نحن نحب المطر ، لكننا نحب المطر في آذار أكثر .. نحب حبات المطر النازلة من السماء الزرقاء على الحقول ، ولكننا نحب سنابل القمح أكثر..نحب السيول الجارية في الجداول والوديان ، ولكننا نحب التلال والروابي أكثر .
نحب الرذاذ ، المطر، الثلج ، لكنا نحب الأرض والورد والزيتون والزعتر ودقة العدس (الزوفا) والخزامى أكثر . نحب الحياة والكون والتعب والعرق ، لكننا نحب التراب والصخور والمروج أكثر .
نحن شعب ان نسينا فلن ننسى البيادر والطابون والغربال ومناجل الحصاد وجاروشة القمح والخوابي والقناطر ، ولا ننسى صوت شبابة الراعي وحلقات الدبكة على أنغام "الدلعونة" و"ظريف الطول" و"المعنى" و"الشروقي" ، التي تأسر لباب القلوب . كما لا ننسى ثغاء قطعان الماعز والأغنام وهي عائدة من مراعيها في التلال المجاورة ، ولا الصبايا الجميلات في بداية تفتحهن وهن يتهادين بجرارهن إلى الينابيع وآبار الماء القريبة كأنهن في نزهة ، بينما يتمتع الشباب بـ"القصدرة" في الأزقة والطرقات قرباً من هذه الينابيع والآبار .
حقاً ، أننا نحب المطر والشمس ، ونحب الفقراء والعمال ، أصحاب الجباه السود الذين تمتد سواعدهم فتدرس التاريخ وتتعلم من تجاربه ، وتهيء الميدان للثورة الطبقية القادمة .
إن المطر في كانون وشباط جميل ، لكن في آذار أجمل ، والمطر في تشيلي وكوبا والعراق وبلاد الشام حلو ، لكن في فلسطين أحلى .
فمطر بلادي له رونقه الخاص وجماله الساطع ، وله أغاني العاشقين وأهازيج الشعب وأناشيد الأرض والوطن والحب والكفاح والثورة . والمطر في آذار الربيع وشم النسيم ، آذار المرأة ، الأم ، والأرض الأحلى من الشهد الطيب .
فسلاماً يا آذار من قلب عاشق نابض بالحب والعشق ، ومن ساعد فلاح يعتمر الكوفية الفلسطينية ويحرث الأرض ويزرع القمح ، ويحمل قلباً رقيقاً في عطفه على دابته التي تشاركه أيامه ، ويحمل قلباً شاقاً في غضبه على من يريد أن يغتصب منه ملحه وزاده .
وسلاماً يا آذار من قبضة عامل ينزف عرقه على جبينه تعباً وكداً من أجل رغيف خبز ، ومن قلوب كل الفقراء والجياع والمهمشين الذين يتطلعون للحرية والفرح ، وللمستقبل الذي لا بد أن يأتي .
وسنظل يا آذار نسير في قارب العشق الوطني حتى الوصول للمرساة ، التي لن تكون سوى وطن العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين وكل المعذبين في الأرض.
بقلم/ شاكر فريد حسن