حماقة الدعاية الانتخابية

بقلم: أسامه الفرا

عملية القنيطرة التي نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، والتي أدت إلى إغتيال مجموعة من مقاتلي حزب الله من بينهم نجل القيادي السابق "عماد مغنية" بجانب قيادي من الحرس الثوري الإيراني، جاءت قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الإسرائيلية، حيث إعتادت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اللجوء إلى قوتها العسكرية في حملتها الإنتخابية لكسب أصوات اليمين المتطرف داخل المجتمع الإسرائيلي الآخذ بالإتساع، الجديد في عملية القنيطرة أنها أصابت بها ثلاث جهات، حيث استهدفت مقاتلي حزب الله وسقط فيها قيادي من الحرس الثوري الإيراني وجرت العملية داخل الأراضي السورية، لا شك أن الأطراف الثلاثة منغمسة في الملف السوري وتعقيداته ومن شأن ذلك تقليص إمكانية الرد على عملية القنيطرة، وما شجع حكومة الاحتلال على هذا الإعتقاد أن حزب الله لم يرد على عملية إغتيال القيادي البارز عماد مغنية.

لا شك أن سقوط أحد أفراد الحرس الثوري الإيراني في عملية القنيطرة فرض ضرورة الرد، والضرورة هنا تتعلق بإيران أكثر من حزب الله وسوريا، فهي تريد أن توصل رسالة واضحة لحكومة الإحتلال مفادها أن اي إعتداء عليها لا بد وأن تنتظر حكومة الاحتلال رداً عليه، حيث تدرك ايران أنها إن لم تفعل ذلك اليوم فقد يدفع ذلك حكومة الاحتلال لإرتكاب حماقة اكبر دون الخوف من رد الفعل الإيراني، خاصة وإن حكومة الإحتلال لم تتوقف البتة عن إطلاق تهديداتها فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، ولم تخف حكومة الإحتلال إمتعاضها ورفضها للتقارب الغربي الإيراني فيما يتعلق بملف إيران النووي.

لم يكن أحد ينتظر أن تبادر إيران برد فعل مباشر من قبلها بقدر ما سيكون ذلك من خلال ذراعها القوي في المنطقة "حزب الله"، لم يتأخر الرد هذه المرة كثيراً لأن التاخير بحد ذاته قد يفقد رد الفعل مضمونه، حيث استهدف حزب الله رتلا من الآليات العسكرية الإسرائيلية في مزارع شبعا في الجنوب اللبناني، وإن كانت حكومة الاحتلال قد إعترفت بمقتل أربعة من جنودها وإصابة آخرين، إلا أن حقيقة ما جرى سيكون له انعكاسات جوهرية حول كرة اللهب في المنطقة، هل ستسمح الأطراف المختلفة بتمددها أم سيعمل كل جانب على إحتوائها ومنع تفاقمها؟.

عملية القنيطرة لا يمكن فصلها عن الانتخابات الإسرائيلية، هذا ما أكد عليه التاريخ في مرات عدة حين لجأت حكومة الاحتلال لعمليات عسكرية لتحسين مواقعها الانتخابية، ولا شك أن إستطلاعات الرأي الأخيرة التي اشارت إلى تقدم معسكر هرتسوغ وليفني بثلاثة مقاعد على حزب الليكود بزعامة رئيس الحكومة الحالي "بنيامين نتانياهو"، وهو ما يدلل على تراجع شعبية الليكود في الأيام القليلة الماضية، كانت ضمن العوامل التي دفعت نتانياهو للمصادقة على تنفيذ عملية القنيطرة في محاولة منه لكسب المزيد من أصوات الناخبين، والمؤكد أيضاً أن حكومة الإحتلال لا تريد لكرة اللهب أن تتسع مساحتها وتفقد قدرتها على جني مكاسبها.

لكن ما لم تتعلمه حكومة الاحتلال بعد أن معادلة القوة لم تعد بتلك البساطة التي كانت عليها في الماضي، ولم تعد بإستطاعتها وحدها أن تفرض محدداتها.