قتح ايقونة مهمة من ايقونات العمل الوطني بل هي تصدرت تلك الايقونات على مدار 50 عام ومنذ انطلاقتها ، كانت فتح دائما تبحث عن ذاتها ومنذ انطلاقتها ولان تلك الذات لا تنفصل عن الذات الفلسطيني بكل ظواهره ومظاهره، فتح هي تلك الحركة الجامعة التي تحتوى بداخلها ديمومات فكرية مختلفة بايديولوجياتها ونظرياتها والتي ارادت منها فتح بادبياتها ان تلتقي على الفكرة وعلى الهدف ، فلا مجال للتناقضات او الصراعات المبكرة فيما بينها ما دامت الارض لم تحرر ولم تقام الدولة الفلسطينية ومازال المشروع الصهيوني ضاغطا ومتواجدا على انفاس الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينية .
البحث عن ذات رحلة طويلة وطال امدها في واقع اقليمي متغير وواقع دولي متغير وفي واقع ذاتي لم يحسن استغلال المتغيرات لصالحه بل بحثت فتح عن ذاتها في ظل دوامات داخلية تتحكم في سرعتها واتجاهاتها وشدتها ا""لقادة التاريخيون ""، ومن هنا كان من الصعب ان يخرج الاتفاق المرحلي بين قادتها بمنظور استراتيجي دائم لفعلها ولحركتها وتوجهاتها واهدافها وان يحدث منسوب مستقر لاستقراريتها وفي اتجاه تحقيق اهدافها ومنطلقاتها ومبادئها والتي اتت متطابقة مع الميثاق الوطني الفلسطيني الذي اقره المؤتمر الوطني الفلسطيني كأساس للعمل الوطني النضالي للشعب الفلسطيني.
بلا شك ان كافة المنعطفات واسبابها وتداعياتها قد اثرت على الخط العام الحركي سواء على الجانب السياسي او الامني او على جانب مستوجبات الموقف التحرري الثوري في علاقتها مع الجماهير الفلسطينية والعربية ، والصدمة الصادمة ان فتح تسمى ام الجماهير وتسمى الحاضنة للحاضنة الشعبية الغير منفصلة التعريف والتبادلية .
فتح بحثت عن ذاتها من خلال الفكر والسلوك الاصلاحي في داخلها وعبر مسيرتها وامام تحديات داخلية وخارجية متشابكة الاهداف والمرامي ، ومع غياب السلوك الثوري والنضالي ومع غياب البرامج الواضحة في مواجهة التقدم الهائل للمشروع الصهيوني ، فتح حملت على عاتقها ومنذ انطلاقتها الفكر الثوري فكرا وسلوكا وممارسة لهزيمة المشروع الصهيوني ، وكان هذا التحدي الاكبر لها بين النجاح والفشل .
ثمة ظواهر مدمرة في مسيرة البحث عن الذات بدأت تدب في الفكرة الترابطية بين اعضائها ومؤسسيها والتي كان لها انعكاساتها على القاعدة وقوى وسطية الهرم الحركي ، بداية تلك الظواهر ماقام به العدو من تصفيات واغتيالات ممنهجة لها انعكاساتها على الفكر والسلوك والبرنامج الحركي ، وتفتت الكيانية الحركية في بينيتها للبحث عن حاضنات شخصية وولاءات مما افرزت تلك الظواهر حالات الاستزلام والمنفعية والفئوية الجغرافية التي طمحت منذ عقود للاستيلاء على القرار الحركي والوطني باحتكارها الموقع الريادي في المؤسسة الحركية محطمين النظام والادبيات والسلوكيات الوطنية .
دخلت فتح في دهاليز المشاريع الدولية والاقليمية والتي ادت الى ضعفها وضعف خطابها على المستوى الوطني والقومي بدأ من النقاط العشر والحل المرحلي الذي تم القفز عنه في مبادرات وقفزات في الهواء غير محسوبة وغير دقيقة لما سيؤول اليه المشروع الحركي وهو المشروع الوطني في حد ذاته.
مع دوامية الحراك الداخلي وافرازاته والذي تغلبت فيه لغة الانا والنهج الواحد على ديمومة الفعل الحركي الداخلي والتاريخي ظهرت من جديد وفي مرحلة من اهم المراحل التي تواجه فتح والحركة الوطنية على صعيد التيارات والقوى الداخلية وتصنيفاتها او على صعيد القوى الاخرى، مما حتم وجود ميكانيزمات الرؤية الحركية الاصلاحية في داخلها سواء على مستوى القيادة وراس الهرم الحركي او على مستوى القاعدة والتي اصطدمت في اطروحاتها البناءة والمرتكزة على النظام الداخلي وفي مواجهة ازمة القرار وعناصره وتوجهاته اصطدمت تلك مع نرجسيات ودكتاتوريات في القرار والبرنامج ومع ظواهر من المحسوبيات والجهويات الجغرافية مما اثرت على البناء الداخلي ومفهوم الشرعيات الحركية ونوعيتها وتوجهاتها التي وصلت فيه حركة فتح في مسيرة البحث عن الذات الى طريق مسدود في مواجهة المشروع الصهيوني او مواجهة المعضلات المجتمعية الثقافية منها والامنية .
ان الفكر الاصلاحي في فتح هو ضرورة حتمية للحفاظ على الذات الحركية والوطنية وهو صلب صناعة امتغير الايجابي بعد الانجرافات التي احدثها نهج بعينه وفي تغييب لاصول التجربة ومنظومتها في داخل الحركة ، ولمعطيات قاسية المعالم من انقسامات حادة وتسطيح للبناء الوطني والمجتمعي والثقافي .
من المهم ان يستند التيار الاصلاحي في فتح لعصب المفهوم الفتحاوي الادبي والاخلاقي والوطني المتجذر عبر التجربة الطويلة وهو امتداد لعمل دؤوب ومتصل عبر تاريخها ، ولذلك حركة فتح دائمة البحث عن ذاتها في ظل رمال متحركة على المستوى الذاتي والاقليمي والدولي ، ولذلك تستمر ديمومتها حتى تحقيق الذات الوطني على ارض فلسطين فهو مشروعها الاصيل وعبر اجيالها المتتابعة وتجربتها المستمرة .
بقلم/ سميح خلف