جاء في بيان البيت الابيض أن الاستيطان ليس عائقاً في طريق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكنه ليس مفيداً في الوقت الراهن، ولاقى هذا البيان ارتياحاً كبيراً لدي دولة الاحتلال واعتبره مسؤولون اسرائيليون ضوءً أخضراً لمواصلة الحرب الاستيطانية، وبالتأكيد إن هذا البيان هو ضوء أخضر وتصريح مفتوح يمنح دولة الاحتلال الاستمرار في توسعها الاستيطاني داخل الاراضي الفلسطينية، ويسبق هذا البيان الزيارة التي سيقوم بها نتنياهو للولايات المتحدة الامريكية لتضع محددات وبرنامج هذه الزيارة، والتي سيتم خلالها رسم ملامح المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط وعلى وجه التحديد في فلسطين، وحدود العلاقة بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، لاسيما أن محاور اللقاء الامريكي الاسرائيلي قد اتضحت سلفاً، وتمثلت بمواقف نتنياهو التي أطلقها وهي الاستمرار بالحرب الاستيطانية ووضع شروط لعودة المفاوضات وبقاء ملف عملية السلام بيد الادارة الامريكية، وأيضاً تصريحات ترامب التي أعرب فيها أنه سيدعم اسرائيل وسيقف بجانبها وهدد بوقف الدعم المالي عن السلطة الفلسطينية وهذا ما تم بالفعل حين أوقف قرار الرئيس السابق أوباما بعد توقيعه على قرار بتحويل 221 مليون دولار للسلطة الفلسطينية.
بيان البيت الأبيض لم يأتي بجديد يعطى بارقة أمل لدي القيادة الفلسطينية بأنه قد يحصل تغير ايجابي بمواقف ترامب تجاه الفلسطينيين، ولكنه يعتبر اشارة لإسرائيل بأن لا تتهور في حرب الاستيطان دون الرجوع أو التنسيق مع الادارة الامريكية الأم، وهنا لا أتفق مع بعض تصريحات المسؤولين الفلسطينيين الذي رحبوا بهذا البيان واعتبروه خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح، عن أي اتجاه صحيح يتحدثون ونحن علمنا واستوضحت لنا مواقف ترامب تجاه القضية الفلسطينية الذي وعد بنقل سفارة بلاده إلى القدس في تحد واستخفاف بمشاعر الشعب الفلسطيني والمسلمين، لقد تناست امريكا واسرائيل أن الاستيطان بكافة أشكاله مخالفة للقانون الدولي.
إن بيان البيت الأبيض جاء للالتفاف على قرار مجلس الأمن رقم 2334 والتقليل من أهميته وامتصاص غضب المجتمع الدولي للحيلولة دون اتخاذ أي قرارات ضد اسرائيل، وكبح جناح الحراك الدبلوماسي الفلسطيني الذي نشط في الآونة الاخيرة لحشد الدعم الدولي لصالح القضية الفلسطينية التي بدأت بالعودة للمحافل الدولية منذ مؤتمر باريس، وهنا لابد من مضاعفة وتكثيف الحراك الدبلوماسي الفلسطيني وخاصة في الدول المؤثرة في رسم سياسات العالم والتي تربطها علاقات حسنة مع الفلسطينيين والاسرائيليين، وأصحاب حق النقض الفيتو في مجلس الأمن، والبدء بخطوات عملية كالانضمام لباقي المؤسسات الدولية وخاطبة الإدارة الامريكية لتحديد موقفها الرسمي تجاه الممارسات الاسرائيلية وعملية السلام بين الطرفين، وهذا الحراك الدبلوماسي يجب أن لا يبقى فلسطينياً فقط، فقد حان الوقت لأن تمارس الدول العربية دورها العربي والمسؤول تجاه القضية الفلسطينية وتنتفض من غبار ما يسمى بالربيع العربي.
وأخيراً يبقى بيان البيت الأبيض حبراً على ورق ما لم يصدر بياناً واضحاً وقوياً يطالب دولة الاحتلال بوقف الاستيطان بكافة أشكاله.
بقلم: أحمد يونس شاهين
أمين سر الشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام
[email protected]