أحدث تقرير مراقب دولة الاحتلال الإسرائيلي حول العدوان على غزة عام ٢٠١٤، زلزالا سياسيا في كبير على الساحة السياسية الإسرائيلية، وفي المقابل اوجد فرحا ونصرا كبيرا في المعسكر الفلسطيني .
في إسرائيل بدأت التصفيات والمحاسبات السياسية تتعالى، وأخذت منحنى بمطالبة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للمثول أمام لجنة مسائلة يمكن أن تطيح به خارج الحكومة، خاصة أن التقرير هاجم بشدة المنظومة العسكرية والأمنية والمستوى السياسي .
التقرير يوضح مدى فشل المستويات الأمنية والسياسية، أمام المقاومة الفلسطينية وخاصة فيما يتعلق "بالأنفاق"، وعدم مقدرتها على قراءة صحيحة للأوضاع في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة، ونلمس ذلك من خلال ما قاله
أمنون ابراموبيتش المحلل في القناة العبرية 2 وذلك وفق ما رصده تقرير "وكالة قدس نت للأنباء": "بأنه منذ اليوم الأول لإقامة الحكومة لم يجري نقاش واحد على احتمال انفجار غزة، لم يفهموا أن الضغط على حماس سيولد حرب .
وأضاف امنون؛ لو كان نتنياهو وقت حرب الغفران لكان عليه هو ومن معه أن ينهو حياتهم السياسية .
بينما قال المحلل السياسي لصحيفة هارتس براك ربيد:" إن موشية يعلون كان يعلم قبل الحرب بأيام أن غزة مقبلة على انفجار بسبب الحصار ولكنه لم يتدارك الأمر ولم يطلب مناقشة الوضع مع الحكومة.
تشكيل لجنة تحقيق رسمية
هذا وطالبت المعارضة الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالمثول أمام الكنيست خلال النقاش المقرر إجراؤه حول تقرير "مراقب الدولة" المتعلق بالحرب على قطاع غزة صيف عام 2014.
وقالت الإذاعة العبرية العامة إن "المعارضة قدمت طلبًا مذيلاً بتوقيع 40 نائبًا إلى رئيس الكنيست وفقا للأنظمة".
ودعا النائبان "ستاف شفير" و"عومر بارليف" من المعسكر الصهيوني لجنة "مراقبة الدولة" البرلمانية إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية عقب نشر تقرير المراقب حول الحرب على قطاع غزة.
ونشر مراقب دولة الاحتلال، أمس الثلاثاء، تقريره حول "إخفاقات" العدوان الأخير على قطاع غزة صيف عام 2014 وتضمن انتقادات شديدة لأداء المستويين السياسي والعسكري.
وجاء في التقرير الذي نشر بعد أشهر من الانتظار، أنه كان بالإمكان منع الحرب قبل وقوعها عبر قيام إسرائيل بخطوات سياسية وإنسانية اتجاه القطاع، بحسب ما نقل عن وزير الجيش السابق موشي يعلون.
وحسب التقرير والذي يقع في حوالي 200 صفحة (عدا الأجزاء السرية التي لم تنشر) أنه لم يعرض نتنياهو ويعلون بدائل سياسية لتجنب الحرب مع اطلاعهم على تقارير تدلل على مدى الضائقة الإنسانية التي يعيشها القطاع.
الجيش الإسرائيلي فشل في التعامل مع الأنفاق
وانتقد تقرير مراقب الدولة بحسب القناة الثانية العبرية، رئيس الأركان السابق بيني جينتس، ورئيس الاستخبارات السابق أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك السابق يورام كوهين.
وذكرت نتائج التقرير، أن الفشل الكبير هو في التعامل مع قضية الأنفاق، مشيرة إلى أن نتنياهو ويعلون وجينتس لم يهتموا بتهديد الأنفاق.
وأضاف التقرير أن الجيش لم يكن لديه معلومات أو استعدادات أو أي فكرة عن الأنفاق قبل الحرب، كما أنها لم تكن على سلم الأولويات الاستخباراتية.
وأظهر التقرير حول معالجة جيش الاحتلال للأنفاق، وجود نقص في المعلومات، وأن الجيش غير مدرب ولا يوجد لديه حل تكنولوجي للتعامل مع خطورة الأنفاق، فضلا عن تحديد طبيعة مخاطر الأنفاق، هل هي خطر استراتيجي أم تكتيكي.
وزعم أن الجيش الإسرائيلي دمر فقط نصف الأنفاق تقريباً، وبالتالي لم يستكمل المهمة.
وقال "مراقب الدولة" لنتنياهو: إن "عليك استخلاص العبر من التقرير بدل أن تقوم بتوجيه الاتهامات هنا وهناك".
وذكر "مراقب الدولة"، أن يعلون لم يشخص تهديد الأنفاق ولم يقدر بشكل جيد نوايا حماس ولم يطلع الكابينيت على ذلك.
وأشار إلى أن عاما كاملا مرّ دون عقد اجتماعات في الكابينيت تناقش مخاطر الأنفاق، لافتا في الوقت ذاته، إلى أن تهديدات الأنفاق ستظل تلاحقنا لمدة 25 عاماً.
المقاومة المسلحة هي الخيار القادر على حماية شعبنا
فلسطينيا، التقرير أثلج صدر المقاومة الفلسطينية، التي أثبتت أنها قادرة على الصدى لمنظومة العدوان الإسرائيلي في أي اعتداء قادم، وقالت حركة حماس: "إن الشعب الفلسطيني ومقاومته أثبت أنه يمكن هزيمة الاحتلال الإسرائيلي بالرغم من الترويج طوال السنوات الماضية بأنه جيش لا يقهر" .
وأضاف الناطق باسم الحركة حازم قاسم تعقيبا على تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي اليوم "أن المقاومة في قطاع غزة، وشعبنا الفلسطيني خاض ملحمة حقيقية في تصديها للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014، والقسام ومعها قوى المقاومة، كانت قادرة وما زالت على تحقيق الانجازات، وصولا للانتصار الكامل على الاحتلال الإسرائيلي".
وجدد قاسم وفق تصريح وصل "وكالة قدس نت للأنباء"، تأكيده على أن المقاومة وفي مقدمتها المقاومة المسلحة هي الخيار القادر على حماية شعبنا واسترداد حقوقه من الاحتلال الإسرائيلي.
بينما قال مسؤول المكتب الإعلامي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين داوود شهاب :" إن تقرير "مراقب الدولة" إقرار بفشل العدوان والحرب على غزة عام ٢٠١٤ .
وأوضح شهاب، أن المقاومة تأخذ بالحسبان الصراع الداخلي ومحاولات توظيف التصعيد والعدوان على الشعب الفلسطيني لخدمة الصراع بين الأحزاب الإسرائيلية ولذلك المقاومة تتأهب وتستعد لمواجهة أي عدوان، وأن المقاومة قادرة على مفاجأة الاحتلال والتصدي لأي عدوان وإفشاله .
وحذر شهاب، الاحتلال من أي محاولة لتصعيد العدوان على شعبنا وأرضنا لأن النتائج ستكون أكثر فشلا وهزيمة.
واعتبر د.سالم عطالله رئيس الدائرة السياسية لحركة المجاهدين تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، "اعتراف جديد بالفشل الذريع الذي مني به الاحتلال في حربه الأخيرة، وأكد عطالله على أن ثبات الصادقين من كتائب المجاهدين والقسام والسرايا وباقي الفصائل المقاتلة بالرغم من استخدام العدو القوة المفرطة ضد شعبنا".
وتابع عطالله قائلا "إن ما تشهده الساحة الإسرائيلية اليوم من أزمات قد يحمله قيادة الكيان على ارتكاب حماقات ضد شعبنا"، مؤكداً على أن المقاومة ماضية في تجهيزها وإعدادها والعبء يزداد عليها للحفاظ على نصرها الجلي.
وختم حديثه بدعوة الفصائل الفلسطينية للصف والالتفاف حول خيار المقاومة الذي يصون الأرض والعرض والمقدسات ويسترجع الحقوق.
إسرائيل.. ما لم يقله مراقب الدولة؟!
بدوره رأى المحلل السياسي والكاتب في جريدة الأيام هاني حبيب، أنه رغم الانتظار من قبل الإسرائيليين، كما الفلسطينيين لهذا التقرير، إلاّ انه لم يفاجئ أحداً بمضامينه التي تسربت تباعاً خلال الأيام الأخيرة قبل إصداره، وما بين أيدينا الآن من هذا التقرير الذي طالعناه، مجرد ملخص لما جاء في التقرير المطول
ونوه حبيب أن التقرير لم يتناول ميزان القوى بين دولة تمتلك أحد أكبر الجيوش في العالم والمزود بأحدث أنواع الأسلحة التي لا يمتلك حلف الناتو بعضاً من أهمها، وبين مقاومة مسلحة بسلاح خفيف وصواريخ محلية الصنع، ومع ذلك، كان هناك انتصار إسرائيلي باهت مشكوك في مدى اقتناع الجمهور الإسرائيلي بجدواه، خاصة وأن تلك الحرب استمرت لأكثر من خمسين يوماً.
وأضاف حبيب ، ان التقرير تناول مسألة الاتفاق، بحيث لم يتعامل الجيش الإسرائيلي مع تهديدها بالشكل المطلوب، حيث وجدت عيوب وتقصيرات كثيرة نتيجة لعدم جمع معلومات كافية عنها، إلاّ أن التقرير لم يذكر أن هذا التقصير لا يمكن تبريره، ذلك أن الجيش الإسرائيلي لم يستخلص العبر من حقيقة خطف جلعاد شاليت عن طريق نفق عام 2006، منذ ذلك الوقت، كان هناك ما يكفي للتصدي للأنفاق وبحيث تصبح جزءاً من العقيدة الأمنية، بالنظر إلى اتساع الظاهرة وتزايد مخاطرها، كان هناك إنذار واضح، وخطر محدق، رغم ذلك تم التغاضي عنه والتعامل معه بإهمال وتجاهل.
