منذ مؤتمر مدريد للسلام بالعام 91 ... وحتى اتفاقية اوسلو في سبتمبر من العام 93 والتي تم التوقيع عليها في باحة البيت الابيض ... لا زالت امريكا تمسك بمفاتيح رعايتها للتسوية السياسية في ظل مفهوم ادارة الصراع... وليس العمل على حل الصراع .
الفكر السياسي والاستراتيجي للولايات المتحدة يتطابق بمعظمه مع فكر واستراتيجية دولة الكيان ... والقائمتين على ادارة الصراع... وليس العمل على حل الصراع .
فما يزيد على عقدين من الزمن تأكد لكافة الاطراف ان الموقف الامريكي الاسرائيلي لا زال على حاله من التشدد ... وعدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ... وعدم الانصياع لإرادة المجتمع الدولي بأغلبيته المساندة والداعمة للقضية الفلسطينية .
الانحياز الامريكي ... وعدم مصداقية الدور ... اخرج لنا مفهوم الرباعية الدولية ... في محاولة لأخذنا الى مربعات سياسية للتخفيف من حدة المواقف المنددة بالموقف الامريكي وانحيازه الكامل مع دولة الكيان ... وعدم ممارسة أي ضغوط سياسية لأجل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ... والانحياز التام... ومنع تمرير أي قرار دولي يمكن ان يصدر عن مجلس الأمن الدولي ... مواقف امريكية واضحة وصريحة ومنحازة ... اوجدت أهمية الرباعية الدولية للتخفيف عن امريكا... ومحاولة ارضاء العرب ... كما محاولة تعزيز الامال و احتمالية التقدم بالتسوية السياسية .
امريكا وروسيا الاتحادية والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة اعضاء تلك الرباعية... واذا ما استثنينا روسيا الاتحادية فان الرباعية لا تخرج عن اطار الموقف الامريكي الاسرائيلي ... وحتى امريكا لا تخرج عن اطار الرباعية ... من هنا فالموقف النهائي ادارة الصراع ... وعلى احسن تقدير دولة ليست بحدود الرابع من حزيران 67 .
من هنا جاء موقف وبيان الرباعية والذي لم يشير الى مناهضة الاستيطان وعدم شرعيته ... كما لا يشير الى الدولة الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 ... وبالتالي فالبيان فقد مضمونه ... كما فقد اساسيات التسوية ... كما فقدت الرباعية اساس دورها المناط بها ... من هنا فالرباعية اصبحت تحصيل حاصل للموقف الامريكي الاسرائيلي ... وهذا ما يضع عربة التسوية امام حائط وسد منيع لا يمكن اختراقه والمرور عنه .
نحن امام النتيجة الواحدة... نتيجة مواقف الرباعية كما المواقف الامريكية ... لنجد انفسنا امام خيارين ... الأول ان نصًر على تدويل القضية والصراع ... وان نعمل على ايجاد المخرج الدولي الذي يمكن من خلاله احداث الاختراق السياسي الدولي في هذا السد والمانع الامريكي لاسقاطه ... كما اسقاط رعاية الرباعية ... اما الخيار الثاني ان نغلق ملف التسوية وان نعود للامم المتحدة ومؤسساتها وان نعلن للعالم بأسره اننا دولة محتلة ... وشعب محتل وعلى المجتمع الدولي ان ينفذ ارادته وشرعيته الدولية .
الخيارين واردين ... بل محتملين وقابلين للتنفيذ ... حتى في ظل النتيجة المغايرة التي اوصلتنا اياها الية الرباعية الدولية ... كما الية الولايات المتحدة ... وهذا الزمن المفتوح الذي استمر اكثر من عقدين ... ولا زالت الأمور تزداد سوءا وتعقيدا ... ولا زال الاستيطان يزدادا ويتوسع ... والتهويد يستمر والتدنيس والتهديد للمقدسات لا يتوقف ... كما لا زال القتل والحرق ... الاعتداء والحصار مستمرا ويزداد ضراوة وشراسة .
ما يجري على ساحة المشهد السياسي الدولي وحتى مع الجهد الفرنسي وما يجري من استعدادات عقد المؤتمر الدولي ... لا زالت التحديات تتعاظم... والاحتمالات تضعف ... لأسباب ذات علاقة بمضمون الموقف الاسرائيلي المستمر بتعنته وجنوحه نحو اليمين والتطرف ... كما الموقف الامريكي وانحيازه التام ... كما معادلة السياسة الدولية التي لا زالت تتارجح لجهة امريكا وحلفائها ... والاخطر نحن اصحاب القضية لا زلنا على حالنا من الانقسام والتشتت ... كما لا زلنا على ثقافة الشماتة بفشل الجهود ... كما لا زال البعض منا يبني وهم مكاسبه... على فشل النتائج .
الخطر الداهم علينا في ظل اولويات دولية ذات علاقة بالأزمات الاقتصادية والمالية كما علاقتها باعادة توطين الشعوب ... والعلاقة الاهم والاولوية التي تتصدر المشهد... هذا الارهاب الاسود الذي لا زال يقتل ويدمر ... ويتحرك برجاله وعتاده وامواله ولا زال يهدد الشعوب والعواصم ... امام هذا المشهد العالمي المحاط بالمخاطر والتهديدات وما يحكم العالم من مصالح ... نجد انفسنا امام خيار واحد ووحيد اما ان نتوافق ونتحد حول خيارنا المعتمد الذي نخاطب به العالم وحتى يتم احترامنا والالتزام بحقوقنا... واما ان نبقي على حالنا وما نعيشه من ظروف بائسة اضرت بقضيتنا وجعلتها القضية الاخيرة في هذا العالم وحتى في هذا التاريخ الحديث ... حيث لم يتبقى شعب دون حرية ولم نشهد دولة وشعب لا زال تحت الاحتلال ... وهذا ما يدلل على ان هناك شئ ما من الخلل قد اصابنا ... وشئ من غياب العدالة قد اصاب المجتمع الدولي ... كما شئ من ازمة الضمير الانساني ان يبقى شعب مشتت ومهجًر ومحتل... في ظل هذا الزمن .
بقلم/ وفيق زنداح