خبراء ومختصون يدعون لإجراء تعديلات للتخلص من تبعية الاقتصاد الإسرائيلي

خبراء ومختصون يدعون لإجراء تعديلات للتخلص من تبعية الاقتصاد الإسرائيلي ورفع القيود عن المعابر

غزة:

طالب خبراء اقتصاديون بوقف العمل في اتفاقية باريس الاقتصادية أوعلى الأقل إجراء تعديلات عليها، كخطوة ضرورية لمعاجلة الواقع الاقتصادي المتردي، بما يكفل توفر بيئة اقتصادية جديدة تتسم بفتح الحدود ورفع القيود.
وأجمعوا على ضرورة إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق السياسي والمرحلي والانتقال لمرحلة جديدة تنهي المرحلة الانتقالية المستمرة،وصولاً لاتفاق جديد يضمن التكافؤ في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية.
ودعوا السلطة الوطنية إلى وضع ترتيبات جديدة تنهي تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي،وهي الحالة التي نجمت عن اتفاقية باريس الاقتصادية والتي خلقت ترتيبات أضرت بالاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير.
كما اقترحوا إثارة الاتفاقية الاقتصادية وفق القانون الدولي لاسيما وأن دولة فلسطين انضمت لمنظمة التجارة العالمية، وعمل إصلاحات شاملة في مؤسسات السلطة فضلاً عن ضرورة تعزيز المقاطعة الإسرائيلية وإقامة مناطق صناعية حرة.
جاءت هذه التوصيات ضمن مداخلات مجموعة من الخبراء الاقتصاديين الذين تحدثوا في جلسة حوارية بعنوان "بروتوكول باريس الاقتصادية وانعكاساته على الواقع الزراعي والاقتصادي الفلسطينية"، نظمها المركز العربي للتطوير الزراعي في قاعة "مارنا هاوس" بغزة، اليوم الأربعاء ضمن مشروع "نحو شبكة محلية لدعم حقوق المزارعين" الممول من المساعدات الشعبية النرويجية.
وشدد المتحدثون في اللقاء على ضرورة أن يتم تفعيل البنود التي تتيح للسلطة الوطنية توريد بضائع واحتياجات اقتصادية من خارج إسرائيل كالوقود مثلاً، محذرين من مخاطر تجنب ذلك لاعتبارات لها علاقة بالاحتكارات والفساد المالي.
وتحدث في الجلسة الحوارية كل من محسن أبو رمضان مدير المركز العربي للتطوير الزراعي، و سمير أبو مدلله المحاضر في كلية الاقتصاد في جامعة الأزهر، ومحمد العزايزة خبير اقتصادي وناشط حقوقي، بحضور العشرات من المهتمين والخبراء في مجال الاقتصاد ورؤساء جمعيات ومؤسسات أهلية.
وبدأت الجلسة بمداخلة قدمتها عبير أبو شاويش" منسقة مشروع "نحو شبكة محلية لدعم حقوق المزارعين" تحدثت فيها عن الواقع الزراعي والاقتصادي بشكل عام في قطاع غزة، مشيرة إلى جملة الخسائر والأضرار التي يتعرض لها القطاعين الزراعي والاقتصادي بسبب القيود الإسرائيلية على المعابر والحدود، وإجراءات مترتبة على بروتوكول باريس الاقتصادي.
وقدم أبو رمضان مداخلة، استعرض فيها تفاصيل الاتفاقية التي تم توقيعها في العام 1994 لتكون كفترة انتقالية تنتهي بانتهاء الفترة الانتقالية لاتفاق أوسلو، لكن إسرائيل وضعت ترتيبات سياسية شكلت كانتهاكات للاتفاقيتين وامتدت حتى الوقت الراهن.
وقال في سياق قراءة نقدية: "رغم السلبيات التي رافقت الاتفاقية إلا أنها أكدت على الوحدة الجغرافية الفلسطينية في الضفة وغزة وشرق القدس، لكن إسرائيل واصلت سيطرتها على الموارد الفلسطينية في الأغوار ومصادر المياه والاستيطان بما قوض حل الدولتين."
وأضاف، نص البند الثاني من الاتفاقية على تشكيل لجنة مشتركة فلسطينية وإسرائيلية لمراجعة الاتفاقية كل فترة، لكنه لم يتم تفعيل عمل هذه اللجنة سوى سبع مرات قبل العام 2000 ومرتين بعد ذلك التاريخ دون إحداث أي مراجعة تقييم عملية لهذه الاتفاقية.
وأوضح أبو رمضان أن الاتفاقية عالجت نظرياً، التجارة الحرة واستخدام المعابر بصورة حرة، لكن إسرائيل فرضت قيود على حرية الحركة والقطاع الخاص بالضريبة وأموال المقاصة ما عزز تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي وجعلتهما ضمن غلاف جمركي موحد، مما أضر بالاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير.
وأكد أن اتفاقية باريس ومجموعة الانتهاكات الإسرائيلية التي رافقتها خلقت اختلال في الميزان الاقتصادي بين الأراضي الفلسطينية ودولة الاحتلال.
علاقة اقتصادية غير متكافئة
من جانبه قدم أبو مدللة مداخلة تحدث فيها حول اتفاقية باريس الاقتصادية التي اعتبرها أنها كرست تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي وعملت على زيادة الاعتماد عليه وترسيخ حالة من الإدماج بينهما، ونشوء علاقة تجارية واقتصادية غير متكافئة، مشيراً إلى أن الاتفاق عمل على إضعاف الدور الاقتصادي لقطاع الزراعة وقلل من مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
وقال،أن الاتفاق تسبب في تراجع مساهمة قطاع الزراعة في الاقتصاد مما ساهم في تركز النشاط الاقتصادي في قطاع الخدمات والإنشاءات على حساب القطاعات الإنتاجية، فضلاً عن سيطرة الاحتلال على أراضي المناطق المُسماه بـ"ج" وفق اتفاق أوسلو وحرمان قطاع الزراعة من استغلالها.
ورأىأبو مدللة أن حرية التبادل للمنتجات الزراعية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي دون ضرائب أو جمارك تسببت بتقييد السلطة على حماية أسواقها ومنتجاتها الزراعية، الأمر الذي أدى إلى مشكلة العجز التجاري مع إسرائيل وحرمان السوق الفلسطينية من فرص التكافؤ.
واعتبر أن وجود غلاف جمركي موحد مع إسرائيل عمل على رفع أسعار المنتجات في السوق الفلسطينية والتزام الجانب الفلسطيني باستخدام نفس مستويات الضرائب غير المباشرة مع هامش بسيط للتغير،ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
حرية الحركة على المعابر
من جانبه قدم العزايزة مداخلة تحدث فيها حول العراقيل أمام حرية الحركة على المعابر المحيطة بقطاع غزة والتي أثرت بشكل كبير على خروج ودخول المنتجات الزراعية الفلسطينية، موضحاً أن قبل العام 2007 تراوحت نسبة تصدير المنتجات الزراعية من قطاع غزة إلى الخارج بين %10 إلى 30%.
وأضاف، أنه بعد العام 2007 تم تشديد القيود التي فرضتها سلطات الاحتلال على حرية نقل المنتجات والبضائع كما تم وقف تسويق المنتجات الزراعية من غزة إلى الضفة الغربية باستثناء بعض الفترات التي تزامنت مع بعض مواسم زراعة التوت الأرضي وبعض المنتجات الزراعية التصديرية.
وأوضح أن إسرائيل سمحت بتسويق كميات محدودة من هذه المنتجات بعد العام 2014 وفقاً لشروط محددة، مشيراً إلى أن سياسة المنع والسماح يضعها ما سماه بـ"لوبي زراعي إسرائيلي" يتلائم مع حماية مصالح المزارعين الإسرائيليين، وفق قوله.
وأشار العزايزة إلى استمرار إسرائيل سحب تصاريح لنحو 1900تاجر فلسطيني منهم يعملون في مجال الزراعة موضحاً أن فلسفة سلطات الاحتلال في فرض شروط المنع والسماح تخضع أيضاً لاعتبارات سياسية بحتة، وليس كما تروج إسرائيل لاعتبارات أمنية.
واعتبر أن كافة القيود التي تضعها إسرائيل تستند بدرجة كبيرة لاتفاق باريس الاقتصادي التي عقدت بشكل كبير إجراءات المعابر، داعياً وفي إطار إيجاد الحلول والمقترحات لمواجهة هذه القيود إلى تشكيل "لوبي فلسطيني" مشكل من المؤسسات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني لتكون داعم للمزارعين والقطاع الزراعي بشكل عام.
وفي سياق ورشة العمل قدم عدد من المشاركين مداخلات منفردة أجمعوا خلالها على ضرورة إيجاد مقترحات عملية لمواجهة حالة الضغط الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام وقطاع الزراعة بشكل خاص، وخلق بدائل وتعديلات على اتفاقية باريس الاقتصادية.

 

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -