مراقب الدولة: الجيش والمجلس الوزاري فشلا بالتعامل مع الأنفاق


أوصي مراقب الدولة في إسرائيل، القاضي المتقاعد يوسف شابيرا، بأن تُستخلص العبر من تقريره حول "الأعطاب" التي كشف عنها في عملية اتخاذ القرارات حول التعامل مع خطر الأنفاق من قطاع غزة، وذلك بغية "الاستعداد بطريقة أفضل لمواجهة التهديدات القائمة والتهديدات المتنامية والاستعداد للمواجهة العسكرية التي قد تندلع ربما دون سابق إنذار" على حد قوله.
وكشف التقرير الذي تناول مسألة التعامل على المستوى السياسي والأمني مع تهديد أنفاق المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على وجه التحديد، عن فشل يتلو فشل فيما يخص التعامل مع هذا الخطر على محمل الجد.
فبحسب مراقب الدولة، لم يعقد المجلس الوزاري الأمني – السياسي المصغّر (الكابينت) أي جلسة لوضع أهداف استراتيجية بالنسبة لقطاع غزة منذ تشكيل الحكومة الـ33 وطيلة ما يقارب السنة. معتبرا أن " مناقشة تحديد أهداف المستوى السياسي واستراتيجيته بالنسبة لقطاع غزة بعد المصادقة على الخطط العملية يُشكل خللاً لكونه مُنحرف عن النظام الصحيح لمسار اتخاذ القرارات في مثل هذه المسائل". وأوضح أن المسار السليم لاتخاذ القرارات هو تلقي معلومات من كافة الأذرع الأمنية وتحليلها ومباحثاتها قبيل اتخاذ القرارات، مشيرا الى ضرورة مراجعة بدائل أيضا.
ويشير مراقب الدولة الى أن التحقيق الذي أجراه لم يتعرض لجودة القرارات أو لإدارة العملية بالتفصيل، إنما تمحور في كيفية اتخاذ القرارات.
كما يتضح من التقرير الذي ينشر اليوم الثلاثاء في نهاية شباط/ فبراير 2017، أي بعد نحو ثلاثة أعوام على الحرب على قطاع غزة، أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن قبل خوض الحرب تدمير كافة الأنفاق الهجومية التي حفرتها حركة حماس في القطاع والمؤدية الى الأراضي الإسرائيلية، بل دمّر 15 من أصل 30 فقط.
وفي رده على هذه المستجدات كان قد قال رئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس في آذار/ مارس 2015، بعد نحو نصف سنة على العملية "بنفس الظروف التي كان بالإمكان بدء عملية عسكرية ضد الأنفاق في 7/7/2014، بالإمكان اليوم إطلاق عملية مشابهة، لأن التهديد لا يزال قائما".
وأوضح شابيرا في تقريره أنه هناك فجوات استخباراتية كبيرة، حيث أن المجلس الوزاري لم يحصل على كامل المعلومات الضرورية لتوضيح التهديد الأمني الذي تمثله الأنفاق، على الرغم من توفر تلك المعلومات تحت تصرف رئيس الحكومة ووزير الجيش السابق ورئيس الأركان ورؤساء أجهزة المخابرات.

وتطرق في تقريره لجلسة عقدت قبل نحو شهر من إطلاق العملية العسكرية، في 30 حزيران/ يونيو 2014، وكذلك في الجلسة التي تلت في مطلع شهر تموز/ يوليو 2014، وعندما تم التطرق للموضوع " لم يُبد وزراء الكابينيت (المجلس الوزاري المصغّر) اهتماماً بالموضوع ولم يطلبوا الحصول على معلومات أوسع بخصوص ذلك التهديد ولم يطلبوا من الجيش أن يعرض عليهم استعداداته وتدابيره للتعاطي مع هذا التهديد"! كما جاء في التقرير.

ويشير التقرير الى أنه هناك فجوات استخباراتية بين أجهزة الاستخبارات المختلفة، بالأخص الاستخبارات العسكرية (أمان) وجهاز الأمن العام (الشاباك) وجهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، والتي فشلت ليس فقط في التنسيق فيما بينها استخباراتيا، بل ايضا في تجهيز خرائط لأهداف محتملة وللأنفاق. بل ويذهب أبعد من ذلك حد قول إن الموساد لم يعرض بدائل للتعامل مع خطر الأنفاق الهجومية والدفاعية منها.
قصور في سيرورة اتخاذ القرارات داخل المجلس الوزاري

واعتبر المراقب أن "القصور الذي تم اكتشافه في سيرورة اتخاذ القرارات في الكابينيت، كما ورد تفصيلاً في التقرير، يشير إلى لزوم ترسيخ صلاحيات ووظائف الكابينيت، بما فيه نوع المعلومات التي يتعين تسليمها للكابينيت والمواضيع التي يتعين عليه البت فيها وحسمها والحالات التي تستوجب اجتماعه أو موافاته بالمستجدات"! وأشاد بدور مجلس الأمن القومي الذي أسسه نتنياهو برئاسة اللواء المتقاعد يعكوف عميدرور، مشيرا الى أنه يتوجب على رئيس الحكومة تحسين مسارات العمل في مجلس الأمن القومي وتحسين التعاون مع هيئات أمنية أخرى.

أما فيما يخص تعامل الجيش الإسرائيلي مع خطر الانفاق، يرى شابيرا في تقريره أنه كان قد نوّه الى خطر الأنفاق بناء على معلومات عسكرية منذ العام 2007، والذي تطرق لخطر الأنفاق عندما كان الجيش الإسرائيلي محتلا لقطاع غزة وتحديدا في السنوات 2001-2004، مشيرا الى أن الوضع الذي كان قائماً حينها كان بمثابة "فشل متواصل في معالجة مشكلة الأنفاق"!

وبيّن التقرير أنه في العام 2013 تم اعلان تهديد الأنفاق كتهديد استراتيجي، مشيرا الى أنه " هناك نواقص في جميع مركبات تعامل الجيش والجهاز الأمني مع ذلك التهديد في المجالات التي تمت مراجعتها، ولم يتم بذل جهود كافية بخصوص التهديد، وحتى حين تم بذل جهود في هذا الاتجاه فقد كانت تلك جهود متأخرة ولم تف بالحاجة التي لربما كان بالإمكان تحقيقها قبل عملية "الجرف الصامد" لو تم بذل جهود مبكرة".

أما بما يخص الاستعدادات التي سبقت العملية العسكرية التي خاضتها إسرائيل في قطاع غزة عام 2014، وحملت اسم "الجرف الصامد" (تسوك ايتان)، فأشار المراقب الى أنه تم التعامل بجدية أكبر مع تهديد الأنفاق فقط في نهاية عام 2013 وبعد أن اكتُشفت في الأراضي الإسرائيلية خلال سنة واحدة ثلاثة أنفاق عابرة من قطاع غزة. مشيرا الى أنه تم إعداد خطة الدفاع الأمامي في اللحظة الأخيرة، وبفضل "شجاعة وإصرار وعزم القادة والجنود بات الجيش قادراً على القتال في محيط الأنفاق في قطاع غزة".

وأوضح أنه خلال الفترة التي سبقت العملية لم يتم تدعيم وتعزيز المنشآت الأمنية في بلدات حيط قطاع غزة، كما يتوجب. ولذلك "على الجهاز الأمني استخلاص العبر من الادارة غير السليمة والعيوب التي سبقت عملية "تسوك إيتان".
الجيش عزز جهوده لتطوير حلول تكنولوجية للتعامل مع الأنفاق بعد 2010

اما في الجانب التكنولوجي فتحدث تقرير مراقب الدولة عن تعامل هيئات البحث والتطوير في الجيش الإسرائيلي برؤية محدودة وأفق ضيق مع تهديد الأنفاق حتى العام 2010، وفقط بعد فشل المنظومة التي اختبرت في 2010، بدأ العمل بجد لتوفير حل أوسع وأعمق.

وأشار التقرير بإيجاب إلى "التحسُّن الذي طرأ في البحث والتطوير بعد عملية الجرف الصامد في كل ما يتعلق بتطوير قدرات مناسبة لاستخدامها في الحالات العادية وفي حالات الطوارئ".

وخلص تقرير مراقب الدولة الى أنه يتعيّن على الأطراف المختصة أن "تتعلم وتستخلص العبر من سيرورة اتخاذ القرارات في تلك المجالات التي سبقت علمية الجرف الصامد"، مشيرا الى ضرورة معالجة هذه المسائل على "مستوى هيئة الأركان العامة وكذلك على مستوى وزارة الجيش لأجل مواصلة تحسين التعامل مع تهديد الأنفاق"!

المصدر: القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء -