دبلوماسية فلسطينية فى الجزائر تستحق التقدير..

بقلم: علي سمودي

تجربة الفرادة المستمرة والتميز الإعلامي للدبلوماسية الفلسطينية بإشراف الأسير المحرر خالد صالح (عزالدين) وصالا مع حالة كبيرة تتسع لكل المساحات والاجتهادات، اسمها الوطن، بكل تجلياته العالية، قهرا وظهرا وعصرا، بدا لفلسطين في الجزائر ما لم يبد لغيرها، تأكيدا على ميثاق البراعة في التضامن والتزامن، بين قلبين ينبضان على وقع عقارب لحظة مشتركة واحدة، تعد نهاراتها ولياليها، لتكمل بها الأيام والأسابيع وكل أدوات حساب الزمن، التي تجيز لها الاستعداد للتحرير، ما بقي الوعي حيا. فالجزائر التي احتضنت أول مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية، صار فيما بعد مكمنا ومأمنا فلسطينيا في الجوف العربي والإفريقي، التزاما وتأسيا بالتجربة الأم، لا زالت تلتزم نفسها، من واقع كفاحها المجيد، على طريق دحر الاحتلال الفرنسي، إلى غير رجعة أو إلى الأبد. وهو ما يؤسس لفرادة قائمة، لا تسقط من حسابات الحقل ولا حسابات البيدر، في كل طروحات العلاقات الفلسطينية الجزائرية على الصعد كافة، حينما تكون فلسطين في موقع القلب من الجزائر أو العكس، تعميدا لشراكة في عبودية الله، ووحدة الموقع في مقدمة صفوف الأمتين.
الفضاء الاعلامي الجزائري
غير بعيد من هذا؛ أو أقرب مما قيل فعلا، تجافت جنوب بعضهم عن المضاجع، حتى يقيموا في الفضاء الإعلامي الجزائري، وزنا لقضايا فلسطين التي يجب أن تظل شاغل فكر الرأي العام، في تسطير لمأثرة جزائرية، قادرة على الجذب والتأسي لمن أراد من العرب الاحتذاء .. وتلك من شروط صحة الانتماء، في غمرة اختلال المعايير المحيطة والمستشيطة، أو ما شابه ذلك من القول. ولأن الله يثبت الذين أمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فقد ثبتت الجزائر على موقفها من فلسطين قولا وفعلا، وكأنها تجدد مكانتها التاريخية، وتعيد النظر إلى نفسها في المرآة كل يوم، بأنها لا زالت على العهد الذي لم ولن يتغير، وإن تغيرت كل أنواع ما يشاع به وعنه من أسماء للدول التي نسمع عنها في نشرات الأخبار وبرامج الترفيه المتعدد.
سفارة فلسطين
سفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية الجزائرية، كانت اليد التي تكتب واللسان الذي ينطق، في كل معاجم الصحافة والسياسة والثقافة والأدب، على المنابر الجزائرية التي لم تعز عليها ملحقا صحفيا، بمناسبة انطلاق احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية مطلع العام 2009م، ما لبث أن توسع واستمر بدافعية، سعة كرم المضيف وقدرة الضيف على التلبية، فصادف توقع كل طرف أحسن الظن بالآخر .. وتلك فلسطين حينما يقترن اسمها بالجزائر.
ملحق الشعب المقدسي، الذي يطوي عامه الرابع، متحولا بنضج إلى ملحق صوت الأسير فيما بعد، وبعدد صفحات نامٍ، وأسماء لامعة من الكتاب الفلسطينيين والجزائريين والعرب، يعيد التماسك للتجربة الإعلامية الفلسطينية، منذ دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، في سبعينيات وثمانيات القرن الماضي، على وقع اتقاد قضية لم تخمد نارها أبدا.
لقد أحسنت صنعا، وزارة الشئون الخارجية الفلسطينية، في استثمار طاقات كوادرها القادرة على هذا النوع من الانتاج الغزير، في تشكيل الرأي العام الجزائري ومن خلاله العربي، سيما بعد هذا التزاوج الحداثوي الوثيق، بين الدبلوماسية والإعلام، وذلك في ظرف تحتاج فيه القضية الفلسطينية كل كلمة تقال فيها، في أيام قل خيرها ونضب عطاؤها.
صوت الاسير من الجزائر
نجحت التجرية ، واصبح ملحق صحيفة الشعب صوتا بكل معنى لمناضلي فلسطين خلف القضبان ، جذب كل الاسماء والاصوات لتنتصر لصرخاتهم ، وقد شدد أمين عام اتحاد الصحافيين الجزائريين سابقا، عبد النور بوخمخم، على أهمية ملحق صوت الأسير في الصحافة الجزائرية، مؤكدا على اهمية تعزيز فكرة استمراراه ودعمه بكافة السبل المتاحة على قاعدة أنه يمثل قيمة إعلامية كبرى، للقضية الفلسطينية في الجزائر والصحافة العربية عموما، واصفا إياه بثمرة بادرة خلاقة، التي فتحت فضاءا حرا لكل المناضلين والشرفاء، الذين يلتقون عندها في موعد أسبوعي يتقاسمون فيه مع الأسرى آلامهم وآمالهم، بل امتد أثرها الطيب والإيجابي لتحقيق عدة أهداف هامة يتلمس جميعنا دلالاتها اليوم.
واوضح بوخمخم ،ان ملحق صوت الأسير، حقق أربعة أهداف، أولها "إبقاء وإذكاء جذوة التعاطف والتفاعل، مع محنة وتضحيات الأسرى الذين منح الكثير منهم، شبابه وعمره ثمنا للقضية، وكان من الضروري أن لا تتلاشى هذه الجذوة الكبيرة أو تنطفئ، من خلال الزخم الإعلامي والنضالي الكبير ليبقى مستمرا ". فيما الهدف الثاني "له طابع مهني إعلامي بالأساس يخصنا نحن البعيدين جغرافيا عن الأسرى الفلسطينيين والقريبين منهم بقلوبنا، حتى ننقل تفاعلنا الإعلامي مع القضية من مجرد انفجار ظرفي للعواطف عبر خطب وكلمات إلى المساهمة بعمل إعلامي قوي ومتنام يغطي القضية وتفاعلاتها بكل أجناس التحرير الصحفي المعروفة".
ويرى بوخمخم أن الهدف الثالث هو مساهمة "صوت الأسير" في "مد جسور التواصل ما بين النخب الثقافية والإعلامية والنضالية في منطقة المغرب العربي مع إخوانهم في فلسطين والمشرق العربي عموما، في وقت أصبحت تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة والإعلام الإلكتروني تلعب دورا حاسما في ذلك". ويضيف بوخمخم "أما الهدف الآخر الذي يحمل أهمية بالغة، فهو المادة الأرشيفية الهائلة والحية التي يراكمها "صوت الأسير" عددا بعد آخر، من صور ونصوص ومعطيات وبيانات تسجل وتؤرخ للمواقف والأحداث التي تخص قضية الأسرى بكل تفاعلاتها القريبة والبعيدة".
التفاعل والدعم
وليس بعيدا، تقول الصحافية الجزائرية حنان هانو، بأن "تجربة ملحق صوت الأسير الفلسطيني كانت عاملا موضوعيا لمضاعفة الثقافة السياسية والمعرفية حول القضية الفلسطينية في الجزائر". مضيفة أن الجزائر التي "يحضر في وجدانها السياسي والتحرري والشعبي منطق فلسطين بكل ما فيه، لا زالت قادرة على التفاعل مع قضاياها القومية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، كأولوية الأولويات، رغم الأجواء الإعلامية العربية التي تحولت منذ عامين ونصف، إلى تقديم قضايا أخرى، على القضية الفلسطينية، حتى صارت خبرا ثانيا أو ثالثا، وهو ما يرفضه المزاج الجزائري العام".
وتذكر هانو التي تحتفظ بعلاقات طيبة مع السفارة الفلسطينية في الجزائر، "أن التعاون والتفاهم العالي، بين رؤساء تحرير الصحف الجزائرية، بلا استثناء، وهيئة تحرير ملحق صوت الأسير، ممثلة في عز الدين خالد (خالد صالح)، يتيح لنا تسجيل إعجابنا بالصحافتين الجزائرية والفلسطينية، التي يعتبر صوت الأسير ظل نجاحهما الوثير.
ايقاظ الضمير

أما الدكتور علي شكشك، الذي يعمل في السفارة الفلسطينية وينشط في التواصل الفكري مع الرأي العام، من خلال ملحق صوت الأسير، فيرى أن "الملحق عبارة عن تفاعل فلسطيني ذاتي مع الحال والقضايا الملحة، سيما وأن قضية الأسرى لا زالت من أكثر الأوجاع الفلسطينية التي يجب أن توقظ الضمير العالمي كل حين، على وقع ما يجري من مآس".
ويشير شكشك "إلى الفرادة المستمرة لملحق صوت الأسير، بدعم كريم من الصحافة الوطنية الجزائرية أُسس على موقف الدولة الجزائرية، بكل مكوناتها السياسية والحزبية والشعبية والتضامنية"، قائلا "أن عملا من هذا النوع يعد من الإطلالات الصحفية والفكرية المتميزة لفلسطين، التي استوطن حبها القلوب الجزائرية، على نحو من الإيمان العميق بالمبادئ".
فيما يلفت الكاتب تامر المصري، إلى "حاجة فلسطينية إلى محاكاة التجربة التي منحتها الصحافة الجزائرية لفلسطين، في أكثر من مكان، سيما وأن القضية الفلسطينية تمتلك قوة دفع تاريخي وواقعي، يؤهلها أن تبقى خبرا عربيا مقدما على أية قضية أخرى". قائلا "أن ملحق صوت الأسير الذي فتح المجال لكل قادر على السرد والكتابة حتى يدلي بدلوه في القضايا الفلسطينية، وعلى رأسها قضية الأسرى، ابن شرعي لإرادة رأت النجاح منذ خطوتها الأولى، وهو ما كان ليتم لولا توفيق الله، ثم التفاعل الإيجابي، الذي خلقه الأخ عز الدين خالد، مع كافة قامات وهيئات ومؤسسات الصحافة الجزائرية".
دور مميز
سر النجاح المستمر في اتساع ظاهرة الانتشار الكبير لقضية الاسرى في الجزائر وانضمام عدد من الصحف لاحتضانها واصدار المزيد من الملاحق الخاصة بالقضية الدور الريادي المميز لصاحب الفكرة والمكلف بملف الاسرى والملاحق في سفارة فلسطين خالد صالح، الشهير حركيا باسم عز الدين خالد، الذي يعتبر من أبرز أسماء الحركة الأسيرة، التي سجلت اختراقا فلسطينيا في منظومة عمل السجون الإسرائيلية، بعد هروبه الشهير هو ورفاقه عام 1986م، من سجن غزة المركزي، خالد يعتقد "أن قضية الأسرى بحاجة إلى قوة بذل أكبر، كونها قضية تختلط فيها عدة أوراق سياسية وإنسانية ومجتمعية وثقافية في آن واحد، لا يكاد يدرك معناها بتجرد، إلى من مر بالتجربة كأسير أو كان من ذوي الأسرى".
ويسترسل صالح "أن تراكم المأساة الفلسطينية في مفردات منفتحة على الأوجاع، في كل مضمار، يجب أن يسلط الضوء على الأسرى بوصفهم، عنقود الاستطلاع الأقرب الذي يظهر قبح وجه الاحتلال، وهو ما حاولنا في ملحق صوت الأسير فعله، على امتداد الصفحات الورقية وما توفر لها من مداد الحبر، في الصحافة الجزائرية التي تعلن فلسطينيتها بجرأة ووعي قومي رفيع المستوى على مدى أيام النشر.
انتشار واسع
صوت الاسرى اصبح حاضرا يوميا في كافة وسائل الاعلام الجزائرية التي تحرص على انتظام ملاحقها الخاصة بهم ، لذلك يقول رئيس هيئة تحرير ملحق صوت الأسير، عز الدين خالد بقوله "أن الملحق صار يوزع بنسخته الإلكترونية خارج الجزائر، ليعاد نشره على مواقع فلسطينية وعربية متضامنة مع أسرانا في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي"، واضاف " أن كُتابا كثيرين يتناوبون على الفكرة والهدف"، مشيرا إلى حجم التواصل الذي خلقه هذا الملحق بين ذوي الأسرى ومؤسسات حقوقية وتضامنية جزائرية وعربية، بالإضافة إلى أن صداه يصل إلى الأسرى أنفسهم ليقول لهم، "يا وحدنا لستم وحدكم

جنين ، الجزائر –تقرير علي سمودي

".
صحيفة القدس الفلسطينية