلاق كل الطرق والممرات التي يؤدي الى الحرب الكبيرة , وإن استمر العالم في التغاضي عما يفعله ابله اسرائيل ومريضها يكون بذلك ترك الباب مفتوحا أمام الحرب الكبيرة واعطي نتنياهو مزيدا من الدعم ليبقي الفاعل الوحيد ومن يعبث بأمن واستقرار الاقليم بل والعالم المحيط .