ثمة ما يجب قوله عن استحقاقات مرحلة واستحقاقات متغير اتت به رياح عملية القدس والاجراءات الاسرائيلية في بيت المقدس، وبروز مرجعيات دينية وشعبية تقود المواجهات والاحداث تتجاوز السلطة وان كانت بعض المرجعيات الوقفية كانت بتنسيق مع المملكة الاردنية الهاشمية الوصية على المقدسات بموجب اتفاق وادي عربة واتفاق خطي بين الرئيس عباس والمملكة الاردنية ، الا ان السلطة اصابها الذهول والصدمة من تصاعد المواجهات وفرض الارادة الشعبية عن غيرها الرسمية وان حاولت بعض الجهات ان تنسب لنفسها تراجع الاسرائيليين عن اجراءاتهم التهويدية سواء على المستوى الاقليمي او الدولي ولكن بالشكل البارز فان ارادة اهل المقدس ومرجعياتهم كانت الابرز والتي جعلت جميع القوى الاقليمية تنذر وتحذر من هبة شعبية سيتضرر منها الجميع.
السلطة الفلسطينية ورئيسها شعرت بالذعر من ناحية والاحراج من ناحية اخرى ولسببين مهمين بانها شعرت بتجاوزها على المستوى الاقليمي وعلى المستوى الميداني وظهور علاقة ميدانية بين دائرة الوقف والاردن اما السبب الاخر فان السلطة ان لم تتحرك كمسؤولة عن شعبها تفقد ما تبقى لها من شرعيات على المستوى الشعبي والرسمي او من اوراق ان تطورت الحالة في القدس وبالتالي قد تكون السلطة التقت مع القوى الاقليمية في شيء واحد ان تطورت الاحداث فان تطورها لا يهدد السلطة فحسب بل دول الاقليم وينزع الاستقرار الذي عملوا عليه منذ اتفاق اوسلو .
استشعر الرئيس الفلسطيني خطورة الموقف والحالة وبالتالي قام بإعداد حالة طوارئ لفتح وهي حزب السلطة ومخزونها في مفترقات الطرق وهي رسائل لنتنياهو ودول الاقليم بان اوراق اللعبة والقوة ما زالت في ايدي السلطة كمحرك ميداني ورسائل تذكر بالانتفاضة الاولى والثانية وكتائب شهداء الاقصى ومعركة جنين التي خاضتها الكتائب مع قوات الاحتلال ومدى خطورة ان تدخل فتح في معارك المواجهة المباشرة مع اسرائيل .. كان هذا الهدف من تجميد التنسيق الامني المرهون بتراجع اسرائيل عن اجراءاتها في الحرم . وهذا بالفعل ما حذرت منه اجهزة امن اسرائيل ونصائحها للكابينت ولنتنياهو .
ربما شعرت السلطة ورئيسها بالعزلة في احداث القدس ولذلك قالت للجميع "" نحن هنا "" والان اسرائيل تراجعت ... فهل يتراجع الرئيس عن تجميد التنسيق الامني وبالتالي تأمن اسرائيل ان لا يذهب عشرات الجنود الاسرائيليين قتلى على ايدي المقاومة ..؟؟ ام سيستدرك الرئيس ان هناك زحف اقليمي وتفاهمات بين دول الاقليم واسرائيل تجرد السلطة من مسؤولياتها عن الشعب الفلسطيني ، ويستمر في تجميد التنسيق الامني ، ام سيكتفي بذلك ويتراجع في انتظار صفقة القرن الترامبية التي تميل الى الحلول الاقليمية الشاملة ولا تميل لحل وطني فلسطيني في النزاع مع الاحتلال..؟؟
اعتقد فهم الرئيس ان الرافعة الحقيقية هو المخزون الشعبي والفتحاوي لاستمرار وجود السلطة ومسؤولياتها عن الشعب الفلسطيني ومواجهتها لكل المتغيرات المحتملة ، والعتاد والتصلب في المواقف السابقة سيعطي ضعفا للسلطة ولن يمكنها من مواجهة ما هو قادم : ولذلك امام الرئيس خطوات يجب السير فيها :-
1- على المستوى الفتحاوي : اثبتت ازمة القدس بان فتح وقوتها هي مخزون دفاعي وهجومي ايضا للسلطة ومنظمة التحرير واعادة قامتها النضالية ووحدتها من اهم المتطلبات المعالجة لفتح وللحالة الوطنية ، مما يحتم استدراك خطورة كل القرارات السابقة التي صدرت بحق قادة وكوادر من فصل وترقين قيد واستبعاد وتشويه والتي نتج عنها اضعاف حركة فتح ، وبالتالي الرجوع عن تلك القرارات مهم واعادة الاعتبار لتيار عريض وعلى رأسهم عضو اللجنة المركزية محمد دحلان وعضو المجلس الثوري سمسر المشهراوي ، الهدف تحقيق وحدة فتح وأعادتها لمربع القوة وصناعة الحدث والمتغير لا ان تتلقاه .
2- العمل الحثيث اعادة الاعتبار للحركة الوطنية الفلسطينية ووقف المناكفات والاستهداف لبعض الفصائل
3- المتغير القادم الذي يمكن ان تتعرض له الساطة ومنظمة التحرير والقضية الفلسطينية يتجاوز الانقسام وحيثياته وبالتالي الاسراع في نظرية قبول الاخر بالالتزام المشترك بين السلطة والرئيس من ناحية وحركة حماس والالتقاء بقواسم مشتركة ولان الجميع مستهدف
4- ان كانت تفاهمات القاهرة بين قطب من فتح وحماس يجب ان تكون مؤسسة لتفاهمات اشمل بين فتح الموحدة وحماس وبالتالي نكون قد قفزنا عن حيثيات الانقسام وبدون تعقيدات
5- الارتكاز سياسيا ووطنيا على عدة مبادرات وطنية اطلقها الاخ محمد دحلان واخرها دعوته في المجلس التشريعي للقاء وطني عاجل للاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية للاتفاق على برنامج يضع المعالجات اللازمة للمرحلة ويؤسس للقاء وطني يفعل الشرعيات الفلسطينية سواء تشريعية او تنفيذية .
6- وقف جميع الاجراءات المتخذة بخصوص غزة من قطع رواتب وكهرباء وصحة واسرى وشهداء وتقاعد مبكر لن تلك الاجراءات تضعف الجسم الوطني ككل في تلك المرحلة والمراحل اللاحقة
فل تكن القدس بكل ما صنعته هبتها من متغيرات محل دراسة وتمعن ، فالنظام السياسي الفلسطيني وفصائله جميعا والحركة الوطنية امام اختبار الان والزمن وتقاطع المصالح لدول الاقليم لن تأخذ بعين الاعتبار هموم شعب منقسم وغير موحد.....
سميح خلف