إنتهت القمة العربية الأمريكية اللاتينية الرابعة المنعقدة في مدينة الرياض أيام 10-11/11/2015م، إلى جملة من النتائج الإيجابية، على مستوى العلاقات السياسية والإقتصادية والثقافية، التي تخدم مصالح المجموعتين الدوليتين العربية واللاتينية، وقد تميزت هذه القمة، كونها عقدت في العاصمة السعودية، وبرئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، ملك الحزم والعزم المحنك، رجل الدولة ذا الخبرة الطويلة في الإدارة والحكم، والمدرك كل الإدراك لخطورة المرحلة التاريخية التي تمرّ بها العلاقات الدولية على مستوى العالم وعلى مستوى الإقليم، وما تشهده من تلاطم الأمواج والعواصف السياسية والإقتصادية والعسكرية، ونتائجها الكارثية على مستوى المنطقة والعالم، والتي تحكمها المصالح الدولية الأمنية والإقتصادية، بالدرجة الأولى، وفي زمن بات فيه العالم العربي الأكثر تأثراً بهذه العواصف والتقلبات والتغيرات، والتي لم يشهد لها مثيلاً منذ قرن من الزمن، فقد تداعت وتصدعت دول ومجتمعات، وشهدت المنطقة فراغات إستراتيجية، عسكرية وسياسية وإقتصادية، فتحت شهية دول إقليمية وأخرى دولية، لملئها على حساب المصالح الوطنية والقومية للدول والشعوب العربية، لكن الرياض التي وقفت بحزم وعزم في مواجهتها وإلى جانب أشقائها، لإستعادة الأمن والإستقرار لدول المنطقة وشعوبها، وسعت إلى إعادة النظر في مجمل المواقف والسياسات السابقة، على أساس رؤية سياسية وإقتصادية وأمنية واضحة وجلية، قوامها رفض التدخلات الخارجية والإقليمية في الشؤون الداخلية للدول العربية، سعت وتسعى للحفاظ على وحدة هذه الدول ومجتمعاتها، وضمان إستقرارها، ودفع عجلة التنمية فيها، بما يحقق غايات تلك الدول في التنمية والرفاه الإقتصادي لشعوبها، ومواجهة تلك المشاكل والقضايا التي تواجهها، وهنا تلتقي مصلحة دول المجموعة العربية مع دول أمريكا اللاتينية، التي هي الأخرى تواجه مشاكل أمنية وإقتصادية وتسعى إلى تطوير إقتصادياتها وتحريرها من الهيمنة الدولية، وتلبية إحتياجات مجتمعاتها في الأمن والإستقرار والتنمية الإقتصادية، يشكل ذلك نقطة الإرتكاز في العلاقات بين المجموعتين العربية والأمريكية اللاتينية، ويعزز ذلك التفاهم والتعاون بين المجموعتين، هو تقارب وتماثل هذه الظروف السياسية والإقتصادية بينها، وتوافق المصالح، دون تطلعات للهيمنة والنفوذ، فجاءت النتائج التي تمخضت عنها هذه القمة معبرة عن ذلك، والتي تضمنها إعلان الرياض المفصل والشفاف، ليؤسس لهذه العلاقات المتوازنة، ويرسم خارطة طريق لها على المستوى الأمني والسياسي والإقتصادي، وهنا جاء التأكيد والتوافق في المواقف الأمريكية اللاتينية مع المواقف العربية من القضية الفلسطينية، التي تعتبر القضية الرئيسية للدول العربية، كونها أساس المشاكل الأخرى المتفرعة عنها في الوطن العربي، وتم التأكيد على العمل على إحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي، وقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران للعام 1967م وعاصمتها القدس، من أجل إستعادة الأمن والإستقرار في المنطقة العربية والعالم.
إن قمة الرياض العربية الأمريكية اللاتينية تعني الكثير للدول والشعوب العربية والأمريكية اللاتينية، في زمن التكتلات السياسية والإقتصادية، القارية والدولية، التي باتت تحكم العالم، وستعطي فاعلية أكبر للمجموعتين في إعادة صياغة النظام الإقتصادي الدولي وتوازنه، بما يحقق مصالح شعوبهما وشعوب العالم.
بقلم د. عبد الرحيم جاموس