مما يؤلمني ويؤرقني جداً أن أرى العالم العربي دون استثناء أحد لم يتخلص حتى الان من التركات السلبية للحقبة الاستعمارية التي عاشها العالم العربي منذ قرون...
حينما نتأمل أحوال المجتمعات العربية ونوعية التعليم ونسبة الأمية المرتفعة ونوعية القيم السائدة في الشخصية العربية نلاحظ وكأن الاستعمار القديم لا زال موجوداً بشكل أو بآخر بيننا و يفتت من عظامنا ...
منذ نهاية العقد الثاني للقرن الواحد وعشرين ولازلنا نفتقر إلى الديمقراطية الحرة والنزيهة...
نفتقد الي الشفافية في صرف المال العام ....
نفتقد إلى عدم وجود أجهزة محاسبية حرة للرقابة العامة...
نفتقد عدم وجود نظام قضائي حر ونزيه لا يتبع السلطة التنفيذية أو الاجهزة الأمنية......
والأصل أن يكون القضاء ضمير الأمة وحامي العدالة بكل أشكالها.
نحن في العالم العربي بحاجة إلى ثقافة بناءة لكي تبني وتساهم في الحضارة العالمية.... نحتاج إلى علوم حديثة مزودة بتقنية عالية...
ونحتاج إلى موازنة كبيرة جداً للتعليم والابحاث العلمية في جميع المجالات لنصبح مهيئين للصناعة و الزراعة و الطب الحديث
نريد ان نكون منتجين حقيقين في جميع المجالات لا مستوردين ولا مستهلكين من الدرجة الأولى لسلع غيرنا...
نحتاج إلى ثقافة سياسية توحد لا تفرق....
ونكتفي أن نضرب مثلاً في فلسطين التي هي أرضها محتلة منذ عقود من الزمن وغير حرة ضعيفة..... وعاجزة.... ومحاصرة.... وكل شيء ينفق لديها أو يُصرف بحساب وضوابط خارجية وبتبعية مُذلة ....
وكذلك سلطة غزة محاصرة بدرجة أشد و نتعرض لحرب تلو الاخرى وآثار الدمار لا تزال باقية ... نحتاج سنين لإزالتها. لو توفرت الرغبة الدولية في ذلك ...
ولن تستطيع حماس أو الجهاد أو التنظيمات الموجودة في غزة أن تتحدى ما حولها ولن تستطيع سلطة رام الله أن تتحدى ما حولها أيضاً كل يسبح في اتجاه معاكس؟! والأصل أن تكون البوصلة الفلسطينية موحدة موجهة لإزالة العدوان وآثار العدوان. يجب أن نكون عناصر جمعهم أكبر من عناصر تفرقهم... لأن في ذلك مصلحة الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ مائة عام والقيادات تعيش في ترف الانقسام وترف مزايا السلطة...
الشعب الفلسطيني مُتعطش لفتح معبر رفح بيننا وبين مصر الشقيقة الكبرى ويجب على جميع الأطراف أن تذلل كل العقبات من أجل مصلحة اثنين مليون محاصر في غزة محرومون من العلاج والسفر والتعليم في الخارج ..... الخ.
الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الغير مواتية دولياً للمطالب الحقيقية للشعب نحتاج إلى كثير من البناء والتطوير والتعليم والصحة والطرق والكهرباء وتجهيز البنية التحتية وبكل ما تحوي الكلمة من معاني.
بعد كل هذه الأزمات المستعصية التي نعيشها, ما معنى ان يكون هناك مجالاً للتناحر والخلافات التي يسدد فواتيرها هذا الشعب الصابر والمحاصر.
وأخشى كل ما أخشاه على الشعوب العربية أن تضيع البلاد وتفتت إلى دويلات وحروب داخلية وحروب خارجية كما حصل في فلسطين
الملاحظ فقط هو هدر الثروات وتحطيم الجسد العربي كله! نحن بحاجة إلى مارد عربي قوي ومتين لا بالغناء والشعر ولكن بالأفعال والاصرار والتحدي لنكون موجودين على الخارطة الدولية بأن يكون لنا وزناً ونكون أمناء على الحفاظ على مقدراتنا ومقدرات شعوبنا العربية من الاستنزاف....
كل ما سبق بحاجة إلى ثورة ثقافية وفكرية قوية لتكون نواة للحركة المستقبلية بقصد البناء والتعمير ومواكبة التطوير العلمي والانتاجي في العالم.
حينها يمكن أن نصد وندافع رفضاً للهجمة الشرسة التي نتعرض لها منذ قرون!!!
29/11/2015
بقلم: محمد الفرا
E-Mail: [email protected]