في ذكرى القائد الشهيد ابو علي مصطفى الواقع الفلسطيني اليوم يئن من الجراح

بقلم: عباس الجمعة

نحن امام ذكرى قائد ومناضل فلسطيني عربي القائد الشهيد ابو علي مصطفى الامين العام للجبهة الشعبيه لتحرير فلسطين ، ورغم المسافة الزمنية بين ذكرى استشهاده ، وبين الواقع الفلسطيني اليوم، هي المسافة التي امتلأت وذخرت بالأحداث والتطورات على الصعيد الفلسطيني، والعربي، والدولي، فالواقع الفلسطيني اليوم يئن من الجراح، ويفتقد إلى الحكماء والأطباء، فخلا من زخم الكفاح السياسي والوطني، نتيجة انقسام كارثي ووهم البعض باقامة له دويلة في قطاع غزة ، بينما الشعب الفلسطيني يتصدى بلحمه الحي للاستيطان وتهويد الارض والمقدسات وسياسة القتل والاجرام الصهيونية ، ومخيمات الشتات تدفع ثمن ارهاب قوى متأسلمة متطرفة تريد تنفيذ اجندات خارجية من اجل تدمير المخيمات وتهجير سكانها وشطب حق العودة متزامنة مع قرارات الاونروا الظالمة بوقف عدة خدمات للشعب الفلسطيني ، حيث ضاعت البوصلة .
وامام هذه الذكرى لقائد وطني وقومي عظيم نرى الواقع العربي الذي يندى له الجبين، حيث تشتد الهجمة الامبريالية الصهيونية الاستعمارية الارهابية التكفيرية ضد دول وقوى المقاومة في المنطقة، بهدف الوصول الى تقسيم المنطقة الى كانتونات طائفية ومذهبيه واثنية بعد ان تفشت الطائفية بأفكارها الرجعية والسلفية، ولم تعد الدولة القطرية الواحدة قادرة على حماية نفسها من نفسها ومن عدوها، وابعاد الشعوب العربية عن البوصلة الرئيسية فلسطين ، والحالة العربية ليست أفضل من الحالة الفلسطينية، هذا هو الواقع الفلسطيني والعربي كخلاصة ، حيث تجري الاحداث على مدار هذه المسافة الزمنية في ظل فرض معادلات، وتوازنات.
نعم، لم يترجل ابو علي ومازال يقاوم فاشية وعنصرية دولة الابرتهايد االصهيونية، كما يقاتل من موقعه المتقدم في الالتزام بقضية واهداف الشعب دفاعا عن وحدة الارض والشعب والمصالح الوطنية العليا، ويدعو للوحدة الوطنية، الرافعة الاساسية للنضال الوطني، غير آبه بالحسابات الصغيرة، حيث كان مقداما في كل معارك الدفاع عن المشروع الوطني، لم يهادن، ولم يتردد لحظة واحدة في امتشاق البندقية والقلم على حد سواء، وهو العامل الفقير والبسيط، الذي لم تتح له قساوة الحياة تكميل تعليمه إسوة باشقائه وابناء جيله، دفاعا عن وحدة الارض والشعب والقضية والاداة الوطنية، وتبنى الخيار الديمقراطي للحوار بين فصائل العمل الوطني لتعميق القواسم المشتركة بين الكل الوطني، كما كان رفاقه القادة عمالقة الثورة الفلسطينية وفي مقدمتهم الرئيس الشهيد ياسر عرفات والحكيم جورج حبش وفارس فلسطين ابو العباس وكل الشهداء الذين دافعوا عن قناعاتهم بقوة في كافة المحطات الكفاحية، وشكلوا محور ثقل اساسي في صفوف الثورة ، وفي مسيرة الكفاح الوطني الطويلة، دفاعا عن فلسطين الدولة والحرية والعودة.
إن استهداف القائد أبو علي مصطفى، كان استهدافا لما يمثل من فكر ثوري، وطرح سياسي وطني، وخيار كفاحي لا يستجيب لشروط الاحتلال، كان استهدافاً لمنحى تنظيمي بدأ يخطه لجبهته نحو الفعل الكفاحي والمقاومة، كان اغتيالاً يستهدف قطع الوصل بين الفكرة والأداة.
وفي ظل هذه الظروف تأتي ذكرى استشهاد ابو علي مع ذكرى حرب غزة ، التي اسقطت أوهام الاحتلال ومشاريعه ، حيث انتصر الشعب الفلسطيني بصموده وتضحياته ومقاومته ، وكان هذا الصمود الذي ترسخ بوحدة وطنية بهدف الحفاظ على المشروع الوطني الذي يتجسد أولا في إظهار الحق، وعدالة القضية، ووحدة أصحاب الحق والقضية، وخيار الوحدة والمقاومة، وأن الحق لا يتجزأ، بل مطلوب إظهاره وإشهاره، والعمل على استحقاقه، من خلال وحدة الصف الفلسطيني، واستنهاض الوضع الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني.
ونحن اليوم نؤكد على اهمية انهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية احتراما لمن قدموا حياتهم من اجل فلسطين وفي طليعتهم الشهيد القائد ابو علي مصطفى من اجل مواجهة الاحتلال الذي يمارس كل اشكال العدوان في كل مدن الضفة والقدس وحصاره المفروض على قطاع غزة ، لانه بالوحدة الوطنيه تسقط كل أوراق التوت التي تغطى بها الاحتلال وكيانه العنصري أمام الرأي العام العالمي بأنه دولة عنصرية ارهابية وهي أخطر دولة على السلام العالمي.
مما لا شك فيه أن الذكرى الشهيد ابو علي مصطفى الذي كان له بصماته ودوره وتاريخه في صون منظمة التحرير الفلسطينية وحمايتها ، يتطلب من جميع الفصائل والقوى ونحن على ابواب عقد الجلسة الطارئة للمجلس الوطني الفلسطيني صوغ رؤية سياسية ونضالية بمثابة بوصلة نهديها للشعب الفلسطيني وكل المناضلين ،بدلا من التهرب من المسؤولية الوطنية التي تستدعي اليوم ضخ دم جديد في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ، وبدلا من الذين غيبهم الموت او الاستشهاد ، او من اصبحوا كبار في السن حتى تستمر المنظمة بتحمل مسؤولياتها و القيام بدورها وواجبها تجاه شعبها، رغم حالة الانقسام الفلسطيني الجغرافي والسياسي، وتغليب المصالح الخاصة و الفئوية ، وتوحيد كافة جهود كل القوى والفصائل ضمن اطارها على اساس شراكة وطنية حقيقية،بدلا من الحديث عن انتخاب فقط المستقلين بدلا المتوفين ، فنحن بحاجة لمجلس وطني يخطو خطوات جدية نحو تعزيز وحدة الصف الفلسطيني ،ويعيد التفاف وثقة الجماهير حول المنظمة ومشروعها الوطني وبرامجها ورؤيتها، وبما يليق بنضالات وتضحيات الشعب الفلسطيني.
وفي ضوء التطورات الجارية ، ومن اجل مجابهة المخاطر ووقف آثارها ومفاعليها على حاضر ومستقبل القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني ، والتي وصلت الى عوامل اليأس والقلق والخوف بدلا من تعليق الامال على استمرارية النضال الوطني وصولا الى التحرير، مطلوب وقف حالة التراجع والعجز ، والعمل على حماية المشروع الوطني رغم موازين القوى المختلة من جهة ، وقطب حماس الذي لم يتعاطى أبداً مع منطق حركة التحرر الوطني نتيجة انشداده لأصوليته ومنطلقاته الدينية من جهة ثانية، مما يحمل مخاطر على المشروع الوطني، وهذا يستدعي من المجلس الوطني القيام بعمليات جراحية متعددة وحماية المجتمع الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية، في اللحظة الصعبة الراهنة، ووقف الانهيار الداخلي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
أن ما نشهده اليوم هو بحاجة الى اصلاح داخل مؤسسات منظمة التحرير ، ولا بد للجنة التنفيذية ان تقوم بدورها كقيادة يومية للشعب الفلسطيني بحدوده الدنيا، والوقوف أمام دوائر المنظمة وعملها، ومؤسساتها ، ووضع استراتيجية وطنية تستند الى الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وتوطيد التحالفات الشعبية والرسمية والعربية والدولية، المستندة إلى حقوق شعبنا، وتوطيد هذه التحالفات وبنائها على أسس ثابتة،وإعادة تشكيل المجلس الوطني على أساس قانون انتخاب يقوم على التمثيل النسبي .
ختاما لا بد من القول : ان اللحظة السياسية التي غاب فيها القادة الشهداء ياسر عرفات وأبو علي مصطفى وابو العباس وأبو جهاد الوزير يجب أن نقف لتكريمهم لأنهم ضحوا من أجل فلسطين من خلال تجديد وتطوير مؤسسات منظمة التحرير والحفاظ المشروع الوطني ، ولنجدد العهد لفلسطين ولنحقق الأهداف التي استشهدوا من أجلها وأن نعمل يدا بيد لإنهاء الانقسام الوطني الداخلي ونعمل على حماية منظمة التحرير الفلسطينية.

بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي