الهبة الشعبية بين التصعيد ومحاولات الاحتواء

بقلم: أحمد يونس شاهين

ما تشهده أرضنا الفلسطينية في الضفة والقدس وحتى الدعم المعنوي والتضامن من غزة،، والذي ما زال مستمراً وسيستمر له هدف أساسي واحد فقط لا غير ألا وهو إنهاء الاحتلال ونيل الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، ولن يتوقف بوضع كاميرات المراقبة في المسجد الأقصى، لأن القضية الفلسطينية أكبر من أن يكون سقفها تلك الكاميرات البلاستيكية التي تقيد حركة الفلسطينيين في القدس أو منحهم حرية وهمية تحت مراقبة تلك الكاميرات، إن لهذه الهبة الشعبية دوافع وطنية أساسية بعيدة كل البعد عن الواقع الاجتماعي الحياتي كما يسوق لها الاحتلال والتي لخصها وحصرها في حالة اليأس وتأزم الوضع المعيشي وانعدام الأفق المجتمعي لهؤلاء الشباب المقاومين لإلقاء اللوم على السلطة الوطنية وتحميلها المسؤولية تجاههم واتهامها بالتحريض، فلو تابعنا محاولات وعمليات الطعن التي نفذها الشباب الفلسطيني لوجدنا أن من قام بمعظمها أنهم من عائلات تتمتع بمستوى معيشي رغد وهذا إن دل فإنما يدل على أن الدافع وطني محض وأن هؤلاء المواطنين متوسط أعمارهم مابين الثامن عشر والخامس والعشرين أي أنهم وليدوا التسعينات، وهذا يدل على أن أجيالنا المتعاقبة لم تترك وطنها ينزف دون أن يجد من يضمد جراحه بحجره وسكينه، ومن هنا فعلى الاحتلال أن يستخلص العبر ويسلم بالمسلمات التي يفرضها الواقع الفلسطيني وأن يخضع لمطالب الشعب الفلسطيني الذي أقرتها القوانين والقرارات الدولية، رسالة يوجهها شبابنا الفلسطيني للعالم بأسره بأن لا حق يضيع وراءه مطالب بل مدافع وسينتزع حقه، فكل المحاولات التي يتم رسمها على ملامح هذه المرحلة ستبوء بالفشل، وكل محاولات رئيس حكومة الاحتلال ستفشل والتي يحاول بها خداع العالم والوفود القادمة من أجل احتواء هذه الهبة الشعبية.
رغم أن هذه الهبة الشعبية مازلت محصورة بأعمال مقاومة شبة فردية تتمثل بإلقاء الحجارة وعمليات الطعن ضد المستوطنين وجنود الاحتلال بعيداُ عن استهداف المدنيين الإسرائيليين في الضفة والقدس وأراضي ال48 الأمر الذي يعكس مدى أخلاقيات النضال الفلسطيني وثقافته النضالية ويوجه رسالة للعدو الإسرائيلي بأن نضالنا ليس إرهاباً كما يسوق له الاحتلال إعلاميا إنما هو دفاعاً عن قدسنا وأرضنا الفلسطينية بعكس ما يمارسه الاحتلال من إرهاب يتمثل في الإعدامات الميدانية المتعمدة وترهيب للمواطنين الفلسطينيين والذي جاء آخره بما تقدم به نتنياهو باقتراح بسحب الهويات الزرقاء من مواطني بلدة شعفاط وهذا مؤشر خطير سابق من نوعه.
إن الحراك السياسي للرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية بالتوازي مع الصمود الميداني أحيا القضية الفلسطينية وفرضها على الأجندة الدولية بعد أن تم تسويفها بفعل المتغيرات الإقليمية وما تشهده المنطقة العربية من فوضى فرضتها الصهيوأمريكية كان الهدف الأساسي منها دفن القضية الفلسطينية، وأن هذا الحراك هو جزء من النضال الفلسطيني والمعركة السياسية في التصدي لحكومة الاحتلال الإسرائيلي وغطرستها بالرغم مما تتعرض له من ضغوطات دولية وصلت حد التهديد بتجميد المساعدات المالية لخزينة السلطة التي من خلالها تدفع رواتب النسبة الأكبر من أبناء شعبنا الذين يفوق تعدادهم 250 ألف, إذا ما أضيف لهم الأسرى والشهداء والحالات الاجتماعية والبطالة الدائمة، وهذا يعتبر مكافأة أمريكية للاحتلال الإسرائيلي ودعماً لما تمارسه ضد الشعب الفلسطيني من جرائم.
ومن جهة أخرى فإن جولات كيري ولقاءاته المكوكية مع القيادة الفلسطينية والأردن والإسرائيليين نلاحظ من خلالها مدى إصراره على ربط اسم المسجد الأقصى بــما يسمى بــ "جبل الهيكل" دون أي وازع قانوني أو سياسي وهذا يعكس مدى التساوق الأمريكي مع المنطق الإسرائيلي وكذلك إتباع الأمين العام للأمم المتحدة لنفس النهج الأمريكي في الوقت الذي يجب أن يكون فيه أكثر التزاماً بقرارات الشرعية الدولية، وعلى الرغم من لقاء كيري بالرئيس محمود عباس إلا أن هدفه الأساسي هو حثه ومطالبته باحتواء الأحداث وعدم التصعيد واستبعاده عن المشاركة الفعلية في خطوات هامة وضرورية من المفترض اتخاذها فيما يخص المسجد الأقصى وحصر هذا الأمر بين الأردن ودولة الاحتلال في تجاهل منه بأن القدس الشرقية بما فيها المسجد الأقصى هي من مسؤوليات القيادة الفلسطينية كباقي حدود حزيران لعام 1967.
ولهذا فإنه بات من الضروري المطالبة بإلغاء القرارات الإسرائيلية بإغلاق مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في القدس وإعادة فتحتها من جديد الأمر الذي يعزز التواجد الفلسطيني الرسمي في القدس.
وعليه فإن كل ذلك يشير إلى المحاولة بالالتفاف على جوهر الصراع وفرض القبول بأرباع الحلول الوهمية، وهذا يستوجب العمل على دعم هذه الهبة الشعبية وتعزيز مقومات الصمود الشعبي للشباب الفلسطيني المقاوم للحيلولة من عدم القفز عن جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وهو الاحتلال الذي يجب أن يقتلع من أرضنا الفلسطينية.
 

بقلم: أحمد يونس شاهين