القضية الفلسطينية هي القضية المركزية والمحورية في المنطقة، فكل من له مصالح ومطامع في المنطقة يضع القضية الفلسطينية في صلب مخططاته من أجل تمريرها والحصول على مآربه من خلال القضية الفلسطينية.
لذا تبقى القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع العربي الاسرائيلي وسر استقرار الهدوء وبسط الأمن في المنطقة، ولذلك طرأ التحول الايجابي لدي الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي بادر بالاتصال بالرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد أن وصل لقناعة أنه لا يمكن تجاوز القيادة الفلسطينية في أي حل سلمي بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، بعد أن طفت على السطح حالة الغموض في مواقفه تجاه القضية الفلسطينية في خضم التصريحات المتصلبة تجاه الفلسطينيين والداعمة للمواقف الاسرائيلية التي دلت على تبنيه لتلك المواقف المتعنتة وسكوته على ممارسات الحكومة الاسرائيلية وتحديداً في الحرب الاستيطانية وضربها بعرض الحائط لقرار مجلس الامن رقم 2334 ، هنا يمكن القول بأن المكالمة الهاتفية التي جرت بين ترامب وعباس جاءت لتبدد حالة الغموض حول السياسة الامريكية تجاه الفلسطينيين بعد جملة التصريحات الواضحة التي صدرت على لسان ترامب منذ بداية حملته الانتخابية حتى توليه مقاليد الحكم رسمياً والتي استمرت فيما بعد، وكلها كانت داعمة للمواقف الاسرائيلية، ليأتي هذا الاتصال ليغير نظرة القيادة الفلسطينية تجاه الادارة الامريكية، ويبعث قليلاً من التفاؤل في امكانية ممارسة الادارة الامريكية دور اساسي وايجابي في عملية السلام خاصة بعد توجيه دعوة من الرئيس ترامب للرئيس عباس لزيارة البيت الأبيض.
وهنا أصبحت الادارة الامريكية الجديدة على قناعة بأنه لا يمكن ايجاد تسوية سياسية بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي إلا من خلال الرئيس الفلسطيني كونه رئيساً للشعب الفلسطيني ورئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن الرئيس عباس رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في أي حراك سياسي قادم من شأنه حل الصراع العربي الاسرائيلي في الوقت الذي ضعفت فيه المواقف العربية تجاه الفضية الفلسطينية بعد ما حل بالمنطقة العربية من فوضى، وبالعودة لتغير المواقف الأمريكية فإنها جاءت بعد أن تصرفت القيادة الفلسطينية بحنكة وقابلت رزمة المواقف الامريكية المتصلبة بحالة من الهدوء السياسي لتثبت من خلالها أن الخيار الوحيد لديها هو المفاوضات السياسية لإنهاء حالة الصراع مع الطرف الاسرائيلي، وامتثالها لقرارات مجلس الأمن والتزامها بالمبادرة العربية للسلام.
ولعلنا نستذكر ما جاء في حملة ترامب الانتخابية من وعود لإسرائيل كنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ونعلم أن من سبق ترامب إلى البيت الأبيض قد قدموا هذا الوعد ولم يوفوا به واليوم يقدمه ترامب وسيكون بمثابة ورقة ضغط على القيادة الفلسطينية لإجبارها على العودة للمفاوضات مع الاسرائيليين، ومن جهة أخرى طالب ترامب الرئيس الفلسطيني العودة للمفاوضات مقابل تجميد اسرائيل للاستيطان في المستوطنات الجديدة، وهذا يتطلب توخي الحذر وعدم الافراط في التفاؤل بعد المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الامريكي والفلسطيني.
ومن دلالات المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الامريكي والفلسطيني وكان عاملاً مؤثراً في تغيير المواقف الامريكية هي زيارة العاهل الاردني للبيت الأبيض وهو الزعيم العربي الوحيد الذي زار البيت الابيض منذ تولي ترامب، وكان لها أثر ايجابي على مزاج ترامب تجاه القضية الفلسطينية سيما أن الحراك الأمريكي تبع هذه الزيارة، وتواصل الرئيس الفلسطيني مع العاهل الأردني قبل وبعد اتصال ترامب.
ولكن في غضون الحراك السياسي النشط لابد من اعادة النظر في السياسة الفلسطينية بدءاً بإعادة هيكلة الوفد الفلسطيني المفاوض في حال تم الاتفاق على عودة المفاوضات، وكذلك توفير الدعم السياسي والمعنوي اللازمين من الكل الفلسطيني لهذا الوفد والقيادة الفلسطينية لأنه لا يمكن انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي إلا من خلال المفاوضات، ولكن على أساس عدم التنازل عن الثوابت الوطنية وحقوق الشعب الفلسطيني ومبدأ حل الدولتين بعيداً عن تأثيرات الانقسام الفلسطيني حتى لا يكون شماعة تعلق عليها اسرائيل فشل المفاوضات مع الفلسطينيين.
بقلم/ أحمد شاهين