الجهود الاقليمية والدولية التي تبذل من أجل الوصول الى حل للقضية الفلسطينية، بالتأكيد هي معقدة، وتأتي في وسط غيوم عربية سوداء تُسقط تباينات وخلافات وأزمات ودماء ومعارك، وليس بعيد عنا الأزمة الحالية المتدحرجة بين الدول الخليجية وقطر.
تلك الجهود يجب أن تنتبه جيداً أن المقترح الاسرائيلي وربما بموافقة أمريكية، عبارة عن التطبيع قبل الحل النهائي، وهذا موضوع التفافي وخطير، وتداعياته لا يمكن أن تقف عند حد أو يتوقع أحد أن تلتزم "إسرائيل" بكافة مراحله، كما تتصرف في كل مرة، فالحل الرئيس يتمثل في إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وأن يكون لها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وتتمتع بالسيادة على مواردها وماءها وسماءها وأرضها، ومن ثم لكل دولة حساباتها وخارطة تعاملها الاقليمي والدولي، مع العلم أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، ومن هنا فإن الحلول الجزئية الجغرافية والمؤقتة والالتفافية للقضية الفلسطينية، وجه آخر للتطبيع، لن تقدم حلولا، فهي أشبه بمسكن قوي جدا لمريض بالسرطان، سرعان ما يطل الوجع مرة أخرى ويلزمه جرعات أكبر وأقوى حتى الوصول الى عدم الاستجابة،
إن "إسرائيل" هي المتسبب الأول والوحيد في فشل كل تلك الجهود، وتعمل وفق منظومتها العنصرية لإنكار الحق الفلسطيني والتغول والاستيطان في أرضنا، وتخرج من صلب الموضوع إلى هوامش لا علاقة لها بالحل النهائي، فاشتراطاتها بالاعتراف بالدولة اليهودية، املاءات مرفوض مجرد الحديث فيها، فلتسمي "اسرائيل" نفسها ما شاءت ولكن دون أن تفرض ذلك على ثوابتنا وقدسية قضيتنا ومقدساتنا وحق العودة واللاجئين وتقرير المصير، فهذه المحاولات الاسرائيلية المكشوفة، تضع الجميع في مسؤولياتهم وحساباتهم ومستقبل هذه المنطقة، والإدراك التام أن تجاوز القضية الفلسطينية لن يكتب له النجاح ولن يكون هناك أي استقرار او امن او تطور وتقدم الا من بوابة انهاء الاحتلال واعادة الحقوق الفلسطينية، وتقديم التطبيع على الحل النهائي، كارثة يتحمل مسؤوليتها التاريخية والجغرافية والأمنية كل من يوافق عليه.
بقلم/ د. مازن صافي