لعبة السياسة بين فتح وحماس والشعب ضائع بين الطرفين

بقلم: أحمد الأسطل

جاءت خطواته جادة هذه المرة والكل يكتم أنفاسه في قطاع غزة لينتظر الخطوة التي يليها، وبكل تأكيد يسوق لفكره بأريحية شديدة وهم كذلك، والشعب من وقع وما زال يقع في حبائل الشيطان ومكائد الساسة، وليتهم يشعرون به ألما وهما وضيقا وغما، وليتهم يحدقون بأعينه ألف ألف مرة قبل أن يتخذوا قرارا بمصيره ولكن هيهات هيهات، وهيهات لا تجدي في ميزان المصالح شيئا.
يفكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمحاصرة حركة حماس القابضة على مقاليد السلطة بقطاع غزة، ويفكرون هم بمحاصرته ويلعبون جميعا لعبة الشيطان في التفريق بين الزوج وزوجه أو الأب وأبنه وغيرهما الكثير ممن يقاس عليهما.
ذرفت دموع الأبرياء، وشحت دموع الشيوخ، وسالت دموع الشباب دما فيما ينتظر مستقبلهم ولا زالوا يعطون هذه القاعدة التي أفرزتهم ظهرهم ولا يعبئون.
تكلمنا السيد رئيس السلطة الفلسطينية وحركة حماس كثيرا واستجديناكم كثيرا سابقا وحاليا ولاحقا، ونتمنى أن تسمع صرخاتنا التي يخرج وقعها من قاع سحيق، ولكن يبدو أننا بكم يخيل لنا لغة الكلام أو أنتم صم لا تسمعون.
على كل بدأت الحرب الباردة بين سيادة الرئيس محمود عباس وحركة حماس، وجاءت الخطوات تباعا حيث يأتي قرار الرئيس بإحالة بعض الموظفين للتقاعد ردا على تشكيل حماس للجنة الإدارية العليا التي لا تريد أن تلبي مطالبه بحلها اعتقادا منه أنها ترسخ حالة الانقسام لتصبح انفصالا، وفي الوقت نفسه هي تعتقد أنها ملأت شاغرا موجودا بعدم التزام حكومة التوافق وفقا لقولها.
فيما سبق طالبت السيد يحيى السنوار رئيس حركة حماس في غزة بحل اللجنة الإدارية العليا كبادرة حسن نية تقدم هدية للشعب الفلسطيني بغزة وتضع الرئيس الفلسطيني وفق مسؤولياته الوطنية بل وتحرجه، ووضع برنامج زمني لحكومة التوافق لحل أزمات غزة، وما زلت أطالبها بذلك، ولكن ما جاء في خطاب رئيس المكتب السياسي الأخ إسماعيل هنية عكس ذلك تماما، ولربما ما دفع هذه سياسته قوة إبرام حركة حماس تفاهمات بينها وبين محمد دحلان بمنأى عن حركة فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس ما زاد الأمور تعقيدا.
ولا شك أن لغة العض على الأصابع التي يمارسها الطرفان مل منها الناس، ويجب من الجميع برهنة اهتمامه بالقاعدة الشعبية المرهقة على المستوى النفسي والمادي ناهيك عن إرهاقها على المستوى الوطني.
وجاءت إجراءات الرئيس لدفع حماس عن انقلابها وفقا لقوله فجاءت أزمة الكهرباء وتقلصت نسبتها إلى ما دون النسبة المتواضعة، بل وتم حرف ملفها إلى مصر وهذا خطأ كبير اتخذته حركة حماس قد يدفعنا لتغيير مصير الهدف والهوية، وما زلنا نسمع إلى اليوم سياسة التقاعد التي تنتهجها حكومة رامي الحمد الله في جانب العسكر والمدنيين.
ويبدو من حواره مؤخرا مع التلفزيون التونسي يبرر سياسته هذه مع حركة حماس لدفعها عن انقلابها على حد قوله، ويتكلم عن قيامه بجزء من هذه الإجراءات التي في جعبته، ويبدو أنه ما زال يستخدم مع حماس منطق لين الشدة وشدة اللين ويغازلها، ولكن في الوقت نفسه جاد في سياسته ولذلك فإن السيناريوهات المتوقعة في حال فشلت سياسته في احتواء حركة حماس أو ما إذا بقيت حماس في تجاهلها هي إحالة موظفي غزة للتقاعد، وحل المجلس التشريعي، والإعلان عن انتخابات عامة رئاسية وتشريعية وعقد مؤتمر وطني لفرز قيادة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني، وبالتالي تشكيل قيادة جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولو كانت هذه الإجراءات كلها من طرف واحد ومن ثم إعلان غزة إقليم متمرد.
ما زال الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكأن لسان حاله يدعو الطرفين لتغليب المصلحة العامة على الخاصة كخطوة مهمة في مد جسور الثقة، والتوجه لبناء حياة كريمة للفئات المهمشة في المجتمع بفعل الانقسام.
أحمد أحمد مصطفى الأسطل
كاتب ومحلل سياسي