ذكاء حماس .. استدعاء فتح لحكم بلديات غزة!

بقلم: أكرم عطا الله

قرار حركة حماس بالمشاركة في الانتخابات البلدية كان قراراً مفاجئاً أحدث حالة من الجدل في الغرف المغلقة لدى متابعي السياسة وصناع القرار،  فلقد جرت الانتخابات البلدية قبل أربع سنوات ورفضت حركة حماس اجراءها بشدة في قطاع غزة فما الذي تغير حتى توافق الحركة دون مفاوضات حتى؟

البعض اعتبر أن هذا نوع من المناورة حتى لا تظهر أمام الرأي العام بمظهر من يعطل اجراء الانتخابات ثم يجري ابطالها خاصة أن التربة خصبة جداً لافشال أي شيء ولكن الأمر غير ذلك على الاطلاق،  فحركة حماس هذه المرة صادقة في تقديم كل التسهيلات اللازمة لضمان نجاحها ولكن في المسألة ما هو أبعد من المشاركة في الانتخابات.

مشاركة حركة حماس بانتخابات البلدية يبدو أنها جاءت بهدف عدم المشاركة في حكم البلديات، أي بمعنى التراجع عن عبء أصبح جزء من هموم الحكم بقطاع غزة،  فقد كانت احدى السيناريوهات التي جرى الحديث عنها منذ سنوات وهي تسليم ادارة غزة لشخصيات مستقلة عندما شعرت الحركة بضغط الحكم، لكن ذلك لم يتحقق لذا فان هذه الانتخابات هي الفرصة التي توفرت للحركة للتخلص من جزء من أعبائها واستدعاء آخرين للمشاركة معها وهو ما أرادته خلال السنوات الماضية.

لذا لا أعتقد أن حركة حماس ستقدم قوائم خاصة بها للانتخابات البلدية حتى لا تعود لتتأبط هذه البلديات مرة أخرى فهي بصدد تحميلها لطرف آخر، أو بمعنى مختلف استدعاء آخرين قادرين على تحصيل الأموال لإنقاذ هذه البلديات وقد يصل الأمر بالمساعدة بتفويز حركة فتح في هذه الانتخابات وارغامها على المشاركة في تحمل العبء القائم.

لذا فإن فوز حركة فتح يبدو شبه محقق في بلديات القطاع، ولن تدعم حركة حماس أية قوى أخرى كاليسار أو الجهاد الاسلامي ان حسم أمره بالترشح لأن كلاهما سيستكمل الحصار، لكن حركة حماس هذه المرة إما أن تساهم في تعزيز فتح أو شخصيات لها علاقات خارجية ودولية قادرة على تحصيل الأموال.

وبكل الظروف بالنسبة لحركة حماس حين تفوز فتح ان استمرت الخدمة السيئة كما يحصل بسبب استمرار الحصار تكون قد ابتعدت عن المسئولية عن الاتهامات وبتحميل المسئولية لغيرها بل بامكانها أن تقدم نموذج فاشل من حكم فتح التي بات جيل جديد يتوق للعودة لحكمها،  لكن ان تمكنت البلديات من تحقيق انجازات واحداث اختراقة في هذا الحصار ففي ذلك فائدة للحركة ولا يمس كثيراً حكمها في القطاع بل يحسب لها كثير من الانجازات حينها.

لقد وضعت حركة حماس حركة فتح أمام خيارات صعبة،  اما أن تفوز وتشارك في عبء القطاع المحاصر وتتحمل الى جانبها جزء من الأزمة وإما أن تتهرب من الانتخابات أو تقرر الهروب والخسارة بارادتها كما حركة حماس، وهنا أعترف أن هذا قرار في غاية الذكاء اتخذته حركة حماس ويعكس قدر من الحنكة السياسية لدى الحركة مختلفاً عن قرارات سابقة بالاستيلاء على كل شيء وان كان في ذلك خسارة لها وللشعب .

هو قرار ذكي و فيه ما يكفي من النضوج الذي يحمل قدر من ادراك أهمية المشاركة،  صحيح أنه قرار ناتج عن أزمة ولدَها الحصار لكنه يصلح كدرس لجميع الأحزاب لاعادة النظر في كثير من مفاهيمها القديمة القائمة على عدم الشراكة.

في غالب الأحيان كانت حركة فتح صاحبة الخبرة تدفع حركة حماس الى أين تريد بدهاء، لكن هذه المرة فإن الأخيرة تستدعي حركة فتح رغماً عنها الى أين تريد وهذا تطور هام في فهم حماس للعبة السياسة،  لقد حاولت حماس استدعاء السلطة للمساهمة بدور في غزة لكن الأخيرة ترفض ذلك تحت حكم حماس هذه المرة تستدرجها حماس ولا تترك لها خيار .. كل احترام فالسياسة بحاجة الى دهاء.

بقلم/ أكرم عطاالله