بداية لا يستطيع احد ان يحرمكم من نضالاتكم داخل المعتقلات الصهيونية وان كانت مطالبكم تختزل بمطلب ميدانية لتحسين ظروف معيشتكم امام سلوكيات اسرائيلية تعكس حالة الوجود للكيان الصهيوني على الارض الفلسطينية وما رافق ذلك من مقدمات ظالمة للشعب الفلسطيني ونتائج عصفت بكل القيم الانسانية والمنظومة الدولية وما صاغته الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية في جنيف حول حقوق الانسان وظروف الاعتقال وحالة الاسر وقواعدها وحياة الشعوب في ظل الاحتلال بما وفرته بعض البنود من حقوق للشعوب المحتلة في مقاومة الاحتلال .
ولكن نذكر اخي المناضل ان جميع حالات الافراج عن الاسرى كانت في غالبيتها صفقات بين المقاومة الفلسطينية في كل مراحلها والوانها السياسية وبين العدو بما عرفت صفقات التبادل .. والمقاومة فقط والكفاح المسلح وبرنامج سياسي ناضج يعبر عن البندقية هو الكفيل ان يرى كل اسرانا شمس الحرية .... ولكن اننا نقدر الظروف السيكولوجية التي تمرون بها وهي ظروف انحطاط في النظام السياسي والبرنامج السياسي وتأثيراته على حالة اسرانا ومستقبل وظروف حياتهم الا اننا نثق تماما بان شعلة التغيير ومن عواملها ومحفزاتها الاساسية قد تأتي من داخل المعتقلات الإسرائيلية ولان اسرانا عملوا دائما وبدون حسابات القسمة والضرب والطرح السائدة في الساحة ولذلك هم موجودين الان في داخل تلك المعتقلات ، ونذكر بوثيقة الاسرى التي يمكن ان تكون مرجعية للجميع اذا توافرت النيات الصادقة واستبعدت المؤثرات الاقليمية والدولية وان استيقظ اصحاب النهج السيء ومغامراتهم البانورامية والفاشلة ايضا ، بان عرفات قد تمرد على اوسلو وتطبيقاتها عندما اعلن وهتف من بوابات المقاطعة عبارته المشهورة "" عالقدس رايحين شهداء بالملايين "" وكانت الانتفاضة الثانية الذي انتم احد ابرز معالمها ومسببات اعتقالك للان وظاهرة كتائب شهداء الاقصى ....
القادة تصنعهم الجماهير والحاضنة الشعبية والتضحية التي يقومون بها من اجل شعبهم وليس العكس وانت الذي رفعتك الجماهير والحاضنة وفتح والحركة الوطنية لان تكون معبرا ومطالبا ومناضلا ومضحيا من اجلها ومن اجل قضيتها العادلة . وهذا ما تطمح به .
اخي مروان : كنا نتحدث عن مانديلا في جنوب افريقيا وكيف استطاع بحاضنته الشعبية كسر شوكة التمييز العنصري في جنوب افريقيا وحكم البيض المستوطنين والمستعمرين لبلادهم ، وعلمنا بشكل او باخر بانكم درستم بتركيز تجربة مانديلا في داخل السجون الاسرائيلية وقمتم بترجمة كتاب له مؤلف من اكثر 1200 صفحة ، وهنا وفي ظل هذه التجربة وانهيار حل الدولتين وبرنامج منظمة التحرير وانتم من اتيتم في ظل اوسلو وقناعتكم بحل الدولتين .... هل ما زالت قتعاتكم كما هي ...؟؟! والاحتلال اصبح له النفوذ والسيطرة والوجود على غالبية الضفة وبتعداد استيطاني يفوق 850 الف مستوطن ..؟؟؟ واصبحت اسرائيل تمارس الابارتهايد والتمييز والقتل والتهويد والاندماج الديموغرافي الذي يقترب من المدن الرئيسية في الضفة ..؟؟؟ وسيان كان الخيار حل الدولتين او الدولة الواحدة فهناك متطلبات ومتغيرات قد نبتعد عن الكلاسيكيات المعتادة في التعامل مع الصراع والخطاب السياسي والنهج السائد الذي يأخذنا من خسارة الى اخرى اكثر مرارة وامرها الانقسام وسيناريوهات تستهدف الودود الوطني والجغرافي ووحدة الشعب الفلسطيني .
اعتقد ان كل تلك التساؤلات قد اخذ حيز من تفكيركم ولكن ... هل اضرابكم عن الطعام الان هو مقدمة لتنظيم الحالة والحاضنة الشعبية ولبرنامج شعبي يكسر الحالة الكلاسيكية للفصائل والسلطة من اجل توفير ارض خصبة لخيارات اخرى اكثر جدوى في التعامل مع الصراع .... ام هي تجربة ميدانية ستنتهي بشكل او باخر ...ولكن امام المطالب الوطنية للقادة واي سلوك يجب ان يخضع للربح او الخسارة وهي قاعدة يتم التعامل فيها اقتصاديا وسياسيا وامنيا ايضا واقول وطنيا ... نحن نحتاج لسقف مطالب اكبر من ذلك وخاصة ان القاعدة الشعبية وما تكتسبونه من ثقتها متوفرة الان .
نتحدث عن مقاومة شعبية ناضجة بكل عناصرها .... نتحدث عن عصيان مدني ... نتحدث عن الاخلال في موازين الامن ومعادلاته ..... نتحدث عن تكاليف يمكن ان يدفعا الاحتلال وهي باهظة في كل الحالات والسيناريوهات والتي تم إعفاؤه منها بسلوكيات السلطة ومدرستها . نتحدث عن لقاء وطني شامل تفرضه الهبة الشعبية لقاء المقاومة الشعبية ووحدة الوطن والبرنامج في الضفة وغزة على قاعدة عدم التنازل عن أي متطلبات وطنية سواء مرحلية او استراتيجية .
اخي مروان ، ان الحالة الفلسطينية الان ممهدة وعلى ابواب الاصلاح بكل جوانبه او السقوط الكامل وليس النسبي ، فهناك حالتين يجب الاقتداء بهما حالة مانديلا وسلوكياته ونهجه وانت الذي رشحتك الجماهير للقيام بها وحالة مارتن لوثر كنج ويستطيع ان يقوم بها الاخ محمد دحلان والتي بدأها بمقاومة التمييز والاضطهاد ضد جزء اصيل من بقايا الوطن " غزة" وهو الذي يلعب دور رئيسي في تعزيز الصمود لأهلنا في المخيمات سواء داخل الوطن او خارجه ، واطروحاته الوطنية التي تجاوزت منطق الفصيل لتنطلق الى الحالة الوطنية بشموليتها وطنييها واسلامييها وان كنت متحفظا على هذا المصطلح الشائع فكل القوى في الساحة الفلسطينية هي قوى وطنية اولا وثانيا .
لقد حققت اخي مروان اعلى الاصوات فيما يسمى المؤتمر الحركي السابع ، وقامت مكيفات القوى للرأس مال الاقطاعي في قيادة فتح باعتقال معنوي وضمني لتلك الاصوات وهمشوك تحت مبررات تكشف شخصياتهم المخلولة والمرتجفة والتي تتوجس رعبا من نتنياهو وقادة اسرائيل ان حملت احدى الحقائب والمهمات .... ولكن استطيع القول وكما ابعدوا محمد دحلان هم حريصين ايضا على ابعادك ولأنكما انتما الشخصيتين القادرتين على لملمة فتح من انفراطها ولملمة الحالة الوطنية . بل المطلوب تشتيت طاقاتكما لسيناريو لا يلبي الا مصالحهم واستقرارهم في مراكز نفوذهم بصرف النظر والحسابات عن ماذا يريد الشعب الفلسطيني والحلم الفلسطيني .
كثير من القول اخي مروان : وكثير مما يمكن التحدث فيه عن سلوكيات الاقصاء والابعاد لكم وللأخ محمد دحلان ، ولكن بفوتكما وبالحاضنة الشعبية التي تحيط بكما يمكن ان تصنعا الجديد للشعب الفلسطيني وللحالة الوطنية والبرنامج السياسي فما احوجنا لنلسون مانديلا ومارتن لوثر كنج.
بقلم/ سميح خلف