كثيرون من يتحدثون عن فساد في فتح والسلطة، وتعريف الفساد بشكل عام هو الظواهر الهدامة والتي تعيق تحقيق هدف او مهمة او برنامج، ومن هنا يمكن ان نرتكز على ركائز تعريف الفساد في فتح ومدى صحته ومن عدمه.
ولدت حركة فتح من بطن المعاناة الفلسطينية واللجوء وارهاصات حزبية ما بعد النكبة سواء من الاخوان او القوميين او البعثيين وهي احزاب عملت بشعاراتها وادبياتها ما بعد الهجرة الى الى منتصف الستينات ، وتمحور فكرها باليات واستراتيجيات لتحرير فلسطين، الا انه كانت هناك ارهاصات بعد جدوى تلك الاحزاب عمليا في تحرير فلسطين، وخاصة التشبع الفكري الذي تعمق في الخلايا الفكرية للكادر بحركات التحرر العالمية والعربية كالثورة الفيتنامية والصينية والجزائرية واليمنية، ومن هنا كان الفكر الفلسطيني يتجه لبلورة حركة تحرر وطني بدأ بارهاصاتها مجموعة كوادر من الاحزاب الفلسطينية والتي اتفق على تسميتها حركة التحرر الوطني" فتح" وجناحها العا صفة وهي الاداة لتحقيق الكفاح المسلح للوصول للمفهوم الاستراتيجي للغاية وهو تحرير فلسطين.
انطلقت فتح في مطلع عام 1965م، بالرصاصة الاولى والعملية الاولى في جسر عيلبون، ورمى ابو عمار حجر في نهر الاردن وقال ان هذا الحجر سيغير مجرى التاريخ، فهل فعلا الحجر غير مجرى التاريخ؟؟؟ ام سيغير مستقبلا ..؟ ام هذا الحجر قد يرسم خريطة جغرافية وامنية جديدة لفلسطين التاريخية...؟؟ في كل الاحوال، ربما يتفق الكثيرين معي بان الثورة بمفهومها العسكري وادائها الفعلي ومنهجيتها لا تتجاوز سنوات لا تغطي اصابيع اليد الواحدة، ومن ثم انخفض الاداء الثوري رويدا رويدا بالبرنامج السياسي والمنهجية السياسية وخاصة بعد مشروع روجرز والضغوط لقبول قرار242 ... ثن انتهاج فكرة تجيش العاصفة"" فكرة ابو الزعيم" بعد الخروج من الاردن، ومن ثم الحل المرحلي والنقاط العشر، والذي من اهم متجهاته اقامة الدولة على اي جزء"" محرر"" بدون التفصيل كيف يحرر وباي اداه، ولا جغرافيا سياسية او محددات وهذا فتح المجال للاخذ باطروحات بعض اليسار بالاتصال مع الحزب الشيوعي الاسرائيلي وحركة السلام الاسرائيلي ومن هنا بدأ الاتصال بالاسرائيليين كيوري افنيري وغيره، ومن هنا اجهظت وبشكل مبكر اطروحات حركة التحرر واطروحاتها وادبياتها واهدافها ومنطلقاتها ، ومع خفوت المد الثوري كان هناك سلوك السياسة والسياسيين اصبح طاغيا على التوجهات في داخل الاطر العسكرية فكانت اليات العمل العسكري وليس الثوري تحركات تحريكية وليست تحريرية" اقصد هنا تحرير التراب التاريخي وفلسطين كل فلسطين"
وتوالت محطات التنازلات وانتشرت البيروقراطية والسلوكيات التي تتعارض مع النهج الثوري على مستوى الفرد او الجماعة او المؤسسة، وخفت نور الثورة والثوار امام نرجسيات فردية واطماع فردية وغياب حب التضحية ، ومن المؤكد ان تلك الظواهر جعلت الثوريين في فتح يسجلوا انتقاداتهم لهذه المسلكيات الى مواجهات على صعيد الفرد او الجماعة مما عرض الثوريين والشرفاء لسيل من التشوية والابعاد والاقصاء الذي اخذ اشكال مختلفة.
حل الدولتين الذي خرج عن محددات الحل المرحلي ومفهومة في عيون الثوريين الفتحاويين، وما رافق هذا الخيار من دراماتيكا على الصعيد الذاتي والموضوعي، وكنتنة الاجهزة وظهور مراكز القوى والابوات والشخصنة كانت كل ظاهرة من تلك الظواهلر كفيلة بابعادنا ثوريا عن فتح وادبياتها وعندما اقول فتح لا تعني سوى ادبياتها ومبادئها ومنطلقاتها، ولا تعني اشخاص، والموز الثورية مطلوبة في حركات التحرر كجيفارا وجياب وماو وكاسترو وبن بيلا وجميلة ابو حريد ومانديلا وغاندي ولكن في اطار تحقيق الاستراتيجيات للشعوب واهدافها.
ربما كان بصمات واضحة للثوريين في فتح من ابو علي اياد وابو يوسف النجار وكمال عدوان وابو شرار وابو اياد والذين فقدنا اغلبهم في عمليات اغتيالات ممنهجة وما فقدناه في الصقر ونسر العاصفة ابو جهاد وبذكاءه المفرط وفي تمسكه بالخط الثوري الى اخر لحظات عمره والذي خانه ذكاءه وخسرته الثورة الفلسطينية بشكل عام.
ومن هنا نستطيع الاجابة من عدة تساؤلات
1- اين فتح من نظامها الاساسي وادبياتها..؟؟
2- ماذا حققت فتح على الصعيد الوطني وماذا لم تحقق..؟؟
3- ما هي فتح وما هي اوسلو ومن تبنى اوسلو وعلى اي قاعدة..؟
4- سياسيا ما هو برنامج فتح الحالي مقرونا بادبياتها ومبادئها..؟؟
5- من حقق الضرر للاخر فتح للسلطة ام السلطة لفتح؟؟؟
6- الى لاين تتجه التعبئة الثقافية في فتح الان..؟؟
7- هل قيادة فتح الحالية قادرة على جمع صفوف الحركة حتى تحت برنامج اوسلو ام لم تستطيع ولماذا..؟
8- هل تستطيع فتح السلطة تنفيذ برنامجها باعتراف بالخريطة الامنية الاسرائيلية تحت غطاء حل الدولتين ودولة الضفة وغزة وبدون غزة..؟؟
9- لماذا تستهدف قيادة فتح بمنطق جهوي كوادلا وقيادات فتح من غزة..؟
10- لماذا فتح همشت بل عطلت تنظيم الخارج..؟؟
11- لماذا فتح في خلال وجودها منذ انطلاقتها التي زمنها 50 عام لم تعقد مؤتمراتها العامة الا 6 مرات.. وهل هناك حركة ثورية لا تعقد مؤتمراتها وهي في حالة الفعل الثوري هذا الغياب وهذا الزمن ومنافي للنظام..؟
12- هل هناك حركة تحرر لا تحاسب الفاسدين فيها بل بالعكس يتبوء الكثير منهم لمراكز قيادية
13- لماذا القيادة لفتح اتبعت اسلوب الفصل والتشوية والحصار والاقصاء للقيادات والكوادر الشريفة والخروج عن النظام واتباع لغة سيادة النهج وتغليبه على المصلحة الحركية والوطنية..؟
اسئلة كثيرة يمكن ان تورد للاجابة على عنوان المقال، وللاسف كالعادة المتبعة في وضع المبررات لاي فشل او منعطف ناتج عن قصور قيادة فتح في وضع المعالجات تساق المبررات وتاحميل المسؤلية لضحية جديدة في حين ان التهاوي لم يكن وليد اليوم بل ينتقل من مرحلة الى اخرى على الصعيد السياسي والتنظيمي والامني والسلوكي، واخره ما حدث من انتكاسة كبرى لفتح في جامعة بير زيت فمنهم من حمل المسؤلية وبسذاجه لحسنوات اتت بهم حماس..... ومنهم وما هو محزن بالنسبة لي لافتقار هؤلاء مسيرة وتاريخ الحركة انه مجرد رفع صورة لدحلان وهنية اتت باحباطات للكادر الحركي..؟؟!!...وهل ذلك كان يعني ان تتحول اصواتهم لحماس وهنية.....؟؟!! اعجوبات بل عجائب تحدنا وخضنا في مقالات كثيرة حول هذا الموضوع ودحلان المطلوب تشويهه باستمرار، ولكن تساؤلاتي السابقة وما سردت قد تبين باختصار منهج ومنهجية الفساد ومنذ متى وليست في عصر محمد دحلان.... ففكرة الهجوم والتشويه تدور في نفس المحاور السابقة ... وتدخل في خضم المواجهة والمتتالية زمنية بين الاصلاحيين والتصحيحيين والثوريين مع قوى الفساد في داخل حركة فتح..
بقلم/ سميح خلف