الحكومة الإسرائيلية عنوان للتطرف

بقلم: أحمد سمير القدرة

تمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد مخاض عسير استمر سبعة أسابيع بعد الانتخابات التي عقدت في منتصف مارس 2015, من تشكيل حكومته الرابعة بعد تمكنه من الحصول على إحدى وستون مقعداً من أصل مئة وعشرون, وذلك بعد انضمام حزب البيت اليهودي للائتلاف الحكومي, وتقديمه للعديد من التنازلات وخضوعه لعملية ابتزاز من قبل أحزاب اليمين, ليكون شكل الائتلاف مكون من حزب الليكود والأحزاب الصغيرة في الكنسيت ذات التوجه اليميني.
لقد استطاع نتنياهو من تشكيل حكومة يمينية تكرس سياسة التطرف والعنصرية والعنف والتشدد والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني, من خلال الاستمرار في سياسة الاستيطان والتهويد ومصادرة الأراضي والتهجير, والانتهاك المستمر للمقدسات الإسلامية والمسيحية والعمل على تقسيم المسجد الأقصى زماناً ومكاناً, وارتكاب المزيد من المجازر والإبادة ضد الشعب الفلسطيني, والاستمرار في التنكر لكافة الحقوق الفلسطينية من خلال الضرب بعرض الحائط لكافة القرارات والمعاهدات الدولية والاستمرار في انتهاك القانون الدولي, لتؤكد عدم الإيمان بالسلام وتقوض كافة فرص التوصل لحل الدولتين, والذي يعني عدم التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية وعدم السماح بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة, سواء عبر المفاوضات أو عن طريق قرار يصدر من مجلس الأمن بخصوص هذا الشأن. فقد كان من ضمن الشروط التي وضعت من قبل حزب البيت اليهودي ضمن اتفاق الائتلاف الحكومي هو تطبيق "قانون برافر", والداعي إلى مصادرة والاستيلاء على آلاف الدونمات وتهجير الشعب الفلسطيني من النقب, ليؤكد هذا الشرط على النهج العنصري والتطرفي لحكومة اليمين برئاسة نتنياهو.
وبغض النظر عما تشهده العلاقة بين أمريكا وإسرائيل من خلافات شكلية فيما يتعلق بالعديد من القضايا والملفات المشتركة, وبغض النظر عن حالة التوتر التي رافقت خطاب نتنياهو في الكونغرس الأمريكي بخصوص الاتفاق النووي المتوقع التوصل إليه بين (G5+1) وإيران نهاية شهر يونيو 2015, إلا أنها لن تصل إلى مرحلة العداء والتخلي, كما أنها لن تنعكس بالسلب ولن تؤثر على طبيعة العلاقة فيما بينهما, فالرئيس الأمريكي باراك أوباما سارع بتهنئة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على نجاحه في تشكيل الحكومة, مشدداً على استمرار التعاون الأمني والاستخباري والعسكري, وحماية أمن إسرائيل.
وأمام هذه الحكومة اليمينية المتشددة, ما هو المطلوب من السلطة والقيادة والحكومة والفصائل الفلسطينية؟ إن حجم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية في ظل هذه الحكومة اليمينية وفي ظل كافة المتغيرات الجارية في المحيط العربي, يتطلب من الجميع الإسراع في تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام بناءً على ما تم الاتفاق والتوقيع عليه وفق اتفاق القاهرة والشاطئ, وتمكين حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني من أداء مهامها في كافة المناطق الفلسطينية, وحل كافة الملفات التي نجمت عن الانقسام, واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني, لحماية الشرعية الوطنية والحفاظ على استمرارية المؤسسات الوطنية, بالإضافة إلى توحيد القرار والموقف السياسي من خلال صياغة برنامج وطني شامل بتوافق وإجماع كافة الفصائل الفلسطينية, وتوحيد لغة الخطاب السياسي والإعلامي, وتغليب المصلحة الوطنية عن أي مصلحة حزبية فئوية, والاستمرار في فضح جرائم الاحتلال والسعي لتقديم قادة الاحتلال للعدالة والمحاكمة من خلال المضي في التوجه لمحكمة الجنايات الدولية, والانضمام للمزيد من المؤسسات والمنظمات الدولية, للتصدي لكافة المخططات والمؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية, وذلك لحماية المشروع الوطني الفلسطيني.
أحمد سمير القدرة
باحث في شؤون الشرق الأوسط