نتمنى من قمة القاهرة مراجعة للسياسات العربية لتصويب الوضع العربي وأولوية الصراع مع إسرائيل

بقلم: علي ابوحبله

القمة الثنائية التي تجمع الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، هذه القمة تأتي في وقت أحوج ما تكون إليه الدولتين لمراجعة سياساتهما ضمن أسس وقواعد تعيد أللحمه للامه العربية ،
السعودية ومصر هما احد أهم الركائز في إعادة السفينة العربية لمسارها الصحيح وإعادة التصويب لأولوية الصراع مع إسرائيل لتتصدر جدول أعمال القمة العربية الثنائية للملك سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، وان اهمية اللقاء الثنائي تكمن في كيفية انهاء الازمه السوريه ووضع حد للصراع على سوريا وتزويد المجموعات المسلحه بالاسلحه والدفع بهم لساحة الصراع في سوريا ، وكذلك معضلة اليمن وضرورة الخروج من الحرب على اليمن ، ومشاكل العراق وتغذية الطائفية فيه وانعكاسها على المنطقه وضرورة حفظ الامن والسلام المجتمعي في لبنان ومساعدته على انتخاب رئيس للبنان ، وضرورة التوصل لاتفاق وحل في ليبيا لاعادة الوحده لهذا البلد الذي بات يخشى من تحوله الى قاعده للارهاب .
هذا هو الطموح العربي للشارع العربي في ان تهتم القمه الثنائيه السعوديه المصريه لتلامس حقيقة المشاكل والصراعات التي تعم المنطقه وخطرها يتهدد دول المنطقه واحداثها تنعكس على القضيه الفلسطينيه واستفراد اسرائيل بمحاولات فرض الحلول الاحادية الجانب ،
لكن الذي يخشى منه ان الرياح تجري بعكس ما تريده السفن وهو خشيتنا من اهداف القمه السعوديه المصريه ، لان زيارة الملك سلمان مرتبطه بموقف سعودي ليقود الامه العربيه وفق القواعد التي حددها مسبقا ودشن عهده بالحرب على اليمن وتاجيج الصراع على سوريا وشرع بتاسيس التحالف السعودي الذي يقود الحرب على اليمن ومصر احد اجنحته الرئيسيه وكذلك الصراع على سوريا وتزويد المجموعات المسلحه المعارضه السوريه باحدث الاسلحه ،
بحسب المحللين السياسيين بوصفهم للقمه أنها قمة قيادتين اقليمتين مأزومتين ” ويبحث كل طرف فيها أن يقدم له الطرف الآخر “طوق النجاة” أو سلما للنزول من فوق شجرة أزماته العالية جدا؟، والمليئة بعشش الدبابير “السامة” من كافة الأشكال.
العاهل السعودي، وبعد أن تعرض للخذلان والطعن في الظهر من قبل حليفه الأمريكي، وبعد ثمانين عاما من الحماية والتنسيق الأمني والعسكري والسياسي في جميع القضايا الإقليمية والدولية، بات يشعر أن ظهره بات مكشوفا في مواجهة عدو إقليمي شرس، وهو إيران (وإسرائيل ليست عدوا في الوقت الراهن على الأقل)، وبات بحاجة إلى نظام، أو حلف امني وعسكري إسلامي وعربي جديد لتعويض الغطاء الأمريكي، وليس هناك أهم من مصر لتكون حجر الأساس فيهما لمكانتها وقوتها وموقعها الاستراتيجي،
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يواجه أزمات اقتصادية ومالية طاحنة، ويحتاج إلى 200 مليار دولار على الأقل للوصول ببلاده إلى بر الأمان لضمان سلامة حكمه ، ويبلغ العجز في الميزانية العامة الحالية المصرية 43 مليار دولار، بينما يصل حجم ديون بلاده الخارجية 47 مليارا، ويعتقد الرئيس المصري أن المملكة العربية السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم (عشرة ملايين برميل يوميا) والتي تملك احتياطي نقدي في حدود 662 مليار دولار، هي الوحيدة القادرة على إخراج بلاده من مأزقها المالي والاقتصادي الحالي،
هناك ثلاثة ملفات سياسية وعسكرية رئيسية ستكون محور زيارة العاهل السعودي مع مضيفه المصري:
الملف الأول: الحرب في اليمن التي دخلت قبل أيام عامها الثاني دون نجاح “عاصفة الحزم” التي أطلقتها السعودية وحلفاؤها العرب لإعادة الشرعية حسب مسببات الحرب الذي يقودها التحالف السعودي على اليمن والشرعية تعني عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته إلى العاصمة صنعاء، وهزيمة التحالف “الحوثي ألصالحي” وفرض الاستسلام عليه، هذه الأهداف لم تتحقق ، بل العكس من ذلك شكل الصمود اليمني خيبة امل للسعوديه التي بدأت تدرك حجم الاخطار التي تتهدد امن السعوديه وباتت تخشى على حدودها الجنوبيه وهي شرعت بمفاوضات مباشرة مع الحوثيين
وهنا يطمح الملك السعودي سلمان لاقناع الرئيس المصري السيسي التخلي عن تحفظاته ، وإرسال قوات مصريه إلى اليمن، وعدم الاكتفاء بوجود رمزي لتأمين الملاحة في باب المندب، والعقدة المصرية تكمن من خشيتها بحجم الخسائر التي قد تتكبدها في حال أرسلت قوات بريه لليمن وهي تجزم على أن لا تجرب تدخل القوات المصرية في الستينات وان لا تتكرر حجم الخسائر التي تكبدتها وهي بعشرات الآلاف
الملف الثاني: وهو بلا شك ما يتعلق بالحرب في سورية التي تشكل فيها السعودية رأس حربة، وتصر على إسقاط الرئيس بشار الأسد وحكمه، وان مرور خمس سنوات دون انجاز هذا الهدف شكل صدمه للسعودية ، وزاد من حدة الخلافات مع واشنطن ، وتفاقم الخلاف والتوتر مع روسيا، وعزوف تركيا في الاستمرار بصراعها على سوريا لانها باتت تخشى على وحدة تركيا وتخشى من حرب الاستنزاف مع حزب العمال الكردستاني، وهذه العوامل مجتمعه تحول دون تحقيق السعودية لمبتغاها لإسقاط سوريا وتحول دون تحقيق المملكة لأهدافها، خاصة وأنها باتت تخشى من أن تحالفها مع إسرائيل يرتد عليها سلبا ويتهمها بأنها تتحالف مع إسرائيل التي تحتل القدس وفلسطين وهذا يزعزع ثقة المسلمين في القيادة السعودية ولذلك تحتاج إلى دعم مصر ،
مصر تقف موقفا مغايرا للسعوديه لانها ترى ان الحل السياسي للازمه السوريه هو الاولويه وترى في سوريا عمقها الاستراتيجي وهناك راي عام مصري يرفض الانخراط في التامر على سوريا واستهداف الجيش العربي السوري وهنا تكمن معضلة امكانية ان يحقق الملك السعودي هدفه خاصة ان مصر تنأى بنفسها عن المعارضة المسلحة ، وتبقي قنوات اتصال مع النظام، وتعزز علاقاتها مع روسيا مجددا.
الملف الثالث :العلاقات مع إيران التي تعتبرها السعودية الخطر الإقليمي الأساسي ضدها ودول الخليج عامة، وتخوض حربا بالإنابة معها في اليمن وسورية ولبنان، ويبدو أن الرئيس السيسي سيستخدم الورقة الإيرانية جديا للحصول على اكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية والمادية من السعودية، وان وزير الخارجيه المصري السيد سامح شكري يضرب على الوتر الإيراني وينتقد إيران ويتهمها بمحاولة مد نفوذها بشكل “طائفي” في دول الجوار، مؤكدا أن مصر مستمرة في قطع العلاقات مع إيران حتى “اللحظة”، وان مصر استجابة للمطلب السعودي قامت بشطب قناة المنار عن القمر الصناعي المصري نايل سات الذي ياتي الموقف المصري دعما لمحاربة السعودية لحزب الله واتهامه بالإرهاب .
هذه الملفات الثلاث هي الاولويه في أجندة الملك السعودي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وهي بالفعل نقيض الأمنيات التي كنا نتمنى بان تكون القمة للم الشمل العربي لا أن تكرس الانقسامات والخلافات وتغذي الصراعات وتحرف الصراع مع إسرائيل عن أولويته لا بل أكثر من ذلك اعتبار إسرائيل حليف استراتيجي في هذه الصراعات .
قد يكون من الصعب التكهن في نتائج القمه وما قد تسفر عنه لكن بلا شك ان الرئيس السيسي ينتظر ما تقدمه السعودية من منح ومساعدات وقروض واستثمارات ماليه تمكنه من الاستمرار في الحكم حتى لو كان ذلك على حساب مصر وكرامتها وتنازلها عن قيادة العالم العربي ولو مؤقتا والتسليم للسعوديه بذلك
وهنا يكمن السؤال عن استعداد الشعب المصري للقبول بالتنازل عن الزعامه والقياده للسعودية في العالمين العربي والإسلامي ، فمصر تعتبر، وعلى مدى ثمانية آلاف عام، أن هذه الزعامة من نصيبها بحكم ثقلها ودورها وريادتها ومكانتها.
ويترقب المصريون المفاجأة التي سيعلنها العاهل السعودي لهم، حيث أكد السفير السعودي في صفحته على موقع “تويتر” أن ثمة مفاجآت سيعلنها خادم الحرمين بمجرد وصوله للقاهرة؟ فماذا عسى أن تكون تلك المفاجأة؟ وهل تكون طوق نجاة لأزمة مصر الاقتصادية الطاحنة؟
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: إلى أي حد سيكون السخاء الملكي السعودي وسط أزمات اقتصادية قاتلة ضربت المملكة السعودية التي تخوض حروب وصراعات على عدة جبهات وهي تتعرض لازمه اقتصاديه خانقه فهل سيكون بمقدور السعودية الإيفاء بالمتطلبات ألاقتصاديه والمالية التي تتطلبها مصر
والتعليقات التي تصدرتها مواقع نشطاء التواصل الاجتماعي سخروا من تلكم المفاجأة، مؤكدين أنها ستكون مزيدا من “الرز″ الذي لن يجيد النظام المصري طبخه كالعادة. وهو دليل عدم ثقة المصريين بالوعود التي سبق وان وعد بها الملك المرحوم عبد الله الثاني ولم يتم الإيفاء بها لغاية الآن
وهناك أخبارا عن وجود صفقة متبادلة بين مصر والمملكة السعوديه سيتم بمقتضاها إعادة ترسيم الحدود المائية بين البلدين وحسم أمر الجزيرتين المختلف عليهما بينهما، وذهب البعض إلى أنه سيتم في تلك الزيارة التوقيع على أن الجزيرتين تتبعان المملكة السعودية مقابل 2 مليار دولار سنويا + 25% من قيمة الغاز والبترول المستخرج منهما.
وبرأي السفير إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية المصري الاسبق ، فإن ثمة تناقضات جوهرية يجب حلها في الملف المصري السعودي.
وأكد السفير يسري أنه كتب من قبل ثلاثة مقالات عبر فيها عن تفاؤله بسياسات الملك السعودي لاسيما في حماية السنة في العراق، والإطاحة بالأسد.
في ظل التوقعات والتكهنات التي يطلقها المحللين السياسيين يبقى الموقف المصري ركيزة نجاح القمه المرتقبه في حال تجاوبه مع المطالب السعوديه من عدمها وتبقى الحسابات المصريه غير الحسابات السعوديه وامن مصر القومي سيكون في اولى الاولويات للتقييم وهنا تكمن اهمية التريث قبل الاقدام على اية احكام مسبقه مع اننا كنا نحب ونتمنى ان تكون القمه التي تجمع الملك السعودي سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هي مراجعه حقيقيه للسياسات العربيه واعادة تصويبها لكن قد تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ويبقى الانتظار عن المفاجات والقرارات التي قد تصدر عن القمه سيدة المواقف للحكم على القمه


المحامي علي ابوحبله